مصطفى محمود.. عاش ومات زاهداً والدولة تجاهلت توثيق تراثه العلمى
![مصطفى محمود](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/39849621548872860.jpg)
مصطفى محمود
عود سقطت أوتاره على سرير عتيق وبجواره مسبحة خشبية ونظارته البنية الشهيرة التى كان يرتديها فى لقاءات العلم والإيمان، ومقعد هزاز وتمثال أفريقى أهدته إليه إحدى قبائل أفريقيا وتمثال آخر لمنزل صينى وثالث فرعونى للكاتب المصرى القديم كان هو الأقرب إلى قلبة لأنه يشبهه كثيراً على حد وصفه.
فى منزل لا تتجاوز مساحته 60 متراً مربعاً بجوار مسجده الذى بناه فى منطقة المهندسين وألحق به مؤسسته الخيرية قضى الدكتور مصطفى محمود 20 عاماً من حياته زاهداً فى متاع الدنيا مكتفياً بعلمه وكتاباته وتلسكوبه الذى كان يقضى لياليه يراقب من خلاله الأجرام والنجوم السماوية، كان سابحاً فى ملك الله متأملاً فى الكون الفسيح الذى يشهد على عظمة الخالق وضآلة المخلوق.
داخل المنزل البسيط صالون قديم كان شاهداً على جلسات كثيرة جمعته مع إحسان عبدالقدوس وصلاح جاهين ومحمد عبدالوهاب ورموز الفن والفكر، ومجموعة من التماثيل نحتها محبوه، وتزين المنزل مجموعة من مؤلفاته مثل «حوار مع صديقى الملحد» و«الروح والجسد» و«أينشتين والنسبية» و«رأيت الله»، بخلاف دروع وتكريمات من مؤسسات عدة كان يرفض قبولها أغلبها فى حياته وبعضها أرسل له بعد وفاته. «كان أطيب من قابلت فى حياتى لم يكن يرتاح إلا بعد أن يتأكد أننى وأبنائى أكلنا مما يأكل، وساعدنى كثيراً حتى عند زواج أبنائى كان الداعم الوحيد لى بعد وفاة زوجى»، هكذا وصفته مساعدته أم محمد التى سهرت على خدمته طوال 20 عاماً، مضيفة: «كان يجمعنا ويدندن على العود وأعرف أنه متسلطن حين أسمع نايه يطربنا بمعزوفاته الشجية».
ابنته: والدى كان محبوباً على المستوى الشعبى.. ولم ينل التقدير الرسمى المناسب
«كان فى غاية التواضع لم يكن حريصاً على متاع الدنيا وكل ما كان يحصل عليه سواء من حلقات العلم والإيمان أو من مؤلفاته كان ينفقه على فعل الخير، ولم يكن يترك لنا سوى ما يكفى، كان يعلمنا أن قيمة العطاء أهم قيمة وفرحة محتاج بسد حاجته أهم من فرحتنا بملابس جديدة» هكذا تحدثت عنه ابنته أمل بكل فخر، وتابعت: «حاولنا قدر استطاعتنا الحفاظ على مقتنياته كما تركها ولا أزال أحتفظ حتى الآن بمقالاته ومسودات كتبه التى خطها بيديه وملابسه ومنزله الذى شهد سنين عمره الأخيرة كما هى، والمنزل مفتوح لزواره ومحبيه وبالفعل تحول المكان لمتحف يجاور متحفه الذى أسسه ويحوى مجموعة نادرة من الفراشات وصخور جيولوجية من أرض مصر الغنية تروى كل منها قصة ما كانت عليه أرض الأجداد جمعها طوال حياته وكانت نواة لأبحاثه ودراساته»، وأضافت: «لم تعرض علينا أى جهة إقامة متحف لمصطفى محمود أو حتى توثيق مقتنياته، ولو عُرض علينا سنرحب بشدة وسنوفر لهم بعض مقتنيات والدى، وإن كنت من خلال علاقتى بابنة نجيب محفوظ أعرف أن هذا الأمر ليس بالسهولة المتوقعة ويحتاج لصبر أيوب بسبب التعقيدات الإدارية والطلبات غير المنطقية، ورغم أنى أعلم أن والدى كان محبوباً على المستوى الشعبى إلا أنه لم ينل التقدير الذى يستحقه على المستوى الرسمى».