"الليثي" مفتاح دخول الفيديو وصناعته إلى مصر.. تفاصيل اغتياله وتشويهه

كتب: رحاب عبدالراضي

"الليثي" مفتاح دخول الفيديو وصناعته إلى مصر.. تفاصيل اغتياله وتشويهه

"الليثي" مفتاح دخول الفيديو وصناعته إلى مصر.. تفاصيل اغتياله وتشويهه

هروبًا من اختيارات "ماسبييرو" وما تعرضه من أفلام، وسهرات معينة، أراد أن يحول تراث السينما المصرية إلى مادة فيديو وبالفعل نجح "جمال الليثي" في ذلك، فكان أول من أدخل صناعة جديدة بأنجح مشروع تجاري صغير وقتها "مشروع نوادي الفيديو".

تولى جمال الليثي، الذي كان من الضباط الأحرار، رئاسة شركة القاهرة  الحكومية للسينما، ساعده في صناعة هدفه، فبدأت الفكرة في منتصف السبعينيات، بعدما كان الليثي في زيارة للكويت، وشاهد جهاز الفيديو لأول مرة، فدرس الفكرة جيدًا ثم سافر إلى أمريكا وعاد بجهاز سعره أكثر من 3 آلاف دولار وبعض الشرائط، ثم وجه الدعوة لعائلته لزيارته في المنزل، وبعد أن وصل الجميع أطفأ الأنوار وجرب الاختراع على ضيوفه، وبعد أن شاهد ذهولهم أخبرهم بأنه سيدخل الفكرة إلى مصر، عارضه في البداية أشقاؤه لكنه قالها صراحة: "أنا دارسها كويس قوي".

ارتفاع سعر الجهاز والقوة الشرائية، جعله يستورد بعضًا منها في البداية حتى يحصل على رخصة تجميع الجهاز في مصر ليكون أقل سعرًا، وكان لدى الليثي أفلامه التي يمتلك حقوق عرضها وتوزيعها، واشترى أفلام استوديو مصر التي قدمها قبل أن يتوقف عن الإنتاج، ثم طاف بكل منتجي مصر يشتري منهم شيئًا يسمعون عنه لأول مرة (حقوق عرض الفيديو)، اشتراها بثمن بسيط لأن المنتجين اعتبروه مجنونًا يشترى أوهامًا لن تتحقق.

نجحت فكرته ولاقت انتشارًا بين الناس، وبعدما أصبح لديه حقوق العديد من الأفلام سافر في رحلة إلى لندن من أجل شراء الجهاز الذى يحول أفلام السينمًا (35مللي) إلى فيديو، فبدأ بجهاز ثم سرعان ما تحول إلى مصنع لأفلام الفيديو، وبعد وقت كان قد أصبح لديه مكتبة فيديو بها أكثر من 2500 فيلم من بينها الأفلام الأجنبية التي اشترى حقوقها من شركة أنيس عبيد.

على الهامش كانت رحلة تجميع الفيديو "الناشيونال" الياباني قد بدأت، وبدأ يتسلل معها الجهاز تدريجيًا إلى البيوت المصرية، في الوقت الذي امتلأت فيه شوارع القاهرة مع نهاية السبعيينات بإعلانات (أفلام جمال الليثى تعرض فيديو كذا)، فكبر الفضول وكبرت معه المساحة التي احتلها الكلام عن هذا الاختراع.

انفرد الليثي بالسوق لسنوات، ووضع شروطه لإدارة العمل، فالفيلم السينمائى لا يعرض في سوق الفيديو إلا بعد العرض الثالث (عرضه في دور عرض الدرجة الثالثة)، كان يقول أنا منتج سينمائي بالأساس ولن أسمح للفيديو أن يؤذى تلك الصناعة، قالوا له و لكنك تجعل الناس تحجم عن دور العرض وتنتظر الأفلام لتشاهدها في الفيديو، فكان رده أن الأفلام الأكثر توزيعًا منذ بدأت الفكرة هي "الأبيض والأسود"، وأن الأكثر مبيعًا كان فيلم الناصر صلاح الدين.

وقال الليثي إن الناس تعرف الفرق بين أفلام الفيديو والسينما وتفهم أن فكرة الفيديو هي خدمة من لا يستطيعون الذهاب إلى السينما، فلتأت السينما إليهم، وبالفعل ارتفعت نسبة شراء الأجهزة لتمثل 75% من نسبة شراء الأجهزة الإلكترونية.

كعادة أي شئ في طريقه للتلاشي، وبعد أن كان عنوان السهرات العائلية يستخدمون فيها "الفيديو" لمشاهدة مسرحيات أو تسجيلات أو أفلام يحبونها، تحول الأمر بعد فترة قصيرة من ميزة اجتماعية إلى لا شيء بعد أن عاد المزارعون والحرفيون من الخليج بالجهاز، ثم ظهرت أفلام المقاولات وهي إنتاج ضعيف فنيًا أُعد خصيصًا لسوق الفيديو، ثم تحول رمز الوجاهة إلى قطعة ديكور منزلية ولم يتبق من مكتبة الشرائط في كل بيت سوى الشرائط التي تحمل مناسبات خاصة ثم سرعان ما تحولت إلى إسطوانات رقمية (CD) نُقِلت أخيرًا على كروت ذاكرة (Memory-card).

وتعرض "الليثي" لمحاولة اغتيال وكانت حجة الجاني انه قام بفعلته لانه لا يحب أفلام جمال الليثي، وطعنه في رقبته لينظر إليه الليثي قائلًا وهو ينزف "ليه كده ياعبدالرازق؟" فوجه له طعنة أخرى في بطنه، وذلك بسبب فصل الليثي له قبل عامين من شركته حيث كان يعمل بها، وقال في أقواله بعد القبض عليه "أنه كان يحاول نصحه أن يمتنع عن إنتاج الأفلام التي تتصف بالانحلال ولكن الليثي لم تعجبه انتقاداته ففصله.

وقال المتهم "أنه لم يكن يريد إلا تشويه وجه الليثي ليعيش بقية حياته بعلامة في وجهه المشوه تذكره بافلامه المنحلة، وعندما افاق الليثي بعد عدة عمليات جراحية قالوا له ان المتهم لم يكن ينوي قتله وإنما أراد تشويهه ليرد "يشوه وجهي ليه هو انا فاتن حمامة؟".


مواضيع متعلقة