الحكومة تعلن الحرب على «القطاع غير الرسمى» و«الشمول المالى» و«التعداد الاقتصادى» أبرز الأدوات

كتب: هشام إبراهيم وتمام نورالدين

الحكومة تعلن الحرب على «القطاع غير الرسمى» و«الشمول المالى» و«التعداد الاقتصادى» أبرز الأدوات

الحكومة تعلن الحرب على «القطاع غير الرسمى» و«الشمول المالى» و«التعداد الاقتصادى» أبرز الأدوات

«التحول نحو مجتمع رقمى» و«تعداد المنشآت الاقتصادية» و«تحسين المنظومة الضريبية» 3 أدوات رئيسية تتبناها الحكومة خلال الفترة الراهنة فى محاولة منها لاجتذاب الاقتصاد غير الرسمى للانضمام تحت المظلة الرسمية للدولة، وهو الأمر الذى طالما بحثت الدولة عن تحقيقه طيلة الفترات الماضية لما له من آثار إيجابية منتظرة على مؤشرات الاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة.

شهدت الفترة الأخيرة بدء الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى إجراء عملية التعداد الاقتصادى الخامس، بهدف رصد مدخلات ومخرجات كافة الأنشطة الاقتصادية، ليتم الانتهاء منه خلال شهر مايو المقبل، كما تخطط وزارة المالية لإجراء تطوير هيكلى بمنظومة الضرائب وكذلك الجمارك للتيسير على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى رؤية الدولة نحو التحول لمجتمع رقمى يقوم بشكل جوهرى على مبادئ الشمول المالى.

{long_qoute_1}

وتشير أحدث الدراسات التى أعدها اتحاد الصناعات المصرية إلى أن حجم الاقتصاد السرى أو غير الرسمى يصل لنحو 4 تريليونات جنيه، بما يعادل 60% من حجم الاقتصاد القومى والمقدر بنحو 400 مليار دولار، أى ما يزيد على 7 تريليونات جنيه، طبقاً لأحدث تقديرات بعد تحرير سعر الصرف.

ومن ناحيته قال محمد البهى، رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات، إن الفترة الأخيرة شهدت العديد من التحركات الإيجابية من جانب الحكومة نحو دمج الاقتصاد غير الرسمى، مشيراً إلى أن أبرزها هو خطة الدولة لتعزيز الشمول المالى والتحول للمجتمع الرقمى، بالإضافة لمشروع التعداد الاقتصادى للمنشآت، خاصة فى ظل وجود العديد من القطاعات غير المدرجة ضمن إحصائيات ومؤشرات الدولة، بما يفقد الأخيرة العديد من الموارد المالية الضخمة.

وأشار إلى أن كافة المؤشرات تفيد بأنه فى حالة احتساب الضرائب المقدرة بنسبة 20% من تعاملات الاقتصاد الموازى، ستتمكن الدولة من تحصيل عائد ضريبى يصل لنحو 1.4 تريليون جنيه، لافتاً إلى أن أبرز القطاعات التى يتفاقم بها الاقتصاد السرى هى قطاع التجزئة والعقارات، وكذلك أسواق اليوم الواحد.

وأضاف أن هناك أكثر من 1200 سوق منتشرة، سواء الأسواق الدائمة أو أسواق اليوم الواحد، لا تعتمد على الفواتير ويُتداول بها يومياً مبالغ هائلة بدون أى أوراق. {left_qoute_1}

وطالب بضرورة العمل على تبسيط الإجراءات الضريبية وإنشاء مجلس أعلى للضرائب من الخبراء، وتحويل مصلحة الضرائب لهيئة عامة، وتعديل قانون القيمة المضافة وتوحيد سعر الضريبة وإزالة التشوه ببعض سلع الجدول لعدم الطعن بعدم دستوريتها، وإعفاء كل مستلزمات صناعة الدواء أسوة بالمنتج التام، وإقرار قانون محاسبة المشروعات الصغيرة، ومتناهية الصغر.

وشدد «البهى» على بضرورة إحياء مشروع تسجيل الثروة العقارية، حيث عدد الأبنية فى مصر يتجاوز 29 مليون مبنى، المسجل منها لا يزيد على 15%، وهذا من شأنه أن يحصر الثروة العقارية ويحقق عائداً للدولة من ضريبة التصرفات وتعظيم العائد فى حالة إعادة البيع بالعقود الرسمية وقصر التعامل مع الخدمات بمستند التسجيل لجميع المساكن.

وقال على عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إن ملف الاقتصاد غير الرسمى يُعد أحد الملفات التى تأخرت الدولة المصرية فى التعامل معها طيلة الفترة الماضية، مؤكداً أهمية التعداد الاقتصادى لتوفير قاعدة بيانات تشمل مقومات الأنشطة الاقتصادية فى قطاعات الدولة المختلفة، حيث تمثل هذه المقومات الركيزة الأساسية التى تعتمد عليها دوائر صنع القرار فى رسم السياسات والخطط المستقبلية الساعية لتحقيق التنمية الشاملة.

وطالب «عيسى» الدولة بضرورة إطلاق العديد من المحفزات غير التقليدية لإقناع تلك الشرائح للانضمام تحت مظلة الدولة الرسمية، مشيراً إلى أن التيسيرات الضريبية تُعتبر هى الحافز الأساسى فى استقطاب القطاع غير الرسمى، فلابد من وجود محفزات ضريبية عن طريق صياغة ضرائب جديدة خاصة بالمشاريع حديثة الدخول فى القطاع الرسمى وعمل إعفاءات ضريبة، بالإضافة إلى ضرورة إقامة مكاتب فى كافة المحافظات، خاصة فى المناطق الريفية، لتوعية أصحاب المشروعات الصغيرة وضرورة دخولها فى المنظومة الرسمية، وأن ذلك سيكون فى صالحها لكى تستطيع التوسع فى الإنتاج وإقامة مصانع كبيرة، وأن الدولة ستوفر لهم الدعم المادى ومساعدتهم فى تسويق منتجاتهم فى الخارج.

وأكد أشرف الجزايرلى، رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، أهمية الخطوة التى قطعتها الدولة لحل تلك المشكلة بقطاع الصناعات الغذائية عبر قيامها بإطلاق هيئة سلامة الغذاء ومنحها السلطات اللازمة لتحقيق الأهداف المرجوة منها، وهو الأمر الذى سينعكس إيجاباً على مؤشر ثقة المستثمرين بالقطاع وكذلك على قدرته على جذب الاستثمارات الجديدة.

وأضاف أن القطاع غير الرسمى فى مجال الصناعات الغذائية يمثل نحو 50% من إجمالى حجم الاستثمارات العاملة بالقطاع، بما يعنى أن انضمام تلك المصانع إلى الاقتصاد الرسمى سينعش الاقتصاد ويدعم الموازنة العامة للدولة كما أنه يحقق مبدأ التنافسية.

ولفت إلى أن دخول تلك المصانع تحت المظلة الرسمية سيعمل على انخفاض نسبة السلع المغشوشة فى السوق، وهو ما يدعم سمعة المنتج المصرى، وبالتالى زيادة حجم صادراته فى مختلف الأسواق العالمية، حيث يُعد قطاع الألبان والصناعات الغذائية من أهم القطاعات التى تعانى من ظاهرة انتشار السلع غير المطابقة للمواصفات والضارة بالصحة، كما أن وجود تلك الاستثمارات تحت أعين الأجهزة الرقابية يقلل من فرص انتشار الأمراض والسلع الرديئة.

وقال يحيى الزنانيرى، رئيس شعبة الملابس الجاهزة بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن حجم المصانع غير الرسمية داخل قطاع الملابس الجاهزة بلغ نحو 30%، مشيراً إلى أن السبب الرئيسى وراء نمو تلك الإشكالية هو رغبة تلك المصانع فى التهرب من دفع مسئولياتهم الضريبية، وذلك لعدم الثقة فى التقديرات الضريبية المقررة فيها، مما يؤدى إلى منافسة غير عادلة تماماً بين المصانع المرخصة وغيرها من خلال التكلفة الضريبية التى تتحملها المصانع المرخصة، بما يحتم ضرورة العمل على مراجعة المنظومة الضريبية لتكون أكثر تحفيزاً للاقتصاد الموازى وللمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر خلال الفترة المقبلة.

وأكد ياسر زكى، عضو مجلس إدارة شركة «بايونيرز القابضة» والرئيس الإقليمى لقطاع الوساطة فى الأوراق المالية، أن قطاعات العقارات والتجارة يُعد أبرز القطاعات التى تعانى من مشكلات التسرب وعدم الاندماج تحت مظلة الدولة، منوهاً بأن تنفيذ مسح العمالة خارج المنشآت بالتوازى مع التعداد الاقتصادى، سيؤدى إلى توافر صورة مكتملة ودقيقة، سواء عن الاقتصاد غير الرسمى أو العمالة به بجانب العمالة خارج المنشآت مثل الباعة الجائلين وغيرهم، حتى تتمكن الدولة من معرفة الحجم الحقيقى للعمالة المؤقتة والموسمية وتوجيه خططها المستقبلية لهم.

وأضاف «زكى» أن تمكين الشمول المالى فى التعاملات اليومية وخفض حجم التداول النقدى بشكل واسع سيمكّن من السيطرة على السوق غير الرسمى تدريجياً، حيث تستطيع من خلال منظومة الإيداعات والسحوبات معرفة حجم الأموال المتداولة على كل حساب وبالتالى معرفة مصادر هذه الأموال وإحكام الرقابة عليها.


مواضيع متعلقة