"جهاد الأطفال" في سوريا يحجز مكانا للمخرج طلال ديركي في "الأوسكار"
![مشهد من الفيلم](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/5629143721545400687.jpg)
مشهد من الفيلم
خطوات قوية تخطوها السينما العربية في الفترات الأخيرة إلى المهرجانات والفعاليات المهمة حول العالم، وللعام الثاني على التوالي، تتضمن قوائم ترشيحات الأوسكار القصيرة أعمالا عربية.
تلك المرة، حجز فيلمان سوريان مكانهما بقائمة أفضل فيلم وثائقي، في تواجد للعام الثاني للبلد العربي، وبعد منافسة فيلم "آخر الرجال في حلب" للمخرج فراس فياض للجائزة في النسخة الـ 90 من أوسكار العام الماضي، دخل فيلم مواطنه طلال ديركي حسابات نفس الجائزة عن فيلم "عن الأباء والأبناء" في النسخة الـ 91، المقرر إقامته في مارس المقبل، ليضمن نقل الواقع المؤلم في سوريا الترشح للمخرجين.
يعتبر الفيلم الجزء الثاني من ثلاثية بعنوان "سوريا والحرب"، أطلق أول أجزائها عام 2013 في فيلم بعنوان "العودة إلى حمص"، ثم "عن الأباء والأبناء" في 2017، الذي استغرق تصويره ما يقرب من عامين، حتى يستطيع المخرج الاندماج بين الجهاديين باعتباره مصور حرب مؤمن بقضيتهم، ليثقوا به ويستطيع الحصول على مئات ساعات التصوير التي وصلت إلى 330 ساعة، لتصبح بعد ذلك مشاهد فيلمه الذي يتناول موضوعا شائكا في 99 دقيقة فقط، إذ تقدم كاميرته نظرة نادرة وقريبة للغاية حول عيش الأطفال ونضوجهم تحت لواء "الخلافة الإسلامية".
لا تنصب قصة الفيلم على "أبوأسامة" المنتمي لـ "جبهة النصرة" في مدينة إدلب شمال سوريا، ويحارب تحت شعارات الجهاد من أجل الخلافة الإسلامية، ولكن القضية الأساسية بالنسبة لمخرج الفيلم هي الأبناء الذين ينشئون في تلك الظروف ويحملون أسماء "أسامة" و"أيمن" تيمنا بأسامة بن لادن وأيمن الظواهري قادة تنظيم القاعدة، ويغذيهم الأب بتلك الأفكار الظلامية والممارسات العنيفة التي تقتل برائتهم، بعد تدريبهم على ذبح الطيور واستخدام السلاح، وإلحاقهم بالمعسكرات التدريبية، وهنا يبرز التناقض في علاقة الأب والأبناء التي يتخللها الحنان والمرح ويقومون معا بتلك الممارسات بشكل طبيعي باعتبارها أشياء معتادة.
الطفلان، اللذان تدور حولها أحداث الفيلم، كلاهما يحبان ويعجبان بوالدهما ويطيعان كلماته، أسامة على طريق الجهاد، لكن يريد أيمن العودة إلى المدرسة، يلتقط الفيلم اللحظة التي يجب فيها على الأطفال التخلي عن طفولتهم وتحويلهم أخيراً إلى مقاتلين جهاديين، بغض النظر عن مدى قرب انتهاء الحرب، شيء واحد تعلموه بالفعل.. "لا يجب عليهم البكاء".
ومع الاتهامات التي طالت مخرج الفيلم بمحاولة تقديم حياة الإرهابيين بشكل إنساني والتعاطف مع الجهاديين، أكد "ديركي" في ندوة الفيلم التي أقيمت بعد عرضه في الدورة السابقة من مهرجان الجونة السينمائي، أن الفيلم ليس سياسيا وليس عن الوضع في سوريا بشكل خاص، ولكن عن الحياة والظروف العنيفة التي يحيى بها الأطفال باعتبارها حياة طبيعية.
رحلة طويلة قطعها الفيلم قبل أن يصل إلى أحدث محطاته بـ"أوسكار"، حيث كانت البداية في نوفمبر 2017 بمهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية "إدفا"، ثم جائزة لجنة التحكيم لخاصة في مهرجان "صاندانس" بالولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى جائزة مهرجان "Visions du Reel" للأفلام الوثائقية في سويسرا، كما حصل على جائزتي نجمة الجونة لأفضل فيلم عربي طويل، والنجمة الفضية لأفضل فيلم وثائقي طويل، في الدورة الثانية من مهرجان الجونة السينمائي، ليصل مجمل الجوائز التي حصدها الفيلم حتى الآن إلى 13 جائزة.