بعد «هزيمة بريكست»: تصويت لحجب الثقة عن رئيسة وزراء بريطانيا.. وصحف لندن: «إذلال»

كتب: محمد الليثى ووكالات

بعد «هزيمة بريكست»: تصويت لحجب الثقة عن رئيسة وزراء بريطانيا.. وصحف لندن: «إذلال»

بعد «هزيمة بريكست»: تصويت لحجب الثقة عن رئيسة وزراء بريطانيا.. وصحف لندن: «إذلال»

واجهت رئيسة الوزراء البريطاينة، تريزا ماى، أمس، مذكرة لحجب الثقة يمكن أن تسقط حكومتها غداة الهزيمة القوية التى مُنيت بها فى البرلمان الذى رفض بغالبية ساحقة التصويت على الاتفاق الذى أبرمته للخروج من الاتحاد الأوروبى. وأمام مجلس العموم البريطانى لم تحصل الاتفاقية التى توصلت إليها الزعيمة المحافظة إلا على تأييد 202 من الأعضاء فيما رفضها 432، فى أفدح هزيمة تلحق برئيس حكومة بريطانى منذ العشرينات، ليعرض هذا التصويت التاريخى بريطانيا للمجهول بخصوص مستقبلها، قبل شهرين ونصف الشهر على بريكست المرتقب فى 29 مارس.

وفور إعلان نتائج التصويت، أمس الأول، قدم زعيم المعارضة العمالية، جيريمى كوربن، مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة، واصفاً النتيجة بأنها «كارثية». ورأى كاتب الافتتاحية فى صحيفة «تايمز»، ماثيو باريس، أنه آن الأوان لكى يتولى البرلمانيون المعارضون ملف بريكست، وكتب: «ليس هناك أى قيادة، لا داخل الحكومة ولا فى المعارضة، قادرة على مساعدتنا على الخروج من هذا المستنقع».

{long_qoute_1}

واعتبر الاتحاد الأوروبى والدول الأعضاء أن رفض البرلمان البريطانى الاتفاق المبرم بين لندن وبروكسل حول بريكست يزيد من مخاطر خروج بريطانيا من التكتل بدون اتفاق، وقال رئيس المفوضية الأوروبية «جان كلود يونكر»: «أدعو بريطانيا إلى توضيح نواياها فى أسرع وقت ممكن.. لم يعد هناك الكثير من الوقت». وأضاف: «اتفاق الخروج هو تسوية منصفة ويشكل أفضل اتفاق ممكن، يحد من الآثار المسيئة لبريكست على المواطنين والشركات فى مجمل أنحاء أوروبا.. إنه يشكل الحل الوحيد لضمان خروج منسق لبريطانيا من الاتحاد الأوروبى».

وتابع: «مخاطر خروج بريطانيا بشكل غير منظم تزايدت مع التصويت، ورغم أننا لا نرغب فى مثل هذا الاحتمال، فإن المفوضية الأوروبية ستواصل أعمالها بشكل طارئ للمساعدة فى ضمان أن يكون الاتحاد الأوروبى مستعداً بشكل كامل لذلك». وقال رئيس المجلس الأوروبى، دونالد توسك: «إذا كان من المتعذر التوصل إلى اتفاق، ولا أحد يريد أن يكون هناك أى اتفاق، إذن من سيتحلى بالشجاعة لقول ما هو السبيل الوحيد الإيجابى؟»، فيما اعتبر كبير المفاوضين الأوروبيين حول بريكست ميشال بارنييه أن مخاطر خروج بريطانيا بدون اتفاق «لم تكن أعلى مما هى عليه الآن».

من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الألمانى هيكو ماس، أمس، أن تأخير موعد بريكست إلى ما بعد 29 مارس «لن يكون له أى معنى بعد تصويت البرلمان البريطانى»، مضيفاً فى مقابلة صحفية أنه سيكون هناك معنى لتمديد الموعد فقط «إذا كان هناك سبيل لبلوغ هدف التوصل إلى اتفاق بين الاتحاد الأوروبى وبريطانيا»، مضيفاً: «فى الوقت الراهن، ليس هناك غالبية فى البرلمان البريطانى تؤيد وجهة النظر هذه».

وقال أولاف شولتس، نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: «إنه يوم مرير لأوروبا.. جميعنا مستعدون بشكل جيد، لكن بريكست قاسياً سيكون الخيار الأقل جاذبية للاتحاد الأوروبى وبريطانيا»، فيما أعربت أنجريت كرامب كارنباور، زعيمة الحزب الديمقراطى المسيحى والخليفة المحتملة لـ«ميركل»، عن «الأسف العميق للقرار البريطانى»، وكتبت على تويتر: «بريكست قاسٍ سيكون أسوأ الخيارات»، وحضت الشعب البريطانى على «عدم التسرع فى أى شىء».

وفى فرنسا، اعتبر الرئيس إيمانويل ماكرون أن «الضغط بات لديهم» فى إشارة إلى البريطانيين، مضيفاً: «يجب فى مطلق الأحوال أن نتفاوض معهم حول فترة انتقالية لأن البريطانيين لا يمكنهم تحمل أن تتوقف الطائرات عن الإقلاع أو الهبوط على أراضيهم كما أن متاجرهم تؤمِّن إمداداتها بنسبة 70% من أوروبا القارية». وأكدت الوزيرة الفرنسية المكلفة بالشئون الأوروبية، ناتالى لوازو، أمس، أن إرجاء موعد بريكست المقرر فى 29 مارس «ممكن قانونياً وتقنياً» إذا طلب البريطانيون ذلك، وقالت: «حالياً ليست سوى فرضية، لأن رئيسة الوزراء البريطانية لم تطلب ذلك أبداً ولا فعل أحد من أوساطها».

وأعلنت الحكومة الأيرلندية أنها ستكثف استعداداتها لاحتمال حصول بريكست بدون اتفاق، وقال بيان صادر عن دبلن: «للأسف، نتيجة تصويت الليلة تزيد من مخاطر بريكست غير منظّم. وبالتالى، فإن الحكومة ستستمر بتكثيف استعداداتها لمثل هذه النتيجة». وقال رئيس الوزراء الإيطالى، جوسيبى كونتى: «فى انتظار أن توضح الحكومة البريطانية نواياها للمرحلة المقبلة، ستواصل الحكومة الإيطالية العمل بشكل وثيق مع المؤسسات والدول الأعضاء الأخرى فى الاتحاد الأوروبى للحد من العواقب السلبية لبريكست». وأضاف أن إيطاليا «تواصل وتكثف جهودها لكى تكون مستعدة لكل السيناريوهات بما يشمل سيناريو خروج بدون اتفاق فى 29 مارس».

واعتبر المستشار النمساوى سيباستيان كورتز أنه «فى مطلق الأحوال، لن يكون هناك إعادة تفاوض على اتفاق الخروج»، فيما رأى رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز أن خروجاً غير منظم سيكون سلبياً للاتحاد الأوروبى وكارثياً لبريطانيا». واستخدمت الصحف البريطانية، أمس الأول، تعابير مثل «السحق» و«الإذلال» بشكل بارز فى عناوينها بعد الرفض الواسع فى مجلس العموم لخطة «ماى» للخروج من الاتحاد الأوروبى، وقالت الصحف إن قبضة «ماى» على السلطة بدأت تهتز بعد التصويت العارم ضد الاتفاق الذى توصلت إليه حكومتها مع بروكسل.

{long_qoute_3}

وقال الدكتور وفيق مصطفى، رئيس الرابطة العربية بحزب المحافظين فى بريطانيا، فى اتصال هاتفى لـ«الوطن»، إن هناك انقساماً كبيراً على «بريكست» نفسه، معلقاً على عملية سحب الثقة، أمس، بأنه بالطبع لا تمر لأنه يوحد موقفه نفسه داخل البرلمان كحزب، ولكن مرحلة بعد ذلك هل ستبقى رئيس وزراء أم لا، هذا «مربط الفرس». وتابع: «جرت العادة على أن أى رئيس وزراء أو رئيس أوروبى عندما يفقد هذا العدد والكم الهائل من الأصوات، فهو يعيد النظر فى موقفه كرئيس وزراء أو رئيس دولة ومن الممكن أن يستقيل، وتأتى حكومة جديدة أو انتخابات عامة». وقال خالد مصطفى، المحلل السياسى، إن التصويت لم يكن مفاجئاً بالنسبة للحكومة البريطانية ورئيستها لأنها دخلت التصويت على الاتفاقية النهائية وهناك 428 صوتاً يرفضون الاتفاقية، والمجلس قوامه 650 عضواً وهناك 317 من حزب المحافظين، ولكن تم حذف 15 صوتاً لم يصوتوا فى عملية التصويت على الاتفاقية، بالتالى كانت «ماى» مطالبة بأن تحصل على 318 من 635، لكن الاتفاقية رُفضت بـ432 مقابل 202، وافقوا على تمريرها، بالتالى هذه الهزيمة هى أكبر هزيمة مُنى بها رئيس وزراء وحزب على مدى تاريخ مجلس العموم البريطانى.

وأشار فى اتصال هاتفى من «لندن»، إلى أن «الاتحاد الأوروبى» طالب بريطانيا بأن يكون موقف الحكومة أكثر إيجابية ووضوحاً لأنه حتى هذه اللحظة لا يعرف مع من يتحدث، وهناك عملية غموض من الموقف البريطانى، وحالة غموض من الاشتباك السياسى الدائر فى الشارع البريطانى. وعلق على التصويت على حجب الثقة من مجلس العموم قائلاً إن البرلمان يرفض عملية حجب الثقة لسببين، الأول أن الـ100 عضو المناوئين لـ«تريزا ماى» داخل البرلمان رفضوا عملية تمرير الاتفاقية لكنهم لا يوافقون على حجب الثقة حتى لا تتاح الفرصة لزعيم حزب العمال المعارض البريطانى، جيريمى كوربين، لتولى زعامة الحكومة وبالتالى يختفى حزب المحافظين بعد هزيمة تاريخية غير مسبوقة.

وتابع: «ثانياً الحزب الأيرلندى المكون من 10 أعضاء رفض الاتفاقية لأن الاتفاقية من الممكن أن تعيد الخلاف الحدودى بين أيرلندا الشمالية والجنوبية، بالتالى الحزب الأيرلندى يصوت على عدم حجب الثقة عن تريزا ماى». وقال: «على الرغم من رفض مجلس العموم الاتفاق إلا أن موعد الخروج ما زال فى التاسع والعشرين من مارس المقبل لكن فى حال تقدم تريزا ماى بطلب للاتحاد الأوروبى لتمديد موعد الخروج سوف يمتد الموعد فقط إلى نهاية يونيو 2019، بالتالى موقف رئيسة الوزراء يزداد صعوبة مما قد يتيح الفرصة للمعارضة بالتقدم بطلب لإجراء استفتاء آخر وهو بالفعل ما سوف يتقدم به 100 عضو من حزب العمال حال نجاة الحكومة من طلب حجب الثقة».

{long_qoute_2}

وأضاف أنه «من ناحية أخرى وصف وزير الخارجية الأسبق بوريس جونسون أن ما حدث لم يكن متوقعاً وهزيمة ماى ليست كارثية فقط بل تعرض حزب المحافظين للمرة الأولى لانتكاسة تاريخية فى مجلس العموم، والهزيمة كانت بداية حقيقية لنهاية الاتفاقية وجعلتها فى عداد الأموات وعلى الحكومة أن تعيد التفاوض من جديد بينما وصف زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار فينس كيبل الهزيمة بأنها طريق النهاية ولا بديل عن استفتاء ثانى لإنقاذ البلاد من الحرب الأهلية السياسية التى تشهدها لأول مرة منذ أكثر من ستين عاماً».

 


مواضيع متعلقة