"أبوسعدة" من باريس: تيارات الإسلام السياسي تهمش الأقليات

"أبوسعدة" من باريس: تيارات الإسلام السياسي تهمش الأقليات
استعرض الدكتور حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، جهود المجلس في تعزيز مفهوم المواطنة في مصر، ودوره في دعم المنظمات الدولية فى حربها على الإرهاب، منوهًا أن تيارات الإسلام السياسي تركز أفكارها على تهميش الأقليات بشكل عام، واضطهاد المسيحيين بشكل خاص.
وقال "أبو سعدة" خلال مشاركته بمؤتمر باريس حول مكافحة التطرف وحماية مسيحيي الشرق الأوسط، أمس الثلاثاء، إن الموضوع حساس، ويجب تناوله بدقة، وموضوعية مجردة من أي أجندات سياسية، أو بمعنى آخر يجب التعامل معه كقضية حقوقية.
وأضاف أن مصر شهدت فى الثمانينات والتسعينات، موجة إرهاب عنيفة من قبل الجماعات الإسلامية الجهادية شملت استهداف المواطنين المسيحيين في مصر، وأنه في ظل هذا المناخ انتشرت الأفكار المتطرفة في بعض الأوساط المجتمعية، وكانت النتيجة ارتفاع معدلات أعمال العنف ضد المسيحيين وممتلكاتهم وكنائسهم، وأبرز الوقائع مذابح الكشح عامي 1998 و2000 التي أودت بأرواح 20 مواطنًا مسيحيًا.
وقال "أبو سعدة" إن مصر قد شهدت أيضًا بعد ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك صعود جماعة الإخوان المسلمين، والجماعات السلفية والجهادية، وفي هذه الفترة ارتفعت معدلات العنف ضد المسيحيين والكنائس، وفي يونيو 2012 تم انتخاب رئيس جمهورية من جماعة الإخوان المسلمين، وشهدت مصر وقت حكمه خطابات مفعمة بالكراهية ضد المسيحيين، وظهر هذا جليًا حينما هاجمت مجموعات مؤيدة لمرسى كاتدرائية العباسية عام 2013، ونتج عن ذلك سقوط قتلى وجرحى، وعندما عزلته ثورة 30 يونيو من منصبه، بدأت الجماعات متطرفة تشن حملات تحريض ضد المسيحيين وتوعدتهم بالعقاب، لوقوفهم مع الثورة ضد "الإخوان الإرهابية".
وأوضح "أبو سعدة" أنه بعد فض قوات الأمن اعتصامي النهضة ورابعة العدوية المؤيدة لمرسي في أغسطس 2013 برزت عداوة أنصار الرئيس المعزول ضد المسيحيين، فنفذوا عدة أعمال إرهابية فى عدد كبير من محافظات مصر المختلفة، حرقوا خلالها عدد كبير من الكنائس، وفي الأشهر والأعوام التي أعقبت ثورة 30 يونيو شنت التنظيمات المتطرفة هجمات إرهابية عديدة استهدفت عدد من الكنائس وممتلكات المسيحيين وأرواحهم في طنطا والإسكندرية والقاهرة والمنيا وشمال سيناء.
وأشار "أبو سعدة" إلى أن نشاط هذه الجماعات لم يقتصر فقط على المسيحيين، ولكن أيضًا المسلمين مستشهدًا بمذبحة مسجد الروضة في سيناء عام 2017، والتي أودت بحياة 300 مواطن مسلم.
وأكد "أبو سعدة" أنه في ظل هذه الظروف المؤلمة، اتخذ المجلس القومي لحقوق الإنسان العديد من الإجراءات لتعزيز بيئة التسامح وقبول الآخر في مصر، لضمان احترام مبدأ المواطنة والتصدي للأفكار المتطرفة ومواجهة الإرهاب، وكان من بين هذه الخطوات المؤتمر الدولي الذي نظمه المجلس في القاهرة عام 2017، وناقش دور كيانات التوعية في محاربة الإرهاب والتطرف بهدف حماية حقوق الإنسان، وفي نهاية المؤتمر أقر المشاركون بـ"إعلان القاهرة" الذي أدان التطرف والحض على الكراهية وأقر بأن الأشياء تتنافى مع حقوق الإنسان وحرياته، وتبنى استراتيجية مواجهة التطرف التي ذكرها الأمين العام للأمم المتحدة.
وأكد الإعلان أهمية إنهاء النزاعات فى ليبيا وسوريا، مشددا علي أهمية إيجاد توازن بين حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب ودعا إلي تعزيز دور المؤسسات الدينية فى مواجهة الإرهاب والتطرف وتجديد الخطاب الديني، وطالب بإصلاح التعليم وتدعيم دور الفن والإعلام فى نشر الثقافة والوعي ضد التطرف.
وقال "أبو سعدة" إن المجلس القومي لحقوق الإنسان بذل الكثير من الجهود لترسيخ حقوق مسيحي مصر، ونجحت ضغوطه مع منظمات حقوق الإنسان المصرية في إقناع الدولة باتخاذ خطوات جدية لمعالجة هذه المشكلات، وبالفعل قام البرلمان في عام 2017 بإصدار قانون بناء وترميم الكنائس المصرية، وهو أول قانون يختص ببناء دور عبادة للمسيحيين منذ أكثر من قرن ونصف القرن من الزمن، في سياق دعوات الرئيس عبدالفتاح السيسى لتجديد الخطاب الدينى، حتى يكون متوافقًا مع مبادئ المواطنة، وحقوق الإنسان الأساسية.
وطالب "أبو سعدة" الحكومة المصرية والحكومات العربية الأخرى، والمجتمع المدني العربي بتأييد مبادرة "الإيمان من أجل الحقوق" التي أطلقها المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة؛ حتى تتكاتف كل الجهود لترسيخ ثقافة قبول الآخر والتسامح في الشرق الأوسط للتغلب على أفكار التطرف والإرهاب.