قنصل مصر الأسبق فى واشنطن: سياسات صاحب البيت الأبيض إيجابية.. باستثناء قضية فلسطين

كتب: محمد حسن عامر

قنصل مصر الأسبق فى واشنطن: سياسات صاحب البيت الأبيض إيجابية.. باستثناء قضية فلسطين

قنصل مصر الأسبق فى واشنطن: سياسات صاحب البيت الأبيض إيجابية.. باستثناء قضية فلسطين

«سياسات ترامب بها كثير من الإيجابيات باستثناء القضية الفلسطينية».. هكذا قيَّم مساعد وزير الخارجية، وقنصل مصر الأسبق فى الولايات المتحدة، السفير حمدى صالح، أول عامين من ولاية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الأولى فيما يتعلق بسياساته تجاه الشرق الأوسط.

واعتبر، فى حوار لـ«الوطن»، أن «ترامب» لديه سياسة واضحة لرفض التدخلات الإيرانية والتركية فى المنطقة، ولديه قناعة بضرورة التعاون المشترك مع روسيا لإخراج إيران من سوريا، مؤكداً أن هذه أمور فى مصلحة الدول العربية ككل.. إلى نص الحوار:

ما رؤيتك، بصفة عامة، لسياسات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تجاه منطقة الشرق الأوسط خلال عامين مضيا من حكمه؟

- بصفة عامة أرى أن السياسات الخارجية التى انتهجها الرئيس الأمريكى ترامب تجاه المنطقة بها إيجابيات كثيرة باستثناء قراراته وسياساته الخاصة بالقضية الفلسطينية.

كيف ذلك؟

- الخط الأول الإيجابى فى سياسات «ترامب» الخارجية تمثَّل فى امتلاكه رؤية واضحة ومعلنة ومحددة لمواجهة التحركات الإيرانية والتركية فى المنطقة، لديه موقف واضح من تدخل الدولتين فى الدول العربية، وهو يحاول الآن وضع استراتيجية لمنع إيران من التوغل فى سوريا ولبنان واليمن. والأمر الأخير مطلوب فى العالم العربى ككل، فمرفوض أن دولة مثل إيران يكون لديها هذا النفوذ وتدعى أنها تسيطر على 4 عواصم عربية، وكذلك الأمر بالنسبة لتركيا. والإدارة الأمريكية الحالية لديها إيمان بضرورة وقف هذه التدخلات، وهذا أمر إيجابى لدى «ترامب» واليمين الجمهورى الذى يمثله. ولأول مرة تقف الولايات المتحدة مع الدول العربية ضد التدخل من الدولتين، وتقف مع الدول العربية ضد الإرهاب وضد التطرف الدينى وضد الإخوان والتنظيمات المتطرفة مثل تنظيم «داعش»، تقف مع الدول العربية بأنه لا بد من استقرار فى ليبيا واليمن، وأن يكون هناك استقرار فى لبنان، وهذا يحقق أهداف الدول العربية، ولكن المشكلة جاءت فى التعامل مع قضية فلسطين.

{long_qoute_1}

قلت إن القضية الفلسطينية هى الاستثناء..

- ما قام به «ترامب» هو تنفيذ لما تحدّث عنه فى فترة حملته الانتخابية بخصوص القضية الفلسطينية والعلاقات مع إسرائيل، وعملية نقل السفارة الأمريكية عملية مسرحية من «ترامب»، وهو لا يعرف حتى الآن كيف سيتحرك تجاه فلسطين.

لكن هل هذا الاستثناء يهدم الإيجابيات التى ذكرتها فى السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنطقة خلال العامين الماضيين؟

- لماذا سيهدمها؟! قضية فلسطين منذ 50 سنة، وما فعله «ترامب» فقط إقرار لواقع وهو سيطرة الإسرائيليين على مدينة «القدس»، وبالتالى كانت خطوة «ترامب» خطوة مسرحية غير مقبولة لا من الدول العربية ولا حتى على المستوى الدولى، وهى فقط خطوة تأتى كنوع من الإرضاء للمجموعات القريبة من إسرائيل. وأيضاً من السلبيات أن الاحتلال يواصل عملية الاستيطان وبناء المستوطنات، وهذه عملية سلبية جداً ولا تتحرك الإدارة الأمريكية. ولكن رغم هذا يجب الاستفادة من الإيجابيات التى تحملها السياسة الخارجية الأمريكية الحالية الخاصة برفض التدخل التركى والإيرانى فى المنطقة. أيضاً هناك جانب آخر، هو كيف ستتعامل «واشنطن» مع إيران التى تهدد مصالح إسرائيل، وهناك توجد محاولة أمريكية للالتفاف من خلال بناء تحالف شرق أوسطى لمواجهة إيران.

{long_qoute_2}

فيما يتعلق بنظرة الرئيس «ترامب» للأوضاع فى سوريا، كيف فكر «ترامب» فيها؟

- هنا علينا أن نقارن بين إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما والرئيس «ترامب»، الاثنان متفقان على ضرورة ألا يكون هناك تدخل عسكرى أمريكى يتسبب فى خسارة جنود أمريكيين فى المنطقة، ولكن «أوباما» قام بذلك بشكل خلق كثيراً من المشكلات فى الشرق الأوسط من خلال مراضاة إيران وتركيا على حساب المنطقة العربية.

وماذا كانت نتيجة ذلك؟

- كانت النتيجة أن تركيا وإيران بالتعاون مع قطر تدخلوا تدخلاً سافراً فى شئون المنطقة وأسقطوا بعض الأنظمة القائمة.

وماذا عن إدارة «ترامب»؟

- إدارة «ترامب» متيقظة لذلك، وتحاول على سبيل المثال إخراج الإيرانيين من سوريا، وتتعاون مع روسيا لهذا الغرض، كون «ترامب» يأتى الآن ويتحدث عن انسحابه من سوريا فهذا تنفيذ لوعد من وعوده الانتخابية، وقد يكون الانسحاب أمراً سلبياً، لكنه أيقظ الأطراف بضرورة أن يبحثوا عن حل وألا يستمر الوضع هكذا، ثم عاد «ترامب» ليصحح الموقف نسبياً بأن «واشنطن» لن تسمح للأتراك بالاعتداء على الأكراد فى سوريا، وبالتالى هناك شد وجذب فى هذا الموضوع. والمختصر المفيد فى نظرة «ترامب» إلى سوريا هى أن تخرج كل القوى الأجنبية، وإلى حد كبير يكون هناك تعاون مع روسيا لإخراج القوات الإيرانية، وفى الوقت ذاته الحفاظ على سوريا دولة موحدة.

سياساته جعلت النفوذ الروسى يزداد فى المنطقة عن فترات سابقة، ما رأيك؟

- وما العيب فى ذلك؟ الفكرة الأساسية لدى الأمريكيين هى أن يتقدم الروس فى مناطق القتال والحرب ويتركوا لهم ذلك، ثم يتدخلوا فيما بعد، وهذه فكرة قديمة راسخة لدى الإدارة الأمريكية، هى الاهتمام بالأماكن المستقرة التى بها نفط وترك المناطق الساخنة التى بها قتال إلى الروس. الروس دخلوا سوريا وحاربوا ووصلوا إلى نقطة كان يريد الأمريكيون الوصول إليها، و«ترامب» يريد أن يكون هناك تعاون مع روسيا لحل مشكلات المنطقة ومشكلات العالم ككل.

{long_qoute_3}

الأزمة القطرية ربما يكون عمرها قريباً من عمر ولاية «ترامب» حتى الآن، لكنه كان متناقضاً فى مواقفه من «الدوحة»!

- هذا يُفهم فى اتجاهين، الأول أن هناك تناقضات داخل الإدارة نفسها، خاصة أن وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون كان يتخذ مواقف مساندة لقطر، وبالتالى قام «ترامب» بتغييره، ولكن المشكلة التى تواجه «واشنطن» حالياً أن قطر حليف لها، وكذلك باقى المجموعة الخليجية، «واشنطن» لا تريد خسارة «الدوحة» لأن لها مصالح فيها، منها مثلاً «قاعدة العديد». والآن تعمل الولايات المتحدة على إيجاد تحالف شرق أوسطى استراتيجى يجمع كل هذه الدول، لكنهم ليس لديهم إدراك حقيقى لعمق الخلاقات بين قطر وباقى المجموعة الخليجية ومصر يرتبط بتوازنات القوى ووجود جماعة الإخوان ودعم قطر لهذه الجماعة.

لكن «ترامب» كان لديه لهجة صريحة حين طالب السعودية بالدفع مقابل الحماية، ما تفسيرك لذلك؟

- هذا ليس موقف «ترامب» حيال السعودية فقط، هو طالب ألمانيا وحلف «الناتو» كذلك واليابان. هناك حديث لدى الإدارة الموجودة حالياً أن الولايات المتحدة لنحو 50 سنة تقريباً توفر الحماية لهذه الدول وهذه الدول لا تدفع المقابل، وبالتالى يضغط عليهم وهذا منطق موجه لكل الدول الحليفة لـ«واشنطن»، هذه نظرة رجل أعمال «تدفع أشتغل».

على صعيد العلاقات الأمريكية المصرية، كيف تعامل «ترامب» مع «القاهرة»؟

- تجمع مصر والرئيس الأمريكى «ترامب» علاقة خاصة، ولكن المشكلة هى أنه لا تزال هناك جماعات، سواء فى الكونجرس أو من الإدارة السابقة والحالية، هذه القوى تسير فى خط الإخوان، لأن الإخوان يقدمون أنفسهم على أنهم ضحايا حقوق إنسان وهم فى الحقيقة متطرفون دينياً، وهذه مشكلة تستوجب منا توضيح الرؤية، ولكن فى كل الأحوال «ترامب» لا ينظر إلى هذه الأمور وما يروجه الإخوان، ولكن المشكلة أن «ترامب» ليس وحده.


مواضيع متعلقة