«نحتفل باسمك يا فادي».. كنيسة النهضة تعظم شهيدها في «عيد الميلاد»

06:58 م | الاثنين 07 يناير 2019

احتفل جموع المسيحيين حول العالم بثاني أهم الأعياد بعد عيد القيامة، وهو عيد الميلاد المجيد، والذي شهد احتفالات عديدة على مستوى جميع الكنائس من إطلاق للزغاريد والألعاب النارية، وجاء أهمها على المستوى المحلي ترأس قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، صلوات قداس عيد الميلاد المجيد، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن، وعدد من الوزراء والسفراء والشخصيات العامة، بينما لم يكن الأمر ذاته داخل كنيسة نهضة القداسة الإنجيلية بعين شمس.

"القداسة الإنجيلية" قررت وحدها بين كل كنائس عين شمس، الاحتفال بطريقة مختلفة عن طريقة إحياء ذكرى الشهيد ملازم أول احتياط فادي مدحت فايز، أحد أبناء المنطقة، والذي استشهد أثناء مداهمة أمنية بمدينة الشيخ زويد بالعريش في 17 أغسطس، لتسجل الكنيسة برئاسة راعيها الدكتور القس مودي إبراهيم، واحدة من أهم ألحان الوفاء التي شهدتها المنطقة أمس.

"فيه كنائس كتير قررت تفرح بالعيد.. بس إحنا قررنا نحتفل بالعيد مع أهل الشهيد فادي فايز اللي ضحى بنفسه وبحياته علشان كلنا نعيش ونعيد ونفرح".. كلمات قالها الدكتور القس مودي إبراهيم، راعي كنيسة نهضة القداسة الإنجيلية بعين شمس، أثناء الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، أمس، حيث جمع أهل الشهيد حوله وقرروا تأبينه.

"أنا جيت القاهرة سنة 2004 وفادي كان طفل معانا في الكنيسة وكبر معانا وكان محترم جدا ومتدين ومؤدب وبيعزف موسيقى ومسرحيات وطبعه هادئ".. كلمات بدأ بها القس إبراهيم حديثه، لـ"الوطن"، متذكرا أحد أطفال الكنيسة وشبابها الشهداء الذين ضحوا بحياتهم في سبيل أن يعم الخير والرخاء، موضحا أن الكنيسة أخبرت أهالي المنطقة أنه سيكون هناك صلاة دون احتفالية، "أنا أعلنت إن مفيش احتفالية فالناس افتكرت إن مفيش صلاة ومفيش ناس كتير جت".

وأضاف راعي كنيسة نهضة القداسة الإنجيلية بعين شمس أن فادي كان دائما ما يحب الخدمة الكنيسة والمجتمع المحيط به حتى تم تكريمه من قبل القوات المسلحة بعد استشهاده.

وأشار مدحت فايز، والد الشهيد، إلى أن فادي وُلد في شهر أبريل 1995، وتخرج من كلية التجارة قسم اللغة الإنجليزية في مايو عام 2017 بتقدير عام جيد، حتى قدم أوراقه لأداء الخدمة العسكرية كضابط احتياط في 9 أبريل 2017، وتخرج من كلية ضباط احتياط دفعة 153، "كان دايما مصُر أنه يبقى قائد في الجيش ويدخل ضابط".

التحق فادي بسلاح المدرعات كضابط احتياط، وهو الذي كثيرا ما لم يستمع لحديث أهله بأداء الخدمة العسكرية كجندي عادي، "فادي كان حابب يخش ضابط وإحنا كنا عايزينه يدخل عسكري مجند"، ويضيف والده أنه ذهب لأداء خدمته في شمال سيناء، "مكنش معرفنا أنه في الشيخ زويد وكان بيقولنا إنه في فايد وفي مكان كويس علشان منقلقش عليه".

"كان بيقولنا صلوا علشاني وادعولي إحنا في حتة داخلين تدريبات عنيفة ومقلناش إيه نوعها ومكنش فيه حد يعرف إنه في شمال سيناء غير أخوه.. كان قلبه حاسس".. تلك كانت كلمات الأب المكلوم على ولده بعدما تحدث عنه، الذي أوضح أن خبر استشهاده نبأهم به قائد الوحدة التابع لها فادي، "المقدم محمد فودة بلغني وقلنا تعرف فادي بيخدم فين، قولناله في فايد، وقالنا أنت متعرفش إنه بيخدم في الشيخ زويد، قولناله لا، قالنا هو اتصاب وفي مستشفى المعادي العسكري ولما روحنا قالولنا إنه في غيبوبة كاملة وبعدين قالولنا البقاء لله هو استشهد أثناء مداهمة لأحد الأوكار الإرهابية".

يتابع والد الشهيد أن قائدي القوات المسلحة قد وقفوا بجانب أهل الشهيد بشكل كبير وأنهوا جميع أوراقه، "كانوا واقفين جنبنا وقفة جامدة وخلصوا كل الورق والمستخلصات"، موضحا أن الأمانة العامة لوزارة الدفاع أرسلت بتوصيه لإطلاق اسم الشهيد على مدرسة النهضة الابتدائية بالمنطقة، "الوزارة بعتت التوصية بإطلاق اسم فادي على أحد المدارس ووافقت وزارة التربية والتعليم بس المحافظ الجديد بيأجل في إطلاق الاسم".

ويستطرد: "فادي اسم تحول إلى فعل.. موقف حدث معنا في يوم العزاء بالليل حضر ضابط زميل له وجلس بين المدعوين وفجأة انهار بالبكاء.. اقترب منه البعض ليهدئوه، فقال لهم اليوم ده كان المفروض جنازتي أنا.. كان المفروض المأمورية اللى فيها استشهد فادي كانت مأموريتي أنا وهو قالى انزل أنت روح يا مصطفى علشان عيد الأضحى بعد بكرة وأنا هاطلع المأمورية دى بدالك".

تنتهي كلمات الملحمة لكن يستمر نهر التضحية المصري يجري للدفاع عن كل شبر من أرضها، ويفدي أبناؤها عزتها وشرفها بدمائهم، مسلم مسيحي لا نفرق بين أحد من أبنائها كما لا يفرق العدو بين قتل من يصلي في مسجد أو من يصلي في كنيسة، هكذا كتب على مصر تقديم أبنائها فداء للأرض وللإنسانية أجمع.