لماذا ثار الإخوان على الدكتور أسامة الأزهرى؟!
- أسامة الأزهرى
- الأزهر الشريف
- الألفاظ البذيئة
- الحق بالباطل
- المؤسسات الدينية
- المشاريع العلمية
- صغر سنه
- صلاة الجمعة
- آلات
- أحداث
- أسامة الأزهرى
- الأزهر الشريف
- الألفاظ البذيئة
- الحق بالباطل
- المؤسسات الدينية
- المشاريع العلمية
- صغر سنه
- صلاة الجمعة
- آلات
- أحداث
حالة من الثورة والعصبية الشديدة تلبست بالإخوان بعد أن صُدموا بأن صلاة الجمعة سوف تُنقل من مسجد «الفتاح العليم»، وأن الخطيب سيكون الدكتور «أسامة الأزهرى»، وزادت عصبيتهم من قوله فى الخطبة الماضية: «سينطلق من هذا المنبر خطاب منير يطوى صفحات الظلام ومفاهيم الانحراف».
والسؤال: كم خطبة نقلها التليفزيون لمشايخ ولم يثر الإخوان؟ والإجابة تكمن فى السر الأخطر والأعمق، وهو أن كل ما قاموا به على مدى سنوات من خلخلة قيم الوطن فى النفوس بغرض نزع الولاء من الأوطان لصالح مشروعهم المريب قد زلزله الشيخ فى خطبتين فقط.
ثاروا لأنهم رأوا عالماً مفوهاً حافظاً ضابطاً، يمثل صورة زاهية للعالم الأزهرى المؤسَس على علوم الشرع وقوانين اللغة، وهو مع صغر سنه واسع الاطلاع، غزير الرواية، ذكى اللسان، أنيق الملبس، وهم يريدون شخصاً تقليدياً منفراً.
ثاروا لأنهم يعرفون أنه يملك قدرة عجيبة على التحليل وتوليد المعانى، واستخراج العلوم والحضارة ومنابع الجمال من الدين، بأسلوب مباين لما ألفه الناس، مع جريان اللغة على لسانه بدقة، ويسلك فى خُطبه درباً غير مطروق، وينتجع كلَّأ غير مرعى، وهم يريدون ذلك الشيخ الذى أخطأ على منبر الأزهر عشرين مرة فى اللغة ليسود ويتصدر.
ثاروا لأنهم لم يجدوا له سقطة يسهرون عليها فى قنواتهم، فحديثه عن الأخلاق والجمال والحضارة، وليس ذلك لحرصه على أن يظهر بلا أخطاء، بل لأن تركيبته النفسية جُبلت على الذوق والجمال كلاماً وملبساً وتصرفاً.
فى المقابل فإن لك أن تجمع لكل واحد من دعاة الإخوان قاموساً من الشتائم والألفاظ البذيئة التى فاقت أدب الحطيئة، خذ مثلاً: «الصغير»، و«غنيم»، و«تليمة»، فضلاً عن «برهامى» وتياره.
ثاروا لأنهم يريدون شيخاً يتحدث عن الإرهاب بطريقة مستهلكة تقليدية، كما يفعل معظم رموز المؤسسات الدينية، أما الشيخ فلا يغازل المتطرفين، ويتحدث بعلم ومنهج وبوضوح عن التكفير عند «البنا» و«قطب».. ينتقد الأفكار، ويُعرض عن الألفاظ النابية وعن ازدراء الأشخاص، كما فعل فى كتابه: «الحق المبين».
ثاروا لأنه يُعلى من قيمة الوطن لا الأشخاص، ويُورد المواقف، ويحلل المناهج الفلسفية والأدبية والتاريخية فى الشرق وفى أوروبا، ويتحدث فى المقاصد والأصول والتاريخ والفلسفة، ومع ذلك لم يجدوا له شططاً أو ثغرة ليشوهوه بها.
ثاروا لأن دعاتهم ليس فيهم من يتخذه الشباب نموذجاً يُحتذى، لأنهم تركوا العلم وتفرغوا كل ليلة فى التعليق على الأحداث اليومية، وبلغوا قمة عطائهم فى المناسبات.. مناسبات الانتخابات والانتفاضات والمعارضة والأحداث، فتوقف مشروعهم عند إطلاق السخائم والسباب على المخالف، وبالتالى يستهلكون أنفسهم وأتباعهم فى دروب لا يُدرى مآلاتها ولا ثمرتها، ويختلط فيها الصدق بالكذب، والحق بالباطل، والرأى بالخبر، والعاطفة بالعلم، وليس فيهم شخص له حضور أكاديمى معتبر.
ثاروا لأنهم يعرفون أنه لا يتاجر بعلمه، ولا يتوسط بالتدليس لتعيين حبيب أو قريب، ولا يستهلك نفسه فى معارك فرعية، وعنده أن إحياء معالم الحضارة هو الفقه الأكبر، وأن التراث ليس جثة محنطة، ولا عبثاً يُرفض بالهوى والاجتزاء، ومكانته مستمدة من العلم وليس من منصبه كمستشار للرئيس، بخلاف الذين يتوافدون على المناصب الدينية ويموتون بمجرد تركها.
ثم تأتى الصدمة الكبرى عليهم وعلى مروجى شائعة أنه ترك العلم واشتغل بالسياسة، إذ أعلن الشيخ الجليل عن صدور سفره الضخم وموسوعته الكبرى (جمهرة أعلام الأزهر الشريف) فى عشرة مجلدات، وهذا العمل العلمى الحافل لم يُسبق له مثيل منذ نشأة الأزهر، ويمثل بعثاً وإحياءً ننشده جميعاً، فهو منجم كبير، وعباب زاخر، ستنشأ على ضفافه عشرات المشاريع العلمية النهضوية ليس للأزهر فقط، بل للوطن والأمة.. أرأيتم لماذا ثاروا؟!