«الوطن» فى قرية المرازيق: مساحة محصول البطاطس تتراجع.. و«النخيل» يدخل المنافسة

كتب: مارينا رؤوف ويسرا البسيونى

«الوطن» فى قرية المرازيق: مساحة محصول البطاطس تتراجع.. و«النخيل» يدخل المنافسة

«الوطن» فى قرية المرازيق: مساحة محصول البطاطس تتراجع.. و«النخيل» يدخل المنافسة

على حصيرة مفروشة أمام باب منزله، فى قرية المرازيق بمركز البدرشين، محافظة الجيزة، يجلس محمد عزوز، المزارع الخمسينى، ممسكاً بيده سكيناً ويقطع تقاوى البطاطس إلى أجزاء صغيرة قبل أن يتركها فى الشمس والهواء لتجف ثم يضعها فى الأرض لتنبت: «كنت بجيب تقاوى البطاطس من صنف اسبونتا الهولندى السنة اللى فاتت بـ12 ألف و800 جنيه، السنة دى بـ25 ألف للطن وده أقل سعر»، هكذا بدأ حديثه معنا، معبراً عن حجم الأزمة التى يعيشها مزارعو المحصول هذا العام، مضيفاً: «تكلفة طن تقاوى البطاطس على التاجر لا تزيد عن 13 ألف جنيه، ويبيعها للفلاح الغلبان بضعف الثمن».

ارتفاع السعر أدى إلى عزوف الفلاحين عن زراعة البطاطس هذا العام، التى تشارك 6 قرى أخرى على مستوى الجمهورية فى الإنتاج الكثيف لها, وفقاً لـ«عزوز»، هنا فى المرازيق المعروفة بقرية البطاطس، إضافة إلى أسباب أخرى كخسارتهم فى بيع محصول البطاطس العام الماضى، التى كانت سبباً كافياً للبعد عن زراعة البطاطس هذا العام، حيث إن المزارعين استبدلوا بزراعة البطاطس زراعة النخل لإنتاج التمور وبيعها والكسب منها. وتشتهر قرية المرازيق بمحافظة الجيزة بزراعة البطاطس، بجانب النخيل وبعض المحاصيل الأخرى، حيث تطرح إنتاجها بشكل رئيسى فى أسواق القاهرة والجيزة.

{long_qoute_1}

يوضح «عزوز» أن تقاوى البطاطس التى يتسلمها الفلاح المصرى تعد هى الجيل الثالث للزرع، فالأول تقوم الدول الأوروبية المصدرة له بزراعته ليشتريه التجار المصريون لأراضيهم، ثم يباع للفلاح فى الوادى والدلتا بعد أن يفقد الكثير من جودته وتتراجع الإنتاجية: «مش التقاوى بس اللى فيها مشكلة لكن كمان السماد فيه مشكلة، ففدان البطاطس الواحد يحتاج إلى 12 شيكارة كيماوى على الأقل، وتوفر الجمعية الزراعية 4 شكائر فقط، ويشترى الفلاح باقى احتياجاته من السماد الكيماوى من السوق السوداء بسعر أعلى بكثير حيث يصل فارق السعر إلى 70 جنيهاً فى الشيكارة الواحدة».

يزرع «عزوز» 10 أفدنة من البطاطس، حيث يحتاج إلى 8 أفراد للعمل معه فى الأرض، وتصل يومية العامل إلى 120 جنيهاً، ويعمل من الساعة السابعة صباحاً حتى الساعة الواحدة ظهراً، وتبلغ تكلفة الفدان نحو 30 ألف جنيه، ويباع المحصول بنحو 40 ألف جنيه هذا بخلاف إيجار الأرض، ما يأتى على باقى الربح من المحصول وفى بعض الأحيان يخسر الفلاحون خلال موسم الزراعة.

ويتساءل «عزوز»: «لماذا لا يقوم مركز البحوث الزراعية، الذى يعد من أعرق المراكز البحثية فى العالم، بإنتاج أصناف محلية ذات إنتاجية وجودة مرتفعة بدلاً من الاعتماد على الاستيراد الذى يكلف الدولة الكثير؟ فقيام مراكز البحوث بتوفير التقاوى الجيدة سيوفر على الفلاح الكثير من المصاريف والنفقات، كما ستستفيد الدولة من خلال بيعها هذه التقاوى للفلاحين». وأشار «عزوز» إلى أن الفلاحين تسلموا التقاوى بعد 15 يوماً من موعد توزيعها الأصلى على الفلاحين، وهذا ما سبب زيادة فى تكاليف الأرض، لأنه حين يكون الوقت متأخراً يتم زيادة عدد العمال لإتمام العمل قبل ذهاب الموسم، كما سيؤخر تقليع المحصول 15 يوماً: «كنا بنبيع البطاطس السنة اللى فاتت من الأرض للتجار بـ2 جنيه و3 جنيه، لكن السنة دى أكيد هتكون أغلى لأن التقاوى جاية لنا غالية»، حيث يؤكد هذا أن أسعار البطاطس ستسجل ارتفاعاً فى العام المقبل عن أسعارها فى العام الماضى.

«محمد»، الشاب الثلاثينى، يذهب حاملاً فأسه لوضع التقاوى المقطعة فى الأرض واحدة تلو الأخرى، ويترك بين الواحدة والأخرى مسافة تقارب الـ20 سم، ويهيل عليها التراب، قبل أن يرويها بالمياه. يزرع «محمد» تقاوى بطاطس من صنف اسبونتا الدنماركى، حيث إنها الأرخص سعراً من البطاطس الهولندى، وتتحمل الظروف المناخية بشكل أكبر، حيث يصل سعر الشيكارة التى تزن 50 كيلو إلى 1150 جنيهاً، وكانت تباع العام الماضى بـ660 جنيهاً، ويحتاج الفدان الواحد إلى ما يقرب من 10 إلى 12 شيكارة تقاوى: «الفدان الواحد ينتج نحو 25 شيكارة بطاطس، لكن السنة الماضية تقاوى البطاطس كان فيها فيروس فالأرض لم تنتج بشكل وفير وخسرنا المحصول والتكاليف إلى صرفناها عليه».

وعن أسباب انتشار أمراض النباتات يشير إلى أن المركز لا يوجد به مشرفون بالعدد الكافى: «فى قريتنا مشرف واحد تشاركنا فيه أربع قرى كبرى، لذلك فالأمراض منتشرة فى النباتات بشكل كبير حتى أن سوسة النخيل الحمراء أتت على أشجار النخيل فى المركز بشكل كبير».

وعرض الفلاحون مقترحاتهم لحل أزمة تقاوى البطاطس بقيام الدولة بالتأمين على الأرض المقرر زراعتها للبطاطس وتحصل من المزارع على مقدم حجز للتقاوى المستوردة لتبيعها له بسعر مناسب، خلال موسم الزراعة وذلك من خلال الجمعيات الزراعية وذلك حتى لا تتركه للمحتكرين من التجار.


مواضيع متعلقة