السيناريوهات المتوقعة لـ"بريكست" بعد رفض البرلمان البريطاني خطة "ماي"

السيناريوهات المتوقعة لـ"بريكست" بعد رفض البرلمان البريطاني خطة "ماي"
وجه البرلمان البريطاني صفعة قوية لرئيسة الوزراء تيريزا ماي، حيث صوت بأغلبية ساحقة بالرفض حول اتفاق "بريكست"، مساء أمس، وهو الاتفاق الذي تفاوضت عليه "ماي" للخروج من الاتحاد الأوروبي.
ورفض النواب في مجلس العموم بغالبية 432 صوتا مقابل 202 الاتفاق بشأن "بريكست"، الذي توصلت إليه ماي مع الاتحاد الأوروبي.
وعقب التصويت مباشرة، قالت ماي "إن المجلس قال كلمته والحكومة ستمتثل"، مضيفة أنه "من الواضح أن المجلس لا يؤيد هذا الاتفاق لكن التصويت هذه الليلة لا يكشف ماذا يؤيد"، مشيرة إلى أن التصويت لا يكشف "أي شيء حول الطريقة التي ينوي بها المجلس تطبيق قرار الشعب البريطاني بالخروج من الاتحاد الأوروبي، أو حتى ما إذا كان ينوي فعل ذلك.. استمعوا للشعب البريطاني الذي يريد تسوية هذه المسألة"، بحسب موقع "بي بي سي" البريطاني.
وفي المقابل، قدم زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن مذكرة لحجب الثقة عن حكومة ماي، واصفا هزيمة الحكومة بأنها "كارثية" استنادا إلى نتيجة التصويت على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ومن الممكن أن تتسبب تلك الهزيمة التاريخية لماي بأن تضع البلاد في مأزق، بشأن عضويتها في أكبر تكتل تجاري في العالم، الذي شكل اقتصادها على مدى عقود، أو إجبار رئيسة الوزراء على تأجيل خروج بريطانيا المقرر من الاتحاد الأوروبي يوم 29 مارس، وربما يفتح المجال أمام خيارات أخرى تتراوح بين إجراء استفتاء آخر أو ترك الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق، وفقا لموقع "سكاي نيوز".
وفي السياق نفسه، أكدت المفوضية الأوروبية، اليوم، أن اتفاق "بريكست" غير قابل لإعادة التفاوض.
وقبل التصويت، قالت تقارير صحفية بريطانية إن رئيسة الوزراء ستجبر البرلمان على التصويت مرة أخرى على اتفاقها رغم مواجهة الهزيمة، حيث إن نتيجته تفتح الطريق أمام احتمالات تتراوح بين الانسحاب الفوضوي أو تغيير المسار والتراجع عن الانسحاب.
وتعتبر نتيجة التصويت صفعة قوية لـ"ماي"، والذي يطرح عدة احتمالات لبريطانيا بالفترة المقبلة، وفقا للدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، موضحا أن لندن من المرجح أن يكون أمامها سيناريوهان، أقربهم للواقع هو "التعامل الصفري" مع الحدث، على حد وصفه.
وأوضح فهمي، لـ"الوطن"، أن السيناريو المرجح يعني سحب الثقة من "ماي" ومراجعتها من قبل حزب المحافظين الحاكم وداخل مجلس العموم البريطاني، حيث إن الرفض القوي للاتفاقية يضعها في مأزق، ولا يتيح المجال أمامها لإعادة ترتيب أوراقها، خاصة في ظل حدوث انشقاقات كثيرة حول رئيسة الوزراء وتراجع كبير في دعمها بخطتها، ما يجعلها يمكن أن تكون الضحية خلال الفترة المقبلة.
وباعتبار "ماي" امرأة حديدية، فهي تريد أن تناور لتجنب اعترافها للرأي العام البريطاني بأنها فشلت في تمرير الاتفاق، لذلك من المرجح أن تطرح إمكانية إجراء استفتاء جديد بإنجلترا عن الخروج من الاتحاد البريطاني، كآخر ورقة محتملة لماي، التي كانت أعلنت مسبقا أنها ستنسحب من الحياة السياسية إذا فشلت خطتها في الانسحاب وهو ما ليس واردا الآن، وفقا لفهمي، مشيرا إلى أن ذلك يعتبر بالنسبة لرئيسة الوزراء حاليا هو "انتحار سياسي" لها ولحزبها.
أما السيناريو الثاني، في رأي أستاذ العلوم السياسية، هو إطالة زمن الأزمة لإعداد بنود اخرى جديدة في الاتفاق، ثم إعادة التصويت عليها، ومحاولة الضغط على الاتحاد الأوروبي للموافقة عليها، مستبعدا ذلك الأمر، حيث إن الحل الآن بات من داخل بريطانيا وليس من الاتحاد الذي يضغط قادته لإنهاء الأمر سريعا، لذلك على "ماي" أن تقرر مصيرها بنفسها وألا تمارس أي مراوغات سياسية جديدة، على حد قوله.
فيما قال السفير رخا حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إنه في ظل تلك النتيجة برفض الاتفاقية، يرجح إمكانية أن سحب الثقة من "ماي"، ثم إجراء انتخابات عامة وتشكيل حكومة جديدة، لإعادة التفاوض حول الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي.
أما السيناريو الآخر، في رأي حسن، هو أن تدعو الأحزاب بالبرلمان لإجراء استفتاء جديد على الانسحاب، خاصة بعد تأكيد قادة الاتحاد الأوروبي أن موقفهم ثابت وأنه لن يجروا تعديلات على الاتفاق مرة أخرى، مرجحا أن ذلك الأقرب بالنسبة له، في ظل زيادة أعداد المؤيدين لذلك، حيث بات واضحا ارتفاع احتمالية تفكك وتقسيم المملكة المتحدة، بسبب أزمة إيرلندا الشمالية، ورغبة استكلندا في اتباع النهج نفسه، وطرح أيضا احتمالا ثالثا هو محاولة حصول بريطانيا على مهلة جديدة للتفاوض على اتفاق جديد.