صراع باريس وروما فى ليبيا إلى أين؟

للمرة الثالثة خلال الأسابيع الستة الماضية تشتعل التصريحات النارية بين الدبلوماسيين الإيطاليين والفرنسيين وتصل إلى اتهامات علنية فى مؤتمر ديفوس بسويسرا المنعقد منذ أيام..

كانت الانتقادات التى بدأتها إيطاليا رداً على انتقادات فرنسية حول موقف إيطاليا القاسى ضد قوافل الهجرة غير الشرعية وترك المهاجرين لعواصف المتوسط ورفض استقبالهم.. ثم اكتشفنا أن الصراع الحقيقى بين إيطاليا وفرنسا حول البترول والغاز الليبى، وانقلب إلى اتهامات إيطالية لفرنسا بأنها ترفض الاستقرار فى ليبيا وتقف ضد الحل السياسى، لترد فرنسا بأن إيطاليا تدعم اتجاهات محسوبة على الإرهاب.. وبدا ذلك فى دعم إيطاليا لحكومة طرابلس، فى الوقت الذى تلعب فيه فرنسا فى جنوب ليبيا وتدعم قوات الجيش الليبى بقيادة اللواء خليفة حفتر فى حملته العسكرية ضد الميليشيات المسلحة فى جنوب ليبيا والتى بدأت قبل أيام.

ويتنامى خلف الأحداث صراع تجارى ملتهب بين شركة إيطالية وأخرى فرنسية للسيطرة على النفط والغاز الليبى، وكأننا عدنا مرة أخرى إلى مطلع القرن الثامن عشر واستراتيجية أن «العلم والقوات تتبع التجارة» التى نفذتها أوروبا الاستعمارية فى قارتى آسيا وأفريقيا.

ويبدو الجانب الأمريكى، الذى له حصة نفوذ سياسى فى ليبيا، مترقباً وراغباً فى نزع فتيل الأزمة السياسية بين روما وباريس خشية أن تتحول إلى صراع مسلح عبر الفصائل الليبية المسلحة المنحازة إلى الطرفين الفرنسى أو الإيطالى، وسيتدخل فيه بالتأكيد خمس فصائل تشادية مسلحة من لاجئى تشاد والموجودين فى الجنوب الليبى..

ويهتم المتابعون والسياسيون والقادة بهذا التطور المفاجئ فى الصراع الفرنسى الإيطالى فى ليبيا لانعكاساته الخطيرة على الإخوة الليبيين وعلى توترات الحدود المصرية الليبية، خاصة أن إحدى الشركات المتصارعة لها نشاط اقتصادى واسع فى مجال الغاز فى مصر.

ونرى أن نسعى إلى دعم النظام السياسى الذى سيبدأ بانتخابات مارس المقبل شريطة أن يحافظ على وحدة الأراضى الليبية وحكومة مركزية وجيش قوى والتخلص من كل الميليشيات المسلحة وأن يقرر الليبيون مصيرهم بعيداً عن مصالح روما وباريس.. والله غالب.