«القرنية» تجدد الجدل حول «زراعة الأعضاء» بين مجلس النواب والأطباء والأزهر

«القرنية» تجدد الجدل حول «زراعة الأعضاء» بين مجلس النواب والأطباء والأزهر

«القرنية» تجدد الجدل حول «زراعة الأعضاء» بين مجلس النواب والأطباء والأزهر

أثار مشروع قانون تعديل «تشريع زرع الأعضاء البشرية» المُقدم من النائبة شيرين فراج، الذى يحظر انتزاع قرنية المتوفى دون موافقة المريض أو أهله، حالة من الجدل داخل الأوساط البرلمانية والطبية والدينية، حيث طالب «النواب» بتنظيم حملة قومية لنشر ثقافة «التبرع بالأعضاء البشرية» خصوصاً أن عدد المتبرعين منذ 2010 أربعة أفراد فقط، فيما أفتى هيئة كبار العلماء بحرمة نقل وزراعة الأعضاء دون موافقة المتوفى أو أهله.

ويلغى مشروع القانون الجديد، التشريع رقم 103 لسنة 1962 وتعديلاته 79 لسنه 2003 فى شأن إعادة تنظيم بنوك العيون، الذى يتيح الحصول على قرنية الميت بالمستشفيات المُرخص لها بوجود بنوك عيون، دون الرجوع إلى أهل المتوفى. وقصر مشروع القانون المُقدم للبرلمان حصول بنوك حفظ قرنيات العيون على قرنيات العيون من مصادر معينة وهى: عيون الأشخاص الذين يوافقون موافقة كتابية موثقة على التبرع بها بعد وفاتهم بغير مقابل، وقرنيات عيون قتلى الحوادث الذين تأمر النيابة العامة بإجراء الصفة التشريحية لهم. وينص التعديل على أنه لا يجوز التبرع بأى عضو بشرى إلا بإرادة حرة تماماً وثابتة بالكتابة وموثقة من المُتبرع، وإلا لا يأخذ بها.

{long_qoute_1}

من جانبه، قال النائب مجدى مرشد، رئيس لجنة الشئون الصحية السابق، إن قرنية العين ليست عضواً وإنما نسيج بشرى، ومن هنا كان استناد المستشفيات فى انتزاعها دون الرجوع لأهل المتوفى، ومع ذلك فالحصول على موافقة مسبقة من المتوفى أو أهله أمر متفق عليه، لكن المشكلة الأساسية هى غياب ثقافة التبرع بالأعضاء البشرية لدى المواطنين. وأضاف «مرشد»، لـ«الوطن»، أنه منذ إصدار القانون رقم 5 لسنة 2010 بشأن زرع الأعضاء البشرية، أى منذ 9 أعوام، فإن 4 مواطنين فقط هم مَن ذهبوا للشهر العقارى وطالبوا بالتبرع بأعضائهم البشرية بعد وفاتهم، ما يعنى أن المشكلة ليست فى القوانين وبالتالى فكرة الموافقة المُسبقة لن تحدث.

وطالب «مرشد» الدولة بتنظيم حملة قومية لنشر ثقافة التبرع لدى المواطنين على غرار حملة «100 مليون صحة» بدعم من الأزهر والكنيسة، خصوصاً أن التبرع بالأعضاء سينقذ حياة آلاف المواطنين، قال تعالى: «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً». من جانبها، أكدت النائبة الدكتورة شيرين فراج، عضو مجلس النواب، أن الهدف من إجراء التعديل معالجة عوار دستورى بالقانون رقم 103 لسنة 1962، الذى يتيح الحصول على قرنية الميت دون الرجوع له، واستبداله بالتعديل الجديد المقدم على القانون رقم 5 لسنة 2010، الذى بموجبه يشترط الحصول على موافقة المتبرع بأى عضو بشرى «بما فيها قرنية العين» إلا بإرادة حرة تماماً وثابتة بالكتابة وموثقة، وإلا لا يأخذ بها، كما يُحظر التبرع من الطفل حتى فى حالة موافقة والديه، كما لا يقبل التبرع من عديم الأهلية أو ناقصها، ولا يعتد بموافقة مَن ينوب عنه أو من يمثله قانوناً».

وأضافت «فراج» أنه «منعاً للتلاعب فى موافقة المتبرع نظراً لحالته الصحية، فقد اشترطت إحاطة كل من المتبرع والمتلقى، إذا كان مدركاً بطبيعة عمليتى النقل والزرع ومخاطرهما المحتملة على المدى القريب أو البعيد، والحصول على الموافقة الموثقة للمتبرع، وكذلك موافقة المتلقى، ويتم تحرير محضر بذلك يوقّع عليه المتبرع، ويرفق به الموافقة الموثقة الدالة على التبرع». وأشارت إلى وجود مادة بالقانون رقم 103 لسنة 1962 تبيح أخذ القرنية دون اشتراط موافقة من المتوفى، ما أدى إلى حدوث أزمات، الأمر الذى يستوجب تعديل المادة دون المساس بإنشاء وعمل بنوك القرنية القائمة. وشددت على ضرورة وجود قانون واحد يحكم عملية نقل وزراعة الأعضاء البشرية والأنسجة.

من جانبه، قال الدكتور سمير التونى، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء، إن مشروع القانون الجديد لم يعرض على النقابة، لكن نص الكتاب الدورى رقم 22 لسنة 2008 بشأن إعادة تنظيم بنوك قرنيات العيون، يقضى بأن تحصل تلك البنوك على القرنيات من عيون الأشخاص الذين يوافقون موافقة كتابية على نقلها بعد وفاتهم بغير مقابل، وقرنيات قتلى الحوادث الذين تأمر النيابة العامة بإجراء الصفة التشريحية لهم، وقرنيات عيون الموتى بالمستشفيات والمعاهد المرخص لها فى إنشاء بنوك قرنيات العيون والتى يجمع ثلاثة من الأطباء رؤساء الأقسام المعنية على نقلها وفقاً للإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية للقرار بقانون إعادة تنظيم بنوك قرنيات العيون المشار إليه.

من جانبه، قال الدكتور فتحى خضير، عميد كلية طب قصر العينى السابق، رئيس لجنة تطوير مستشفيات قصر العينى، إنه «موافق» على مشروع القانون الجديد، مطالباً بالاهتمام بالقانون والموافقة على التعديلات المستحدثة فيه، خاصة فيما يتعلق بجزئية «التبرع بالقرنية».

وأضاف أن عدداً كبيراً من الأطباء طالبوا منذ سنوات بتعديل عدد من البنود فى القانون، خاصة فيما يتعلق بالحصول على الموافقة الكتابية الموثقة للمتبرع، وكذلك موافقة المتلقى، وأن يتم تحرير محضر بذلك يوقع عليه المتبرع، وتُرفق به الموافقة الموثقة الدالة على التبرع، وأن يكون لكل إنسان الحق فى التبرع بأعضاء جسده أثناء حياته أو بعد مماته بموجب موافقة أو وصية موثقة.

وطالب «خضير» بإطلاق حملة إعلانية وتوعوية للمواطنين من أجل التشجيع على التبرع بأعضائهم بعد وفاتهم، وتوثيق ما يثبت هذا التبرع، سواء كان لشخص معين أو لمؤسسة ما.

وقال الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار العلماء، إنه لا يجوز شرعاً المساس بالمتوفى وأعضائه إطلاقاً، حال عدم وصيته بالتبرع بشىء من أعضائه، مضيفاً لـ«الوطن»: «حُرمة جسد الإنسان وهو حى كحرمة جسده وهو ميت، لذلك لا يجوز شرعاً نقلها، فالتبرع مباح شرعاً، ولنا فى الشيخ سيد طنطاوى الإمام الأكبر عبرة، حيث أوصى قبل وفاته بالتبرع بقرنيته، أما نقل الأعضاء سواء كانت القرنية أو غيرها من المتوفى دون إذن مسبق منه أو علم أهله فلا يجوز، فهذا الأمر محرم شرعاً ويعد انتهاكاً لحرمة الميت وعبثاً بالجثة، ومخالفة لشرع الله». وقالت دار الإفتاء، فى فتوى لها، إن نقل القرنية جائز شرعاً إذا توافرت الشروط التى تبعد هذه العملية من نطاق التلاعب بالإنسان الذى كرمه الله تعالى، ويكون من باب إحياء النفس الوارد فى قوله تعالى: «ومَن أَحْياها فكأنَّما أحيا الناسَ جميعاً»، وأن تنأى به عن أن يتحول إلى قطع غيار تُباع وتُشترى.


مواضيع متعلقة