"أعمدة الشخصية المصرية".. نص خطبة الجمعة من "الفتاح العليم"

كتب: أحمد حامد دياب

"أعمدة الشخصية المصرية".. نص خطبة الجمعة من "الفتاح العليم"

"أعمدة الشخصية المصرية".. نص خطبة الجمعة من "الفتاح العليم"

ألقى الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، خطبة الجمعة الثالثة بمسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة.

وقال الأزهري، في خطبته: "لقد تحدثنا في الخطب الماضية من رحاب منبر مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة لأرض الكنانة مصر فأطلقنا في الخطبة الاولى شعار فجر جديد يشرق من أرض مصر وبشرنا الدنيا بأكملها أن هذا العام عام فتح وتوفيق وسداد من الله تنطلق فيه من أرض الكنانة مصر إلى الدنيا باكملها بشائر نور جديد وخطاب ديني جديد يتفهم مقاصد الشريعة ويقرأ الوحيين الشريفين كتاب وسنة قراءة مستبصرة فيهتدي إلى ما أودعه الله تعالى في محكم كتابه من جميل المعاني وشريف المقاصد من بناء الحضارة والتمدن والعلم والحكمة والمعرفة".

وتابع: "خطاب ديني يسمعه العالم كله ليرى ما في هذا الدين من النورانية والربانية والحكمة والبصيرة ثم اخترنا في الخطبة التالية قضية الأوطان وأطلقنا مبادرة أسبوع الوطن ونادينا في كل المؤسسات العلمية والفكرية والثقافية في العالم العربي والإسلامي، والعالم كله أن نخصص أسبوعا تمتلئ فيه مجالسنا ومدارسنا ومنتدياتنا حبا للوطن وحديثا عنه، ثم انتقلنا في خطبة تالية إلى مكانة مصر من بين الاوطان كلها وأن الأوطان بأكملها أن كانت محبوبة أبدًا على الدوام، فإن أرض مصر هي درة الأوطان وهي تاجها ولمصر من بين الأوطان خصوصا الحب الزائد لمكانها ومكانتها وتاريخها وعلمائها وللخير الذي قدمته للبشرية عبر العقود والأزمان".

وأضاف: "ننتقل اليوم من الحديث عن المكان إلى الحديث عن الإنسان وأتحدث هنا عن الانسان المصري أيها الانسان المصري العظيم لقد بنيت شخصيتك ونسجت عبر التاريخ من موارد فريدة لا تتاح لغير هذا الوطن ولا لغير هذا المكان، ولقد تأملت الاعمدة التي تبنى عليها شخصية الإنسان المصري النبيل فوجدت أن هناك عددًا من الاعمدة وسأذكرها سردًا على وجه السرعة ثم نخصص لكل عنصر منها خطبة مستقلة، العمود الأول الإنسان المصري انسان متدين بطبعه هكذا كنا نقول عبر الزمان الماضي لكن طرأت صور من التدين المغلوط الذي يدمر مقاصد الشريعة وينقض العهود ويروع الآمنين من خطابات تيارات التطرف على اختلاف أسمائها وراياتها فنحن أحوج ما نكون اليوم إلى اعادة تعديل العبارة لتكون معبرة عن الإنسان المصري العريق، تعبيرا صحيحا، فنقول أن العمود الأول من شخصية الإنسان المصري أنه متدين تدين يصنع الحضارة والهرم الأكبر كان منتج ديني لخدمة قضية الأخرة وتكريم الموتى لكنه تدين دفع الإنسان المصري إلى الإبداع والسبق في العلوم الرياضية والمعمارية والهندسية، فاذا بالتدين على يد الإنسان المصري قد صار صانعً للحضارة وقل مثل ذلك في جامع السلطان حسن هرم مصر الرابع عبقرية البناء والمعمار الفريدة وقل مثل ذلك في كل صور المعابد والسبل والأديرة التي عمرت بها أرض مصر في مشارقها ومغاربها، الإنسان المصري في تدينه ربما طرأ عليه شيئ من سلوكيات الحياة المعتادة لكن عمق تدينه يبرز إذا طرقه أمر من الشداد فإنك تجد أن جوهره قد تألق من جديد يأوي إلى ربه ويستمد منه ويحتمي به ويمتلئ وجدانه يقينًا الانسان المصري متدين تدين يصنع الحضارة".

واستطرد: "العمود الثاني الإنسان المصري واسع الأفق رأي الدنيا بأكملها تأتي لبلده من الحجاج الافارقة والمغاربة وطلاب العلم الذين يأتوا للأزهر من المشرق والمغرب فنشأ الإنسان المصري يدرك أن بلده أم الدنيا وأنها تنور الدنيا وأنها تعلم الدنيا وأنها تقدم البر والعطاء والنورانية إلى الدنيا، فالعمود الثاني أن الانسان المصري واسع الأفق ليس بضيق الفكر وليس بمنغلق على ذاته وليس بمنكفء على أزماته إنسان متدين تدينًا يصنع الحضارة ثم هو إنسان واسع الأفق، والعنصر والعمود الثالث أن الإنسان المصري إنسان معمر منذ أن شيد المعابد والمساجد والكنائس والهياكل العظيمة والقنوات والمدن إلى جيلنا هذا الذي نرى فيه الفلاح المصري البسيط الذي يحدثك من أماله وأنه يطمح أن يدخر ليبني بيتًا فمازالت قضية البناء والعمران حاضرة تملئ الانسان وتدفعه وتحركه وتجعله انسان شغوف بالعمران محبا له مقبل عليه".

وقال الأزهري: "العمود الرابع أن الإنسان المصري إنسان قوي في روحه وفي ثقته في ذاته قوي في عقله وفي فكره قوي في تاريخه وفي إرادته وفي مقدرته على اجتياز أزماته، والعمود الخامس أن الإنسان المصري إنسان قائد ورائد عرف وظيفته وأدرك دوره أنه يمد يده لأشقائه من الأوطان العربية والإسلامية وإلى الدنيا كلها دوره أن يكون قائد والقائد خادم لكل من حوله يمد لهم يد الحب والبذل والعطاء يجير المنكسر ويأوي الضعيف ويساعد المنتهض قائد ورائد أدرك أنه لا عز له إلا بأشقائه المحيطين به قائد ورائد، العمود الذي بعده أنه إنسان شغوف بالعلم محبا للإبداع شيد المدارس وبنى معاهد العلم والتعليم وأبدع في العلوم وبنى الأزهر الشريف وشيد الجامعات وخرج منه العباقرة والمفكرون والكتاب الذين شهدت لهم الدنيا بجودة الفكر وصفاء الأفق وسعة المعرفة متدين تدين يصنع الحضارة إنسان واسع الافق انسان محب للعمران، قوي، قائد ورائد، شغوف بالعلم، ثم يأتي العمود التالي أن الانسان المصري في حقيقته انسان يقدم الخير للانسانية حتى ياتي الدبلوماسي البريطاني هارولد ماكمايكل فيقول في مذكراته أبحرت جنوبًا مع النيل إلى الخرطوم إلى أكواتوريا المديرية الاستوائية في منتصف القارة الأفريقية فما وجدت بناء من الحجر إلا وقد شيده المصريون المساجد والمدارس ونقط الشرطة وثكنات الجنود ومحطات المواصلات ومحطات الري كلها بناها المصريون لأن الإنسان المصري صنع من صغره على أن يكون مقدمًا للخير للإنسانية ونحن نقدم هذا الخير لأشقائنا على وجه الحب وعلى وجه البذل وعلى وجه بسط اليد للتعاون".

وخطب مستشار رئيس الجمهورية: "العنصر التالي أن الأنسان المصري وطني صاحب انتماء محب لتراب بلده لا تهون عنده في وقت من الأوقات يدرك قيمتها وقدرها ويفتديها بروحه ونفسه، ثم يأتي بعد ذلك عنصر أخير وهو ان الانسان المصري من مجموع ذلك كله إنسان متوازن متوسط معتدل فيقول العبقري جمال حمدان اننا لا نبالغ ولا نعرض خطاب فيه تبسيط ولا تسطيح إذا قولنا إن التوازن والاعتدال والتوسط أبرز السمات الأساسية لشخصية مصر وللشخصية المصرية".

وختم الأزهري: "نفتخر بان نقدم للدنيا كلها إنسان مصري جمعت له هذه الخصال واجتمعت له تلك المفاخر يحمي وطنه ويخترق أزمته ويتحدى مصاعبه ثم يبسط يده للدنيا كلها بالخير والعطاء".


مواضيع متعلقة