«جحا» وابنه والحمار
لمن لا يذكر القصة التراثية الأشهر فى التاريخ الثقافى العربى، «جحا» وابنه والحمار عندما ساروا بالطريق العام أمام المارة، فى المرة الأولى ركب «جحا» الحمار وترجل ابنه ماسكاً بحبل الحمار، فعاب الناس ذاك الأب غير الرحيم الذى يركب الحمار منفرداً تاركاً ابنه الطفل الصغير ماشياً أمامه، فحاول «جحا» إصلاح الأمر بأن نزل هو وأركب ابنه الحمار، فعاد الناس للوم قائلين: يا له من طفل وقح يركب الحمار ويترك أباه الشيخ الكبير ماشياً!! يال العار.
تدارك «جحا» الإثم الخطير وركب هو وابنه ظهر الحمار فعاب الناس عدم رحمة الأب وابنه وثقل وزنهما على ظهر الحمار المسكين، نزل «جحا» وابنه من على ظهر الحمار وسارا بقربه فازداد تهكم الناس على جنون الرجل وابنه كيف هما بهذا الحمق يمشيان تاركين ظهر الحمار خالياً، لماذا إذاً يمتلكان حماراً؟!! ما كان من «جحا» المسكين وابنه إلا أن حملا الحمار على عاتقهما وأيضاً ما عجب الناس أمرهما وظلوا يسخرون من «جحا» وابنه.
خلاصه القول أنت مهمها فعلت ومهما استمعت لتنظير وسخرية ونقد البشر، أبداً لن تعجبهم ولن يرضوا عنك، ناسين أنه من عاب ابتلى، وأنه من تدخل فيما لا يعنيه لقى ما لا يرضيه، الناس تنشغل بك وبأمرك ليس دائماً حباً بك أو اهتماماً لأمرك، بل لربما لملاحظتك أو مراقبتك (إما إعجاباً بك وبما تفعل بهذه الحياة أو غيرة وحقداً، أو مجرد فضول)، والدليل على هذا أنك إذا ما وقعت بأزمة حقيقية استوجبت المساعدة انفضوا عنك وأداروا ظهورهم وتوقفوا عن ظهورهم فى حياتك.
ليت كل البشر تركز فى أمورها الشخصية وتهتم لحال أنفسها وبذويها وتترك ما دون ذلك، فحياة الناس أسرار وأستار فلا تكشفوها ولا تتواقحوا على عباد الله.
لماذا تنظر على غيرك وتقترح عليه ما يجب عليه فعله؟! أأنت هو؟! أظروفك هى ظروفه؟ أو تراها تتطابق شخصياتكما؟!
إن راقبت الناس فليكن هذا من أجل تفقد أحوالهم ومد يد العون لمن يحتاج.
سيروا بدروبكم بأمان لتجتازوا صعاب هذا العالم، ولا تلتفتوا للمتفلسفين والمنظرين على غير علم، والمتقولين والفضوليين، ولا تعطوا للناس أذناً أو انتباهاً بأموركم الشخصية، فالناس لا يعجبها شىء ولا ترضى عن شىء، فقط ارضوا الله وهو سوف يرضيكم ويهديكم ويبعد عنكم جميع الشرور، وقبل أن تسمعوا لنصيحة أحد ما فكروا ملياً فى مدى صلاحيتها لحياتكم وظروفكم، بعد أن تتأكدوا من نواياه ومشاعره تجاهكم.