واقع الأطفال يرسم ملامح الوجود العربى فى «أوسكار».. و«Roma» على بعد خطوات من التاريخ

كتب: نورهان نصرالله

واقع الأطفال يرسم ملامح الوجود العربى فى «أوسكار».. و«Roma» على بعد خطوات من التاريخ

واقع الأطفال يرسم ملامح الوجود العربى فى «أوسكار».. و«Roma» على بعد خطوات من التاريخ

مفاجآت عديدة غير متوقعة حملتها النسخة الـ91 من جوائز أوسكار، بعد إعلان قوائم الترشيحات النهائية فى 24 فئة يتنافس عليها مجموعة كبيرة من أبرز صناع السينما حول العالم، ليبدأ العد التنازلى لحفل توزيع الجوائز الأشهر فى العالم، والذى ينطلق فى 24 فبراير المقبل.

حصد فيلما «The Favourite» للمخرج يورجوس لانثيموس، و«Roma» للمخرج ألفونسو كوارون، نصيب الأسد فى الترشيحات لـ10 جوائز لكل منهما، ولكن المفاجأة كانت بالنسبة لـ«Roma»، لتكون تلك المرة الأولى التى يترشح فيها فيلم لـ«Netflix» لجائزة أفضل فيلم، حيث أنفقت ما يقرب من 20 مليون دولار على الدعاية للفيلم ليكون موجوداً فى موسم الجوائز، حيث سبق وترشح «Mudbound» لـ4 جوائز أوسكار عام 2018، دون فوز واحد، ويرى البعض أن ترشح «Roma» لهذا القدر من الجوائز، يعزز مكانة شبكة «Netflix» كقوة رئيسية فى صناعة الأفلام البارزة، ومع ترشيح بطلة الفيلم ياليتزا أباريسيو لجائزة أفضل ممثلة، أصبحت أول ممثلة من السكان الأصليين التى يتم ترشيحها لتلك الجائزة، والمكسيكية الثانية بعد سلمى حايك عن دورها فى فيلم «Frida» عام 2002.

يعتبر الفيلم الذى تدور أحداثه بالأبيض والأسود، مستوحاة من حياة المخرج الشخصية، حيث يعيد تقديم حياة «ليبو» الخادمة التى كانت تعمل لدى عائلته فى فترة طفولته، وهناك تشابه بين حياة مرشحة أوسكار ودورها فى الفيلم، الذى تقوم فيه بدور «كيلو» التى كانت تعمل خادمة ومربية لدى عائلة من الطبقة المتوسطة فى حى «روما» وتتداخل حياتها بصورة كبيرة مع حياة تلك العائلة، وفى الواقع نشأت «أباريسيو» مع والدتها العزباء التى كانت تعمل كخادمة، ولفتت إلى ذلك فى حوارها مع مجلة «Variety»، «ذكرتنى الشخصية بأمى، عندما أخبرنى ألفونسو عن ماضى ليبو وكيف كانت جزءاً من عائلته، تذكرت عمل أمى وكيف كانت علاقتها بالأطفال الذين اعتنت بهم، ولكن حقيقة أن كوران كان يعرف ليبو جيداً جعلنى أشعر بالتوتر، لم أكن أعرف ما إذا كان بإمكانى أن أعطى الحياة للشخصية بالطريقة التى يتخيلها».

{long_qoute_1}

وعن الطريقة التى عثر فيها المخرج ألفونسو كوارون على بطلة الفيلم التى خاضت تجربتها التمثيلية الأولى على الإطلاق، أوضحت: «نشر عدد من الأشخاص فى مجتمعات السكان الأصليين ليقوموا بتجارب أداء، لقد حالفنى الحظ أن أحد تلك الفرق جاء إلى مدينتى، وعندما علمت شقيقتى بأمر تجارب الأداء دفعتنى للذهاب، وعندما وقع الاختيار على عدت إلى المنزل وأخبرت أسرتى، وكنا جميعاً فى حالة صدمة، لم نكن نصدّق ذلك حقاً، سألنى إخوتى كيف ستفعلين ذلك، لأننى خجولة جداً»، وتحدثت «باريسيو» عن طريقة تغلبها على خوفها وخجلها، موضحة: «فى البداية كان الأمر مخيفاً، لكن كان علىّ التظاهر بأن الكاميرات لم تكن موجودة، ومع مرور الوقت، أصبحت أجيد ذلك، عندما كنت أتخيل أننى بمفردى، وأقوم بمهامى اليومية».

وأشارت «ياليتزا» إلى أن مشهد إنقاذها للأطفال من الغرق فى المحيط كان من أصعب المشاهد بالنسبة لها فى الفيلم لأنها لا تستطيع السباحة ومشاهدتها للمحيط على اتساعه أخافتها، ولكن الثقة التى أعطاها لها المخرج مكّنتها من أدائه بالشكل الذى ظهر به، مضيفة: «لم أتخيل أبداً أن أكون جزءاً من مشروع مثل هذا، فهو مثل حلم تحقق دون أن أدرك ذلك».

وفى الوقت الذى تضم فيه قائمة أفضل ممثل رئيسى 5 مرشحين، إلا أن المنافسة تحتدم بين كريستيان بيل بدوره فى فيلم «Vice»، والممثل الأمريكى من أصل مصرى رامى مالك عن دوره فى فيلم «Bohemian Rhapsody»، بعد أن حصل كلاهما على جائزتى التمثيل فى النسخة الـ 76 من جوائز «جولدن جلوب»، بينما يعتبر الترشيح الأول لـ«مالك»، ولكنه الترشيح الثالث لـ«بيل» الذى سبق وحصل على الجائزة فى 2011 عن فئة أفضل ممثل مساعد بدوره فى فيلم «The Fighter».

ويشهد العام الحالى وجوداً ملحوظاً للسينما العربية، حيث تشهد النسخة الـ91 من أوسكار وجود أول مخرجة عربية فى قوائمها النهائية، وهى نادين لبكى لفيلمها «كفر ناحوم» فى قائمة أفضل فيلم أجنبى، ليعتبر الوجود اللبنانى الثانى فى القائمة للعام الثانى على التوالى، وهو نفس الأمر بالنسبة لقائمة أفضل فيلم وثائقى طويل الذى حجزت به سوريا مقعداً للعام الثانى على التوالى، بفيلم المخرج طلال دركى «عن الآباء والأبناء».

واقع الأطفال فى العالم العربى كان بمثابة عنوان عريض للأعمال العربية المرشحة لأوسكار، ففى الوقت الذى تطرقت فيه «لبكى» إلى حياة الأطفال المهمشين فى لبنان، وحصلت به على جائزة لجنة التحكيم الخاصة فى الدورة الـ71 من مهرجان كان السينمائى، حيث تدور أحداث الفيلم حول الطفل «زين» الذى يبلغ من العمر 12 عاماً، ويقوم برفع دعوى قضائية ضد والديه، بسبب جلبه إلى الحياة المليئة بالمعاناة التى يعيشها، بينما تطرق «دركى» إلى موضوع لا يقل خطورة وهو نشأة الأطفال تحت لواء ما يدعى «الدولة الإسلامية»، لا تدور القصة حول الجهادى «أبوأسامة» المنتمى لـ«جبهة النصرة» فى مدينة إدلب شمال سوريا، ولكن القضية الأساسية بالنسبة لمخرج الفيلم هى الأبناء الذين ينشأون فى تلك الظروف، ويغذيهم الأب بتلك الأفكار الظلامية والممارسات العنيفة التى تقتل براءتهم، بعد تدريبهم على ذبح الطيور واستخدام السلاح، وإلحاقهم بالمعسكرات التدريبية، يقومون معاً بتلك الممارسات بشكل طبيعى باعتبارها أشياء معتادة.

استغرق تصوير «عن الآباء والأبناء» ما يقرب من عامين، حتى يستطيع المخرج الاندماج بين الجهاديين باعتباره مصور حرب مؤمناً بقضيتهم، حيث أوضح فى ملاحظات كتبها على الموقع الرسمى للفيلم: «عشت مع العائلة على مدى عامين ونصف العام وأصبحت جزءاً من أسرتهم، رغم أننى ملحد صليت معهم كل يوم، وأديت دور المسلم الجيد حتى أستطيع معرفة ما يحدث فى بلدى، الفيلم هو رحلتى الشخصية عبر بلد مدمر ومجتمع مضطرب، أبحث عن إجابات لأسئلتى اليائسة بشأن مستقبل بلدى، وأسرتى الذين اضطروا إلى الفرار إلى المنفى».

وبدأت موجات الانتقادات إلى أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة مبكراً هذا العام، بعد ما خلت قائمة أفضل إخراج من سيدات، واقتصرت على تمثيل المخرجين الرجال، وبالرغم من المناقشة المستمرة حول المساواة بين الجنسين فى الصناعة، لم يتم ترشيح سوى 5 مخرجات فى فئة الإخراج، على مدار تاريخ جوائز أوسكار، ولم تحقق الفوز سوى كاثرين بيجلو عن فيلمها «The Hurt Locker» عام 2009.

وذكر تقرير نشر على موقع مجلة «Variety»، أنه تم إبعاد صانعات الأفلام عن فئة الإخراج، ويرى التقرير أن هناك عدداً من المخرجات كان يمكن ترشيحهن فى تلك الفئة من بينهن لين رامزى عن فيلمها «You Were Never Really Here»، المأخوذ عن كتاب يحمل الاسم نفسه من تأليف جوناثان أميس، أو المخرجة ديبرا جرانيك عن فيلمها «Leave No Trace»، وتم تجاهل مارييل هيلر مخرجة «Can You Ever Forgive Me»، الذى حصد 3 ترشيحات فى النسخة الـ91 من جوائز أوسكار، منها جائزة أفضل ممثلة لـميليسا مكارثى، أفضل ممثل فى دور مساعد ريتشارد إى جرانت، أفضل سيناريو مقتبس، بالإضافة كلوى تشاو مخرجة فيلم «The Ride»، الذى حصل على جائزة أفضل فيلم من الجمعية الوطنية للنقاد السينمائيين، تمتد القائمة لتشمل مجموعة كبيرة من المخرجات من بينهن تمارا جنكينز عن فيلم «Private Life»، كارين كوساما عن فيلم «Destroyer»، ميمى ليدر عن فيلم «On the Basis of Sex»، وجوزى رورك مخرجة فيلم «Mary Queen of Scots».


مواضيع متعلقة