«فهيمة» تهزم الوحدة بالناس الحلوة: «فاتحة القهوة دى عشان تسلينى»

«فهيمة» تهزم الوحدة بالناس الحلوة: «فاتحة القهوة دى عشان تسلينى»
تجلس على كرسى أمام مقهى فى حارة النصارى برمسيس، تضع العكاز الذى تسير به إلى جانبها، تظل بالساعات تتأمل المبانى ووجوه المارة والجالسين، تشغل وقتها وتصارع الوحدة المفروضة عليها بعد وفاة زوجها منذ ما يزيد على 10 سنوات.
تضع فهيمة مصطفى يدها على خدها، تنظر إلى الأرض من شدة الملل، أحياناً تضحك وحدها على موقف تذكرته، ولكن رغم الضحكة يبدو الوجه حزيناً والعينان شاردتين. أكثر ما يسعد السيدة السبعينية هو سلام يلقيه عليها أحد المارة، تشعر بأن حاجز الوحدة انكسر ولو لدقائق، تتشبث بالفرصة وتظل تحكى لبعض الوقت: «من ساعة ما جوزى مات وأنا لوحدى، لا عندى ولد ولا بنت، ولا أخ ولا عم، الوحدة وحشة، أقعد حاطة إيدى على خدى وأنفخ من الزهق وبس».
المقهى الذى تجلس عليه كان ملكاً لزوجها، أصرت على أن يكون مفتوحاً من بعده، من جهة لمقاومة الملل وعدم الإحساس بالوحدة ومن جهة أخرى لتحقيق مكسب ولو ضئيل: «أحسن من مفيش». فى إحدى المرات سقطت «فهيمة» أرضاً، أجريت لها عملية تركيب شريحة ومسامير فى قدمها، ذاقت الأمرين من الألم والأوجاع التى عاشتها، ولا تتمنى من الله إلا الستر والصحة وألا تتكرر هذه الأزمة: «رغم إن الناس وقفت جنبى وقت الأزمة وكنت فرحانة بيهم لكن مش عايزاها تتكرر». تتحدث مع المارة لتقتل الوحدة، تدعو للبنات وتردد: «ربنا يرزقكم بكل حاجة حلوة»، وتتحدث مع البعض: «كلهم زى ولادى، بيخافوا عليّا ويحبونى، بس برضه بحزن وأنا طالعة البيت، الحياة لوحدى صعبة».