مظاهرات باريس.. فرنسا فوق صفيح ساخن
- أسعار المحروقات
- ارتفاع أسعار
- الأحزاب السياسية
- الأزياء العالمية
- الأمن والأمان
- الاتحاد الأوروبى
- الاتفاق النووى الإيرانى
- التراث العالمى
- أحداث باريس
- أسعار المحروقات
- ارتفاع أسعار
- الأحزاب السياسية
- الأزياء العالمية
- الأمن والأمان
- الاتحاد الأوروبى
- الاتفاق النووى الإيرانى
- التراث العالمى
- أحداث باريس
نيران فى كل مكان وتحديداً فى شارع الشانزليزيه أشهر شوارع العالم، فالتهمت ألسنة النيران مظاهر الإبداع والثقافة والتنوير فى باريس، ولذلك كان رئيس وزراء فرنسا على حق عندما أعرب عن صدمته نتيجة أن مجموعة من مرتدى السترات الصفراء صعدت فوق قوس النصر وهاجمت ساحة الجندى المجهول، وقال رئيس الوزراء إن هذه المنشآت جزء من التراث العالمى، وأبدى دهشته من أن تنال ما نالت من إهانة وهجوم وعنف يتضاءل بجانبه عنف أحداث عام 68 فى زمن الزعيم شارل ديجول.
وما يثير حفيظة كل من شاهد أحداث باريس المشتعلة حالات النهب والسرقة التى تعرضت لها بيوت الأزياء العالمية والفنادق والبنوك والمطاعم، ولم تأخذ أحدهم رحمة برموز باريس سواء قوس النصر أو ميدان الأوبرا أو متحف اللوفر. وحسب علمى لم تتعرض باريس إلى هذا النهب طوال سنوات وجودها، فالمواطن الفرنسى يتمتع بثقافة سياسية تجعله يؤمن بأن من حقه التظاهر لكن بطريقة سلمية. وليس من شك فى أن هذا العنف غير مقبول، لأن باريس تحولت بسبب النيران التى اشتعلت فى كل مكان والسيارات التى احترقت على جانبى الطريق إلى بغداد أخرى، وليس هناك مبرر لكل هذه الفوضى التى ضربت أشهر الميادين فى باريس وهو ميدان «النجمة» والشوارع التى تنطلق منه. والحق إن اليمين المتطرف وزعيمته مارين لوبين ليسوا أبرياء فلقد وصفت هذه الأحداث الفوضوية بالثورة، وكذلك فعل اليسار المتطرف، والحقيقة أنه من الصعب تصديق أن المواطن الفرنسى المعروف دائماً باعتدال المزاج وهدوء العاطفة قد أضرم النيران فى العاصمة باريس ورفع شعارات يطالب فيها باستقالة الرئيس ماكرون وحل البرلمان وسحب الثقة من الحكومة. باختصار إن ما شهدته باريس طوال الأسابيع الثلاثة الماضية وغضب سائقى الشاحنات من ذوى السترات الصفراء والعنف الذى وصل إلى تجريف الشوارع والكتابة على الحوائط بأن حكومة باريس هى حكومة كاذبة، ويعتزمون التظاهر حتى يتراجع الرئيس ماكرون عن مجموعة قراراته الاقتصادية التى أدت إلى ارتفاع أسعار المحروقات وانخفاض القوة الشرائية.
والحق إن الرئيس ماكرون رد على هذه الاستفزازات وعبر عن استيائه من مظهر العنف غير المبرر، مؤكداً أنه سيستمر فى فرض ضرائبه اللهم إلا مراجعتها كل ثلاثة أشهر، ولأنه عاشق لباريس ولرموزها الثقافية والتنويرية فقد ضحى بشعبيته التى تدنت إلى درجة غير مسبوقة وتحدث عن إمكانية أن يكون هناك حوار موسع مع المتظاهرين.
ما لفت نظرى هو حديثه عن المخربين الذين يجدون الدعم من بعض الأحزاب السياسية ويتلقون دعماً مادياً من دول أخرى لا تُضمر لباريس غير الشر والخراب، ولا شك أن إصبع الاتهام يتجه نحو الولايات المتحدة التى أصرت على أن يدفع الرئيس ماكرون ثمن تصريحه الخاص بضرورة تشكيل جيش أوروبا الموحد ومطالبته بالخروج من تحت المظلة الأمريكية وأن تدافع القارة العجوز عن نفسها.
والحق إن هذا التصريح على لسان ماكرون كان ثمنه الأمن والأمان والاستقرار الذى كانت تنعم به فرنسا سيما أن هناك رغبة أمريكية فى أن تكف فرنسا عن التمرد على السياسة الخارجية الأمريكية، وكلنا يعرف أنها لعبت دوراً ضد السياسات الأمريكية وقادت الاتحاد الأوروبى وعدد دوله 28 دولة إلى البقاء فى الاتفاق النووى الإيرانى، كما أصرت على المرجعيات الدولية الخاصة بالقدس وعدم الاعتراف بقرار ترامب بجعل القدس كلها عاصمة لإسرائيل، ناهيك عن رفض فرنسا لسياسة العقوبات التى يفرضها ترامب على الدول التى لا يرضى عنها.
بمعنى آخر أن أمريكا عبثت فى أمن باريس وانتهزت فرصة غضبة ذوى السترات الصفراء من سياسات ماكرون الاقتصادية وقامت عبر أذنابها داخل فرنسا وأوروبا بتأليب شرائح المجتمع الفرنسى التى اعتبرت أن ماكرون هو رئيس الأغنياء.
أخيراً.. إن فرنسا قادرة على استعادة أمنها وسوف يعود إليها الاستقرار ويتواصل موسمها السياحى ونحن نقترب من أعياد النويل ورأس السنة، والآن قد عرفت عدوها من صديقها وعلى كل حال واشنطن ليست بعيدة.