حوار| "جراح الوطن" سليمان القماش: السيسي يضع يده على نقط الضعف بالبلاد

حوار| "جراح الوطن" سليمان القماش: السيسي يضع يده على نقط الضعف بالبلاد
- أحمد زويل
- أحمد سمير
- أطباء النساء
- أطباء مصر
- أم الشهيد
- إجراء عملية
- إطلاق نار
- الأطباء والتمريض
- الأعمال الإرهابية
- الأمراض الفيروسية
- أحمد زويل
- أحمد سمير
- أطباء النساء
- أطباء مصر
- أم الشهيد
- إجراء عملية
- إطلاق نار
- الأطباء والتمريض
- الأعمال الإرهابية
- الأمراض الفيروسية
يبقى الدكتور سليمان القماش من أهم وأمهر جراحي الوطن في مجال جراحة الأورام والجراحات المتقدمة لم يقف دوره كطبيب داخل صرح طبي يتواجد داخله في انتظار حالات حرجة تستدعي تدخله أو مريض لايزال يحمل رقما في قائمة الانتظار بين الحياة والموت ولكنه فضل أن يكون له دور وطني مرتديًا "البالطو" الأبيض حاملًا مشرته بيده لما يستوجب إجراء الجراحات العاجلة ذاهبا عبر الطرق قاطعًا للمسافات يصل للمريض حيث تمت إصابته واستدعت حالته، تحركه الأحداث الوطنية في رد فعل حقيقي لمداواة الإصابات وتضميد جراح كان الهدف من وراءها طعنات توجه للوطن.
جاء اسمه حاضرا داخل فلسطين يواجه بمشرطه تبعات الاعتداء الغاشم على غزة، منتقلا إلى سيناء داخل مستشفى العريش يلملم طعنات الإرهاب من أجساد المواطنين ليصبح لقبه "جراح الوطن" بعد حصوله على لقب "جراح الغلابة" الذي لقب به داخل المستشفيات الجامعية في الإسماعيلية منذ أن كان جراحًا ثم مديرًا عامًا للمستشفيات الجامعية ومنها عميدًا لكلية الطب بجامعة قناة السويس.
أجرينا الحوار داخل مكتبه بقسم الجراحة في المستشفى الجامعي، قبل توجهه مباشرة إلى جنوب سيناء لممارسة عمله بمستشفيات سيناء، ورغم أنه بلغ من العمر 75 عامًا إلا إنه يرى أن عطاءه لن يتوقف لآخر لحظات العمر حول هذه التفاصيل وأخرى بدأت بحصوله على بكالوريوس التجارة وصولا بطبيب جراح شهير إلى مناداة شعبية بحصوله على جائزة الدولة التشجيعية كان هذا الحوار مع جراح الوطن دكتور سليمان القماش.
دكتور سليمان كيف كانت بدايات التعامل مع قطاع الصحة رغم أنك طبيب بالمستشفى الجامعي التابع لوزارة التعليم العالي؟
بدأت فكرة التعاون المشترك ببادرة من وزارة الصحة، كان هناك سباق دولي لليخوت ينظم بمدينة بدبي في دولة الإمارات، وتم الاتفاق وقتها على أن تستضيف مصر هذا السباق داخل مارينا بالساحل الشمالي، وكان لابد من تغطية الحدث طبيا، وقتها حدثني وزير الصحة وطلب مني الإشراف على الحدث، وبالفعل ذهبت على رأس وفد طبي من جامعة قناة السويس، وبعدها كان التعاون الثاني بتغطية قطاع الساحل الشمالي فترة الصيف لمواجهة الطوارئ والحوادث وما شابه ذلك، وكنت وقتها عميد كلية الطب وأتذكر أنني تركت العمادة آنذاك.
كيف جاء القرار بأن تكون طبيبا جراحا في قطاع غزة؟
بدأ هذا الاتجاه في عام 2008 كنت وقتها موجود في مقر جامعة القاهرة مع القنصل الصيني وتفاجأت بمكالمة من وزارة الصحة يخطروني بأن إسرائيل قد اجتاحت غزة، وأن الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة وقتها سوف يتوجه إلى مستشفى العريش على رأس وفد طبي، ويريدني أن أكون برفقته، وأعربت عن استعدادي لهم بالذهاب إلى فلسطين بصحبة الفريق الطبي الذي نذهب به إلى الساحل الشمالي فقالوا "ياريت".
وقتها حدثت طلابي والمساعدين في الجامعة وفي كل الفروع، وحدثت الدكتور محمد الزغبي كان وقتها رئيس جامعة القناة ورحب جدا، وتوجهنا على الفور داخل اتوبيس من الإسماعيلية بسيارة مليئة بالأدوية والمحاليل، ودخلنا قطاع غزه، في هذه اللحظة أتذكر أن مذيعة قناة الجزيرة توجهت إليّ مسرعة عقب مشاهدتها لي وبادرتني بالسؤال، "عايزة أعرف لو دخلت قطاع غزة هتعمل إيه؟"، كان وقتها الموقف الرسمي المصري سيئ جدًا، خصوصًا بعدما وصف الرئيس السابق حسني مبارك أن ما يحدث في غزة مجرد شوية "حبش وبمب"، وهو ما أثار استياء الدول العربية أيضًا وقتها.
وجاء موقف وزارة الصحة مشرف جدًا، وكان لديها سيارات إسعاف مجهزة على أكمل وجه، وقتها أجابتها "حاجة من الأتنين يا إما أشارك الأطباء في علاج المرضى داخل مستشفى القدس، يا أما لو أدت الأمور أنزل الشارع وأشارك الفلسطينيين للمواجهات ضد المحرقة الإسرائيلية مع أفراد المقاومة ضد عناصر الاعتداء"، واتذكر وقتها أن المستشار الإعلامي لمحافظة العريش حدثني وشكرني على موقفي، وهاتفني كثيرًا من السعودية والبلدان العربية وأكدوا لي أن الموقف الشعبي غطى على الموقف الرسمي.
وماذا عن الملامح الأبرز تجاه هذه التجربة على أرض غزة؟
رأيت نتائج المجزرة الوحشية بعيني، وعلى الفور بدأت في علاج المصابين، ولا أنسى أبدا التفاف كل الناس حولنا، شاهدت كمية تبرعات لم أراها في حياتي من مصر الوطن والمصريين، ومن ضمن المشاهد التي لا يمكن أن أنساها، دخل إلينا ميكروباص به مجموعة من السيدات جئن من الإسكندرية ومعهن مبلغ 30 ألف جنيه، وأيضًا سيارة من دمياط بها مقطورة مليئة بالعيش، كانت الأموال والتبرعات تنهال من الشعب المصري بشكل لا يستوعبه عقل، واستعانا وقتها بالجمعية الشرعية المتواجدة بالعريش وأعطيناهم حصيلة التبرعات من الأموال.
وتمت مساعدة الفلسطينيين اللاجئين من قطاع غزة، سواء بالتبرعات العينية أو المادية، وظللت هناك ما يقرب من الشهرين المتواصلين لمعالجة وإنقاذ الجرحى الفلسطينيين جراء هذا الاعتداء، وأجريت العديد والعديد من العمليات الجراحية، وتمضيض جراح، كان وقتها يتوافد علينا مجموعات من الدول العربية والعالمية وجميعها كانت مواقف أشبه بتسجيل الحضور أو التقاط الصور، لكن الموقف الحقيقي وقتها كان من شعب مصر وأطباء مصر الذي تواجدوا بفريق طبي مقيم، "كنا بنعمل كل حاجة لكم أن تتخيلوها"، أتذكر أن بلجيكا أخذت وقتها مجموعة من الأطفال، وبعض من الدول الأوروبية كانت تأخذ جرحى بالطيران في محاولة لعلاجهم، وكانت هناك زيارات متتالية من مصر ووفود رسمية كان يتقدمها جمال وعلاء مبارك.
وماذا عن دورك داخل سيناء وتحديدًا داخل مستشفى العريش العام ومنها حصولك على لقب جراح الوطن؟
أستطيع أن أجزم أن العمل الطبي بالنسبة لي داخل هذه البقعة على وجه التحديد له مذاق خاص وإحساس مختلف أدمنت من وقتها سيناء الغالية وقررت ألا أكون بعيدا عنها وعن أهلها أعطيهم كل ما لدي من علم وأساهم في علاجهم بكل ما تعلمت.
بدأ الارتباط بسيناء منذ 25 يناير 2011، أتذكر كنت وقتها في اليمن، مشرف على كلية الطب هناك عندما اندلعت الحرب الأهلية بين الجنوب والشمال، كانت الأوضاع الاقتصادية متردية وكنا ذهبنا للتدريس لهم، تعرضت لحادث وقتها في اليمن، وانتقلت إلى مصر لإجراء عملية جراحية، وجلست فترة على كرسي متحرك ثم استعنت بعكاز في تلك الفترة إلى أن بدأت أحداث 25 يناير، ووصل "الإخوان" إلي سدة الحكم، وقتها كانت حالتي النفسية سيئة جدًا، وكنت في حالة أشبه بالجنون، لكني لا أنسي أبدًا عندما ذهب الشعب وذهبت معه في عام 2012 إلى قصر الاتحادية وشاهدت التحام بشري غير مسبوق، بشر يسيرون بالورود والأغاني الوطنية، ثورة سلمية، أعادت لي الاتزان النفسي والمعنوي وأدركت وقتها أن حكم "الإخوان" إلى زوال، ومن المفارقات التي لا أنساها، عقب هدوء المظاهرة الشعبية قررت فجرًا أن أعود إلي الإسماعيلية، وقتها سألت شاب هو المترو منين، "قالي أنت رايح فين، قلت له إسماعيلية، قالي وأنا كمان رايح الإسماعيلية وتبين إنه نجل طبيب من عندنا، وكان لسة عائد من ألمانيا وشارك في المظاهرة وعدنا سويا إلى الإسماعيلية".
وفي أغسطس 2012 هاتفتني مجددًا وزارة الصحة وقالوا "عايزين فريق طبي يروح العريش، وقتها تعذر حضور أطباء نظرًا لتصاعد حدة الإرهاب، فتوجهت بمفردي في سيارتي الخاصة إلى هناك، رفضت أن أجلس في فندق أو استراحة، وقررت الجلوس في حجرة مرضى داخل مستشفى العريش العام، بدأت بالوقت تظهر الأعمال الإرهابية وبدأت تتصاعد المواجهات ومنها الإصابات، بدأنا نستقبل كل يوم ما يقرب من 15 مواطنًا مدنيًا مصابًا.
وبدأ الأهالي هناك يطلقون عليّ "جراح الوطن"، ومن هنا كان منحي هذا اللقب، استمريت في العمل داخل العريش والمستشفى العام بها حتى عام 2014 إلى أن تم محاصرة الإرهاب وأعماله الإجرامية من قبل الجيش تمامًا وعدم وجود إصابات في المدنيين وأصبحت المواجهات محصورة بين الإرهابين وأبناء القوات المسلحة ويتم توجيههم إلى المستشفيات العسكرية، وجدت أن دوري المدني قد انتهى نسبيًا فقررت التوجه إلى جنوب سيناء لاستكمال عملي بها.
هل وقع تحت يدك مصاب إرهابي؟
"عايز أقولك كانت لدي العديد من الخواطر والكتابات والمقالات الواضحة تجاه موقفي من الإخوان والإرهاب، والناس هناك في العريش كانوا قلقين على شخصي للغاية ونصحوني بالهدوء لأن الإرهابيين يقتلون أي شخص وأن الأمر بالنسبة لهم أقل من العادي، وقلت لهم ماتخافوش هما عارفين أني بعالجهم، ماهو مش كل اللي داخل مصاب مواطن شريف، في منهم أيضًا الإرهابيين، وأنا فاكر مرة إن المستشفى تم حصارها من قوات الجيش، وأنا داخل حجرة العمليات وجدت عناصر من قوات الجيش، وعلمت أن المصاب إرهابي مطلوب، وكانوا محتاجينه حي، كان عنده تهتك بالطحال والكلى، وعقب استيفاقته واستقرار حالته، دار بيني وبينه حوار، كان في وجود أمه، لكنك لا تستطيعي أن تأخذي منهم حوار متزن ويبدو الكذب والتضليل واضحًا بجانب تضارب المعلومات حتى أسماءهم التي يدلون بها يغيرونها في الحوار لأكثر من اسم، لا يعطونك معلومة".
هل لاحظت وفود مصابين بكثافة من مناطق بعينها قد تكون بؤر إرهابية؟
ذات يوم أتت لي امرأة وكانت قد تعرضت لإطلاق نار وتمت إصابة جنينها في بطنها وخضعت لعملية جراحية عاجلة، والحمد لله تمكنت من استخراج الجنين من بطنها بعد أن اغتالته رصاصة الإرهاب، وكنت أداعبها وأناديها أم الشهيد فهو أصغر شهيد شهدته الإنسانية، خرج من رحم أمه إلى الجنة مباشرة، شاهدًا على خسّة ما يفعلون، وأبلغتني وقتها أن اسمها "مريم سليمان" على اسم ابنتي، وكنت أحدثها كثيرًا أثناء متابعتي حالتها لأهون عليها آلام الجراحة، وبدأت تتحول هذه السيدة إلي كلمة سر في إرسال المصابين من المواطنين الشرفاء الذين كانوا يتوجهون إلى المستشفى ويقولون لي نحن من طرف "مريم سليمان" فكنت أعالجهم وأنا مطمئن لهم، وهذا كان له مدلول أن بعض المناطق كان يرتكز بها عناصر إرهابية عن غيرها من المناطق.
أطلعنا على شهادتك عن أحداث بئر العبد وضرب مسجد الروضة؟
كنت متواجد هذا اليوم في العريش، فقد اعتدت على أن أكون داخل مركز خيري الجمعة، من كل أسبوع، استقبل حالات من الأهالي للعلاج، بعد أداء صلاة الجمعة داخل هذا المسجد، لكن نظرا لظروف الطريق تعطلنا، وتفاجأت باتصال من المواطنين يبلغوني باعتداء الإرهابين على مسجد الروضة، توجهت على الفور إلى مستشفى العريش، حدثت مدير المستشفى قلت له "أنا جايلك، قال لي الإرهابين ضربوا سيارات الإسعاف اللي جاية على العريش، وإن المصابين توجهوا على مستشفى بئر العبد، كلمت مدير مستشفى بئر العبد وأبلغته بحضوري، قال لي الحالات التي تم حجزها إصابتها خفيفة، لكن الحالات الصعبة نزلت على الإسماعيلية ما بين المستشفى الجامعي والعام، ومعهد ناصر بالقاهرة، توجهت على مستشفى الجامعة بالإسماعيلية، واشتغلت معهم في العمليات الجراحية، وجالنا وزير التعليم العالي، وحدث خلاف وقتها عندما أعلن وزير الصحة أن مستشفيات الصحة فقط هي من استلمت وتعاملت مع الحالات.
من شمال سيناء إلى الجنوب كيف كان القرار؟
بعد أن هدأت الأمور في شمال سيناء، قررت العام الماضي أن استكمل مشواري على هذه البقعة المهمة من أرض مصر داخل سيناء شمالها وجنوبها في مصنع الرجال والعطاء الذي لا ينفذ ولا ينضب، ارتبط بأهلها، ونضال رجالها من أبناء الجيش المصري العظيم، ومنها انتقلت إلى منطقة الجنوب لتغطية مستشفيات دهب ونويبع، وأبورديس، كانت مستشفيات ينقصها خدمات صحية كبيرة، حتى أبسط العمليات، "لوز، عظام، جراحة مثانة وغيرها"، غيرنا الخريطة هناك، حتى وصلنا إلى إجراء عمليات التجميل، واستطيع القول أنني أدمنت العمل في سيناء، في العريش قدمت "لبن العصفور للأهالي" بحسب قوله، وأجريت جراحات سرطان مثانة وثدي وقولون، كما أجريت جراحات أطفال، ومسالك.
واتذكر إجرائي جراحة حصوة في الكليتين لطفل رضيع، كان طبيب التخدير في البداية رفض تخديره، وعلمت بذهابه إلى المنصورة لتلقي العلاج هناك، وكانت تكلفة العملية 80 ألف جنيه، كلمت رئيس قسم التخدير وقلت له "الولد ده هيخف بس نعمل العملية، وافق بشرط أن أجري له العملية بشخصي، وخلال 10 دقائق كلموني وأنا في طريق العودة للإسماعيلية، وأبلغوني أن الطفل قد تبول، وقتها ابتسمت ابتسامة لا تزال أشاهدها على وجهي حتى الآن".
كيف ترى سيناء؟
سيناء تمثل 1/6 مساحة مصر، سيناء ممكن تستوعب جميع الزيادة السكانية في مصر، وقابلة لكل أنواع الزراعات، سيناء ممكن يتعمل فيها قاعدة مصانع وبها ثروة معدنية لا مثيل لها، وحتى جبال سيناء ألوانها غير عادية وهو ما يؤكد إنها مليئة بالخيرات، أنا ساهمت في تنمية الكوادر البشرية ودعم القطاع الطبي قدر المستطاع، سيناء كبيرة والدولة صنعت تنمية كبيرة لخدمة المنطقة لكنها لاتزال على الحواف، ولا بد وأن تراعي الدولة أن قناة السويس وسيناء توأمان ملتصقان لا ينفصلان، قناة السويس لما تتقفل يبقى سيناء احتلت، تتحرر سيناء، تتفتح قناة السويس، والتجربة أثبتت كده، يبقى الخير اللي يجي قناة السويس لا بد وأن يتم المساهمة من خلاله لتنمية سيناء.
وماذا عن التعليم داخل سيناء.. وكيف نطوره؟
التعليم مرتبط ارتباط وثيق بالتنمية لذلك لابد من توفير كلية طب على وجه التحديد، وأود أن أشير إلى أن محافظة الشرقية قبل إنشاء كلية الطب كان بها 4 جراحين فقط حاليًا وبعد تأسيس كلية الطب أصبح كل نجع وقرية داخلها فيها طبيب، وأساتذة جامعة الإسماعيلية كانت بالمثل أصبحت مليئة بالأطباء بعد إنشاء كلية الطب بها، إذًا لا بد من تأسيس كلية للطب سواء في العريش أو منطقة الجنوب وبالنسبة لجامعة العريش قمت بدوري وأعدّت لائحة لكلية الطب جامعة العريش، تنص على أن تقبل طلاب من الدفعة 4 ولا تنتظر دخول طلاب الفرقة الأولى وتأخذ طلبة الطب من أبناء العريش من كل الجامعات الأخرى ونبدأ بهم فهم النواة "بعد فترة يتخرجوا أجيال ومنها نجد أطباء في كل شبر في سيناء والتنمية هتيجي معاها، وبالفعل جاءت لجنة عاينت وناقشت ووافقت في النهاية على إنشاء الكلية ولانزال في انتظار قرار سيادي"، وأتذكر عقب انفصال جامعة العريش عن جامعة القناة حدث خلاف بين الجامعتين وجامعة القناة رفضت التعامل مع جامعة العريش وظلت 3 شهور عقب القرار لا الطلبة ولا هيئة التدريس ولا الموظفين يتم علاجهم، وتم الاستعانة بي وترأست من وقتها اللجنة الطبية الخاصة بجامعة العريش.
كيف بدأ هذا النجاح ببكالوريوس تجارة مؤهلك الدراسي الأول؟
"في الخمسينات وبداية الستينيات، كنت قد حصلت على الثانوية العامة، كانت الأحلام وقتها مرتبطة باتجاهات الثورة اللي عايز يطلع ضابط واللي عايز يطلع مهندس لكن أنا ومعظمنا كان عايز يدخل كلية العلوم قسم جولوجيا وندور على مصادر البترول والثروات المعدنية فكان فعلا نفسي أدخل كلية علوم لكن لم يسعفني المجموع وحصلت على أقل مجموع في زملائي بالمدرسة ودخلت كلية التجارة جامعة الإسكندرية كنت شاطر جدًا لكن أول تجربة عاطفية في حياتي كانت السبب المهم أتخرجت من كلية التجارة واشتغلت في مكتب الخبراء في القاهرة لكن لم أتقبل وقتها فكرة أني أكون موظف تقليدي، وبدأت أشوف طريقة تانية دخلت مسابقة تبع الجامعة الأمريكية لدراسة ماجيستير اقتصاد وجاءت لي منحة في الوقت نفسه كنت أنا والطلبة نسكن فيلا مفروشة في الهرم وكان معايا وقتها الفنان محمد فايق عزب وصلاح عدس كان رابع مرة يذاكر ثانوية عامة وكنت بذاكر له وصمموا أني أدخل امتحانات الثانوية العامة معهم تشجيعًا لهم ودخلت والنتيجة ظهرت لاقيت مجموع كبير كده بنظر على الاسم لاقيت المجموع يخصني وطلعت وقتها الأول على الثانوية العامة رحت كتبت في التنسيق طب جامعة القاهرة ودخلت كلية الطب وكنت أعمل وقتها لأني من أسرة أقرب للفقر من المتوسطة وحصلت على تقدير جيد جيدًا ومنها تم تعيني طبيب مقيم في الإسماعيلية في مستشفى التل الكبير وكان وقتها التل الكبير عاصمة للإسماعيلية.
وبدأت هناك اشتغل جراحة واندلعت حرب 73 وجاء محافظ الإسماعيلية وقتها المستشفى واجتمع بنا وأخذ قرار بإخلاء المستشفى قائلًا "في حرب قائمة بحق وحقيقي وبعد 5 أيام قامت الحرب بعدها أخذت الفريق الطبي من الأطباء والتمريض ومسؤولي بنك الدم في سيارة وتوجهت إلى الإسماعيلية أول يوم حرب، وصلنا إلى المستشفى العام، شاهدنا مدير المستشفى وقتها وقال لنا "أنتم عايزين إيه، أنا مش عايزكم عندي"، رغم إننا فريق طبي من جامعة عين شمس ومن جامعة القاهرة، وطردنا جلست وقتها على الرصيف في حالة جنون بلدي تتعرض لحرب لاقيت واحد بيسلم عليّ ويسألني مالك يا سليمان يا بني كان عم مصطفى الغزاوي وكان شغال تمرجي في مستشفى هيئة قناة السويس حكيت له قالي أنا معايا مفتاح مستشفى شوقي خلاف لما قامت حرب 67 اليهود ضربوا مستشفى نمرة 6 الهيئة نقلت المستشفى بكل ما فيها من معدات وأجهزة إلى ميدان شمبليون "شوقي خلاف" لاقيت المستشفي بها أجهزة ومعدات وغرف عمليات وتعقيم وأسرة إلا أنها كانت تكسوها الأتربة والعفار وهنا بدأت أنا والأطباء والتمريض والناس نغسل المستشفى وفتحناها واستقبلنا الأهالي دون استئذانا من أي مخلوق ويومها بليل كنا في رمضان ومكنش في أي طعام إطلاقا وذهبت اشتريت 4 كيلوات برتقال وأكلناهم مع المرضي.
وجاء محمد كشك أحد أبناء الإسماعيلية وسألني إن كنت أحتاج أي شيء كمساعدة منه، قلت ما فيش أكل للمرضى ولا لينا، وعرض عليا أموال رفضت ومنها بدأ الأهالي يرسلون لنا الطعام وتحولت إلى مستشفى عسكري كبير وقتها.
هل ترى أن الدولة تسير على الطريق الصحيح فيما يخص تطوير منظومتي الصحة والتعليم؟
رئيس مصر عبدالفتاح السيسي يضع يده على مواطن الضعف في البلاد وهو أعلنها أثناء زيارته لفرنسا مشكلة مصر في التعليم والصحة وكتبت عدة مقالات خاطبت فيها الرئيس على ضرورة أن يرجع مصر بالصحة والتعليم كسابق عهدها في الخمسينيات، هل يعقل أن التعليم في المدارس يتراجع ويحل محلها المراكز والسناتر ولم يعد ذلك فقط في مراحل الشهادات بل أصبح في كل مراحل التعليم والتعليم الفني بكافة أنواعها وهذا خطر وتراجع كبير صحيح هنالك مجهودات واضحة للدولة حاليًا في قطاع الصحة بإعادة تطوير المستشفيات مرورا بمنظومة التأمين الصحي الشامل ومبادرات الرئيس "100 مليون صحة" والقضاء على فيروس سي بجانب مبادرات القضاء على الأنيميا والسمنة والتقزم داخل المدارس، كل هذا خطوة مهمة وكتر خير الدولة في اتجاهها للقضاء على الأمراض الفيروسية شيء مهم وعظيم وقطعت الدولة شوطا مهمًا فيها وحققت نتائج ايجابية وحقيقية بها وكي تكون هناك نتائج أكثر ايجابية لا بد من التحام التعاون المشترك بين القطاع الطبي بمستشفيات الجامعة التابعة لوزارة التعليم العالي وقطاع الصحة لكن لاتزال مستشفيات وزارة الصحة تستأجر الأطباء من المستشفيات الجامعية ويعطيهم أموالا مقابل الخدمة، وهو العمل الأقرب إلى مقاول الأفراد إذًا أصبح مطلوب من قطاع الصحة تخريج كوادر طبية بشرية، مستشفى الإسماعيلية العام لم تمتلك طبيب قلب وصدر ولا مخ وأعصاب، مع الوزيرة الجديدة حصل تعامل جيد بين الصحة والجامعة لكنه جاء بتوجهات السيسي الذي أمر بفتح التعامل مع الجامعات وبدأ هذا يؤتي ثماره، وننتظر تجربة التأمين الصحي التي ستبدأ في بورسعيد ونجاحها سيكون خطوة عظيمة.
ما العمليات الجراحية التي تعتبرها الأهم بالنسبة لرحلتك الطبية؟
عمليتان لا يمكن نسيانهما الأولى كانت تخص سيدة حامل وأطباء النساء لاحظوا وجود وورم كبير لحظة الولادة بالرحم طالبوني بالحضور ودخلت العمليات ووجدت نفسي في مواجهة مع المريضة وأثناء التعامل لاحظت أن الورم متمركز ناحية الكبد تدخلت جراحيًا واستأصلت الفص الشمال من الكبد تقربا نصف الكبد تم استئصاله طلبت قسم الفيديو وصورت الحالة وخرجت من المكتب، أخبروني أن المحافظ يسأل عني كان عبد السلام المحجوب، كلمته وحكيت له على الواقعة وطلب الفيديو وتم إذاعته عن إجراء جراحة لأول مرة من نوعها والمرة الثانية وجدت صحفيو الأهرام والجمهورية والأخبار عبدالوهاب عدس وصابر عبدالوهاب وفتحي رزق يطلبون حضوري المستشفى العام.
والحدث الثاني كانت سيدة حامل في 3 توائم، طفل بمفرده وأثنين ملتصقين في منطقة الكبد وواحد منهم متوفي دخلت العمليات وأجريت فصل للتوأم وكانت أول مرة تحدث هذه العملية في مصر كلها وخرجت من حجرة العمليات سألت الصحفيين عن صلة القرابة قالوا لي ولا حاجة مجرد خبر، وتم نشر الواقعة، فوجئت بعدها أن المذيع أحمد سمير يقدم برنامج اسمه "الأسبوع في ساعة" قالوا لي وقتها أن اللي بيضع فقرات البرنامج جهة سيادية وفي فقرتين منها فقرة لمحمد عبد الوهاب كان قد حصل على وسام من اليمن وعملية فصل التوأم وتم إذاعتها مع توجيه كل عبارات الشكر.
ماذا عن حلمك لهذا الوطن؟
عايز أشوف مصر من الناحية الاجتماعية والاقتصادية كما كانت في العهد الناصري في منشآت تملكها الدولة ومصانع للألومنيوم والحديد والصلب محتاجين نشوف تعليم حقيقي في المدارس من غير دروس خصوصية في الستينيات العالم الكبير أحمد زويل اتخرج في جامعة الإسكندرية، ومجدي يعقوب من جامعة القاهرة في الخمسينات مصر لم يكن فيها بني آدم غني بزيادة لكن لم يكن بها فقراء الآن الفجوة كبرت جدًا ثراء غير متوقع ولا محتمل وغير معلوم المصدر، وناس مستواها تحت الأرض بعيدًا عن مساوئ الفترة الناصرية علينا أن نأخذ بإيجابياتها.
75 عاما دكتور سليمان رحلة عطاء ألا تفكر أن ترتاح؟
أشعر أنني ما زلت قادرًا على العطاء ولن أكف لحظة واحدة عن بذل مجهود، أنا حاليا في جنوب سيناء أخدم داخل مستشفياتها من منطلق عشقي لهذه الأرض التي تحتاج منا الكثير ونحاول أن نساند رجال الجيش والدولة في رحلتهم العظيمة ضد الإرهاب.
ما تعليقك بشأن خروج دعوات شعبية لمنحك جائزة الدولة التشجيعية؟
لم أكرم ولو مرة واحدة والكلية رشحتني لجائزة الدولة التشجيعية وتم تقديم أوراقي لرئاسة جامعة قناة السويس وردت الجامعة الورق وقالت "معندناش علم بهذه الجائزة لكن يكفيني تقدير الشعب والأهالي لي وخصوصًا أهالي العريش وسيناء والإسماعيلية".