دراسة لمسئول أُممى مصرى تكشف: الطبيعة تُعاند سد النهضة الإثيوبى

دراسة لمسئول أُممى مصرى تكشف: الطبيعة تُعاند سد النهضة الإثيوبى
- الأقمار الصناعية
- الأمطار الغزيرة
- الانهيارات الأرضية
- سد النهضة
- تكنولوجيا الفضاء
- الأقمار الصناعية
- الأمطار الغزيرة
- الانهيارات الأرضية
- سد النهضة
- تكنولوجيا الفضاء
كشفت دراسة أعدها الدكتور علاء النهرى، نائب رئيس المركز الإقليمى لعلوم وتكنولوجيا الفضاء بالأمم المتحدة، وممثل مصر بالمركز، وجود معوقات جديدة وخطيرة أمام اكتمال بناء سد النهضة الإثيوبى الذى بدأ العمل فى إنشائه منذ 2011، وذلك من خلال رصد حديث بالأقمار الصناعية لجسم السد.
وتتقاطع نتائج الدراسة، التى حصلت «الوطن» على نسخة منها، مع ما أعلنه رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، فى أغسطس الماضى بشأن وجود سلبيات فى التنفيذ وتقارير مكاتب الخبراء العالمية الفرنسية عن العجز فى تخزين الكمية المستهدفة.
وقال «النهرى» لـ«الوطن» إنه بصدد تقديمها للجهات المعنية فى مصر.
{left_qoute_1}
وعرض «النهرى» نتائج دراسته التى توصلت إلى تعثر استكمال بناء السد، من خلال نماذج الارتفاعات الرقمية التى تظهرها صور الأقمار الصناعية عالية الجودة، بجانب موقع السد ونوعية الصخور الموجودة على جانبيه، وأوضحت الدراسة أنه مع مقارنة نماذج الارتفاعات مع الخريطة الجيولوجية لإثيوبيا لدراسة نوعية الصخور على الجانبين، تبين أن جانبى السد يقعان بين نوعين مختلفين من التلال، الأول «التل الأيمن» ويصل ارتفاعه إلى 1400 متر بشكل أساسى من الصخور مثل الجرانيت التكتونى «الجرانوديورايت»، والثانى «التل الأيسر» وارتفاعه 1100 متر من الصخور المتحولة مثل كلوريت الأردواز «أمفيبوليت» و«تلك شيست» و«شيست» حيوى و«جرافيت كوارتز»، وصخور رسوبية التكتل والحجر الرملى.
وتابعت الدراسة أن هذه الصخور تتميز بالانقسام والتورق وسهولة التحلل، ما تسبب فى تسرب المياه وتآكل ونحر الصخور وتكوين الرمل والطين، كما تظهره الصور، وبالتالى فإن موقع السد فشل فى تقديم أساس مستقر وهو أقل ملاءمة من غيره من المناطق. واستطاعت الدراسة التوصل لمعلومات من نموذج الارتفاع الرقمى DEM دقة 2 متر، تُبين أن هناك منخفضاً طبوغرافياً أمام موقع السد، حيث يمثل مساحة كبيرة وهو ذو تأثير خطير على جسم السد فى حالة امتلائه بما يحمله من حمولة الرواسب المقبلة من أعالى النهر فعندما يمتلئ هذا المنخفض ينحدر كل من الماء والرسوبيات المعلقة بقوة شديدة تجاه السد، ويزداد الضغط الهيدروليكى على جدران السد مما يشكل خطراً هائلاً.
{left_qoute_2}
وذكرت الدراسة أن مساحة بحيرة السد تصل إلى 2408 كيلومترات مربعة، ما يمكنها من استيعاب 96.32 مليار متر مكعب بمتوسط عمق للبحيرة 40 متراً، وليس كما أعلنت إثيوبيا بأن مساحة البحيرة 1874 كيلومتراً مربعاً، ويمكنها استيعاب 75 مليار متر مكعب فقط، وفقاً لما تظهره صور الأقمار الصناعية. وأشارت إلى أن خطة الحكومة الإثيوبية التى تمتد لـ5 سنوات لإتمام بناء السد، تأخر تنفيذها بسبب التمويل، ما دفع الشركة الإيطالية المنفذة «سالينى امبيرجيليو» -بناء على طلب الحكومة الإثيوبية- إلى اللجوء لوضع كمية كبيرة من الخرسانة المضغوطة وصلت إلى 23200 طن فى يوم واحد هو 28 ديسمبر 2014، بهدف الانتهاء من الأعمال فى أسرع وقت وتسجيل رقم قياسى عالمى جديد دون مراعاة السلامة الإنشائية للسدود والمتعارف عليها عالمياً، ما أثر بدوره على سلامة جسم السد.
{left_qoute_3}
وحسب الدراسة، فإنه عندما تيقنت الشركة من وجود شروخ فى الجزء الأوسط من السد نتيجة الأحمال الكبيرة وحدوث تحرك وانزلاق للتربة نتيجة الدوامات التى صاحبت محاولة تخزين فيضان أغسطس 2016، حيث تدفقت المياه من أعلى وأسفل المنطقة الوسطى التى لم يتم استكمال بنائها بعد، و«للهروب من هذا المأزق قامت الشركة بالاتفاق مع الحكومة الإثيوبية بتخفيض ارتفاع السد الخرسانى من 175 متراً لـ155 متراً دون إبداء أى أسباب».
ولفتت الدراسة إلى أن التنبؤات الأخيرة لتغير المناخ تشير إلى أن العديد من مناطق العالم، ومنها إثيوبيا تشهد ارتفاع وتيرة أحداث الأمطار الغزيرة والأعاصير الخطرة. وفى عام 2016، سقطت أمطار غزيرة على الهضبة الإثيوبية فاقت 2250ملم، ما أدى لتكوين شبكة تصريف نهرى شجيرى، والتى عكست من خلال صور الأقمار الصناعية طبوغرافية المنحدرات الشديدة والحادة، ما أدى إلى تحرك المياه بسرعة كبيرة على تلك المنحدرات وزيادة تآكل الصخور وحدوث الانهيارات الأرضية فى كثير من المناطق بالقرب من موقع السد، ما تسبب فى زيادة الرواسب والإطماء المستمر ببحيرة السد، بالإضافة إلى كمية الرواسب الأخرى التى تأتى من النيل الأزرق ونهر عطبرة.
وكشفت الدراسة أن التدفق الزائد بسبب الفيضانات غير المعتادة التى تأتى فى بعض السنوات كانت السبب الرئيسى فى عمل تصدعات وشقوق فى جسم السد الأوسط، بسبب سرعة تدفق مياه الفيضان من الجزء الأوسط الذى لم يكتمل بناؤه حتى الآن، ما أدى لحدوث دوامات قوية أمام تلك المنطقة من جسم السد ووقع انزلاق أرضى وهبوط فى الجسم تسبب فى صدوع وتشققات وتسرب للماء، التى التقطتها صور الأقمار الصناعية.
وتظهر إحدى صور الدراسة بتاريخ 21 ديسمبر الحالى مجهودات الجانب الإثيوبى لتبطين المنطقة المتأثرة من جسم السد باستخدام «البيوتومين» فى محاولة للتخلص من تسريب المياه داخل الجسم، التى تسببت الأخيرة فى تكوين «خنادق»، ساهمت فى أن التلال أصبحت غير قادرة على ربط جانبى السد بها وغير قادرة على تحمل ضغط الماء الزائد فى الفواصل والشقوق المتخللة فى الصخر تحت وبالقرب من جسم السد، وبالتالى زيادة إمكانية حدوث زلازل، والتى يرتبط حدوثها ارتباطاً وثيقاً بعمق خزان بحيرة السد، وحجم المياه المخزنة ومعدل الملء.
وأشارت الدراسة إلى تدمير العديد من السدود فى جميع أنحاء العالم، أبرزها الهند، بسبب غياب التقدير السابق لحجم السيول المتوقعة والفيضانات المفاجئة، وأن 38٪ من حالات فشل السدود كانت ناتجة عن فيضانات تجاوزت سعة مجرى النهر أو قنوات التصريف، بينما فشلت 20-25٪ من السدود بسبب مشاكل التصميم والأساسات، وكان ذلك بسبب الانهيارات الأرضية والزلازل وضغط المسام الزائد كما هو متوقع بمنطقة السد.
وتطرقت الدراسة إلى المشكلات الفنية فى أساسات السد، بوجود مناطق الفواصل وقوى القص المتباينة فى الصخور، وأوضحت أنه كان من المهم قبل الشروع فى اختيار منطقة إقامة السد تحديد أماكن الفوالق والفواصل ومناطق القص التى تقطع الكتلة الصخرية النوبية وهو ما لم يحدث بالرغم من إصرار مصر على إجراء الدراسات من قبل مكاتب استشارية عالمية تعمل فى مجال إنشاء السدود تفادياً للأوضاع الحالية.
وتظهر النتائج، بحسب الدراسة، أن الكتلة النوبية وموقع السد يتم التحكم فيهما من الناحية البنائية من قبل ثلاث مجموعات من مناطق الفوالق تقع اتجاهاتها فى اتجاهات (جنوب جنوب غرب) إلى (شمال شمال شرق) ومن (جنوب جنوب شرق) إلى (شمال شمال غرب) ومن (غرب جنوب غرب) إلى (شرق شمال شرق)، وتتوافق جيداً مع مناطق إجهاد القص وتلك التى تقطع الصدع الأفريقى. كما تظهر صور الأقمار الصناعية بالدراسة وجود فوالق كبيرة قطعت التلال الشمالية والجنوبية الغربية، وهى متوازية مع الفوالق التى قطعت موقع السد واتجاهاتها متعامدة مع حائط السد، ما يشكل خطراً كبيراً.
صورة فضائية مائلة دقة 1 متر (منظر أمامى) توضح تسرب المياه من الجزء الأوسط للسد
صورة قمر صناعى بقدرة تفريقية مكانية 10 أمتار ملتقطة بتاريخ 21 ديسمبر 2018