بيت أشباح فى سوهاج وقاعة أفراح فى بنى سويف.. ما بقاش فيه «عيلة» حيبقى فيه «دوّار» إزاى؟

بيت أشباح فى سوهاج وقاعة أفراح فى بنى سويف.. ما بقاش فيه «عيلة» حيبقى فيه «دوّار» إزاى؟
- أفراد الأسرة
- إدارة أعمال
- البرلمانى السابق
- التواصل الاجتماعى
- الجيل الحالى
- الحياة والعمل
- الفترة الأخيرة
- القضايا المرفوعة
- النيابة العامة
- أبناء
- أفراد الأسرة
- إدارة أعمال
- البرلمانى السابق
- التواصل الاجتماعى
- الجيل الحالى
- الحياة والعمل
- الفترة الأخيرة
- القضايا المرفوعة
- النيابة العامة
- أبناء
قبل سنوات قليلة، وعندما كانت تعلن مكبرات الصوت فى المساجد عن وفاة أحد الأشخاص، نادراً ما كان الناعى ينهى كلامه بجملة «العزاء قاصر على المقابر»، فتلك العبارة لم يكن لها وجود فى قاموس الكثير من العائلات، خاصةً فى القرى، حيث تمتلك كل عائلة الدوار الخاص بها، أو «المضيفة» التى كان أبناء العائلة يتجمعون فيها، يستقبلون المعزين فى فقيدهم، أو يقيمون فيها أعراسهم، أو يتباحثون فى أمور عائلتهم.
ولكن مع غياب مفهوم «لمة العيلة»، تم إغلاق الكثير من هذه الدواوير، حتى تحول بعضها إلى ما يشبه بيوت الأشباح، بعد أن هجرها أبناء العائلة، خاصةً فى محافظة سوهاج، التى شهدت نشوب الكثير من النزاعات بين أفراد الأسرة الواحدة على دوار العائلة، مما استدعى صدور قرارات من النيابة العامة بتشميعها، لحين الفصل فى القضايا المرفوعة بين المتنازعين، كما أن بعضها تم بيعها لوجودها فى مكان مميز وارتفاع قيمة الأرض به، وأصبح العائد من بيعها بمثابة طوق نجاة للورثة، لانتشالهم من أزماتهم المالية.
«شريف أبورحاب»، عضو لجنة المصالحات بسوهاج، أكد أن ظاهرة إغلاق دواوير العائلات أصبحت متفشية فى أغلب قرى المحافظة، وأرجع ذلك إلى عدة أسباب، منها الوضع الاقتصادى وانخفاض مستويات الدخل، موضحاً أن تكاليف الجلوس فى دوار العائلة كانت غير مكلفة قديماً، كما كانت توجد ألفة ومحبة بين أفراد العائلة، أما الآن فأصبح لزاماً على كل من يفتح دوار العائلة أن ينفق مبالغ مالية كبيرة، مما دفعه إلى التخلى تماماً عن فكرة فتح دوار العائلة، وأصبح يستقبل ضيوفه فى منزله.
وأضاف «أبورحاب» أن من يريد أن يسير على نهج آبائه وأجداده، الذين كانوا يحرصون على فتح دوار العائلة، يجب أن يكون من المقتدرين مالياً، إلا أنه أكد أن من لديهم ثروات مالية لا يفضلون الجلوس فى الدوار، لأنهم عادةً ما يكونون مشغولين فى إدارة أعمالهم، والتى فى الغالب تكون فى محافظات الوجه البحرى، ولا يحضرون إلى مسقط رأسهم إلا فى المناسبات.
{long_qoute_1}
وقال «عبدالحكيم العش»، عضو مجلس الشعب السابق، إن دوار العائلة كان بمثابة المحكمة، التى من خلالها يتم حل جميع المشاكل بين أفراد العائلة، كما كان الدوار بمثابة الشريان الذى يربط العائلة بالعائلات الأخرى، أما الآن فأصبحت دواوير العائلات خاوية على عروشها، وعندما يتوفى شخص ما، ينادى المنادى «العزاء قاصر على المقابر»، مؤكداً أن العائلات تفتتت، ودبت الخلافات بين أبنائها، ولم يعد من السهل أن تجد دواراً مفتوحاً كما كان يحدث قديماً، وإنما قد يتم فتحها فقط فى الأعياد، أو بسبب مناسبة زفاف أو وفاة، مشيراً إلى أن الدواوير كانت لا تغلق إلا عندما يخلد أفراد العائلة للنوم.
وأضاف «العش» أنه يتذكر فى بداية دخوله مجلس الشعب فى دورة عام 2000، أن زيارة العائلة الواحدة كان أمراً يسيراً، وكان يكفى أن تتصل بأحد أفراد العائلة، لتبلغه بالزيارة، وعندما تصل تجد أغلب أفراد العائلة مجتمعين فى الدوار، بعكس انتخابات 2015، التى لم يحالفه الحظ فيها، كان يذهب لزيارة أفراد العائلة الواحدة بشكل فردى، فى منزل كل منهم، ونادراً ما كان يجد عائلة مجتمعة فى الدوار الخاص بها.
وأرجع البرلمانى السابق إغلاق دواوير معظم العائلات، إلى أسباب اجتماعية واقتصادية، مؤكداً أن هناك حالات تنافر وخلافات بين أفراد العائلة الواحدة برزت فى السنوات الأخيرة، كما أن الأوضاع المادية تسببت فى ابتعاد أفراد العائلة عن الجلوس فى الدوار بشكل يومى، لأن الأمر أصبح مرهقاً مادياً، وأصبح فتح الدوار قاصراً على المناسبات فقط، لافتاً إلى أن كبار العائلة اختفوا من المشهد، وتغيرت ثقافة الشباب، الذين كانوا يحرصون على الجلوس فى الدوار لاكتساب الخبرة من الكبار، حيث أصبح معظم الشباب منشغلاً بتصفح مواقع التواصل الاجتماعى، واعتبر أنه من الصعب إعادة الوضع كما كان عليه فى السابق، نظراً لأن الحياة تغيرت، وأصبح إيقاعها سريعاً.
ورغم أن دوار العائلة كان يُعد ركيزة أساسية لحل أى مشاكل تظهر بين أبنائها فى بنى سويف، فقد تراجع هذا الدور فى مختلف قرى المحافظة كثيراً خلال الفترة الأخيرة، وكان عادةً ما يقود هذا الدور أحد كبار رجال العائلة، هو «الآمر الناهى» فى كل ما يخص شئونها، ومؤخراً تحول الدوار إلى مجرد قاعة لإقامة حفلات الأفراح، أو موائد الطعام، خاصةً فى شهر رمضان.
«رجب إبراهيم»، مدرس، 59 سنة، من أبناء مركز ناصر، قال: «فى الماضى كان هناك كبير لكل عائلة، يتخذ من حجرة كبيرة فى منزله دواراً للعائلة، يجتمع فيه كل أفراد العائلة لمناقشة أى حادث طارئ، أو لحل مشكلة تخص أحد أطراف العائلة، أو العائلات الأخرى التى تتطلب تدخل العائلة فيها، أو لعرض موقف ما، سواء بيع أو شراء أرض أو منزل، أو التحضير لعرس أو خطبة، فكل ما كان يخص العائلة كان يطرح فى دوارها، الذى كان يجمع الكبير قبل الصغير».
وتابع بقوله إن «الكلمة التى تقال من الكبير فى دوار العائلة، كانت بمثابة قانون يسرى على الجميع، خاصةً لو كان الأمر يتعلق بمشكلة مع إحدى العائلات الأخرى، وعندما يتدخل الكبير فى حل المشكلة، حتى لو كنا أصحاب حق، وأمرنا بالصفح وإنهاء المشكلة، لانتهت على الفور»، واعتبر أن دوار العائلة تحول دوره حالياً من لم شمل العائلة، ونبذ الخلافات، إلى إقامة موائد الطعام، والأفراح، والتباهى أمام العائلات الأخرى، مع تراجع دور كبير العائلة، وعدم وجود من يستطيع أن يجمع أفراد عائلته حوله.
وأوضح «عبدالجيد محمود»، 30 سنة، أن ضغوط الحياة والعمل دفعت كل رب أسرة إلى غلق منزله على نفسه وأسرته الصغيرة، وقليلاً ما يتردد على دوار العائلة للاستماع إلى مشاكل الآخرين من غير أفراد أسرته، وأصبح غالبيتهم يكتفى بحل مشكلته بنفسه، دون الرجوع إلى كبير العائلة، وأضاف أنه رغم أن هناك بعض العائلات فى القرى، ولكنها قليلة، ما زالت متمسكة برابط كبير العائلة، يأخذون بمشورته فى الكبيرة والصغيرة، إلا أن كثيرين من أبناء الجيل الحالى، يفضل الاعتماد على نفسه فى حل مشاكله، وهو السبب الرئيسى وراء تزايد المشكلات والمشاجرات بين العائلات، والتى غالباً ما يكون سببها فى البداية الأطفال أو الشباب أو النساء، دون الرجوع إلى أحد من الكبار.