"الأمير يقهر كل التحديات".. مودريتش من لاجئ حرب للفوز بالكرة الذهبية

كتب: عبدالرحمن قناوي

"الأمير يقهر كل التحديات".. مودريتش من لاجئ حرب للفوز بالكرة الذهبية

"الأمير يقهر كل التحديات".. مودريتش من لاجئ حرب للفوز بالكرة الذهبية

في مدينةٍ صغيرةٍ تسمى "زادار" في إقليم يوغوسلافيا، وبالتحديد عام 1985، استقبلت تلك الأسرة البسيطة طفلًا يشبه جده "لوكا"، ليطلقوا عليه الاسم ذاته، ولم تكد تمر 6 سنوات على مولد الطفل الأشقر، حتى اندلعت تلك الحرب التي تقسم على إثرها إقليم "يوغوسلافيا" إلى عدة دول، ليعاني الطفل الصغير من ويلات الحرب التي أفقدته جده، وترك بسببها منزله ليعيش في أحد الفنادق التي تحولت لملجأ يأوي ضحايا المعارك، التي طالت قنابلها ورصاصها الجميع.

وفي ساحة الفندق، مارس "لوكا" الصغير هوايته في مداعبة الكرة تحت أنظار مدير الفندق، الذي كان على علاقة مقربة من كشافي فريق "زادار" لكرة القدم ليطلب منهم في يومٍ من الأيام مشاهدة ذلك الطفل الموهوب، ليجذب أنظارهم بالفعل وتتحول أسرة لوكا لفندق "إيليز" القريب من ملعب تدريب فريق "زادار" بعد أن انضم إلى مدرستهم لتعليم الكرة.

وعلى مدار عامين عسيرين، غابت فيهما المياه والكهرباء أكثر من وجودهما، لم يتوقف الأمير الصغير عن ممارسة الكرة في الأكاديمية مع المدرب الخاص الذي انتدبته عائلته بسبب قلة ساعات التدريب، نتيجة القنابل التي كانت لا تتوقف، وهروب الأطفال نحو الملاجئ للاحتماء فيها، حتى تقدم لاختبارات فريق "هايدوك سبليت" الأول، الذي كان حلمًا لكل أطفال المدينة، وصدمته النتائج التي رفضته بسبب قلة حجمه.

رفض "لوكا" لم يزده إلا إصرارًا على تحقيق حلمه، حيث واصل التدريب وممارسة الكرة التي يعشقها، وخاض تجربة مع أكبر فريق في كرواتيا "دينامو زغرب"، وبعد أسابيع من الاختبارات تحقق حلم الأمير الصغير حين وافق فريق العاصمة على انضمامه رسميًا لهم بسبب موهبته وتقنيته الكبيرة التي طغت على سلبية حجمه الصغير ونحافته.

وبعد فترةٍ من الإعارات لعدة أندية صغيرة، نجح فيها لوكا مودريتش جميعًا وانضم عن طريقها للمنتخب الكرواتي دون الـ21 عامًا وهو ابن الثامنة عشر فقط، استعاده فريق "دينامو زغرب"، ليحقق معه كل شيئٍ محليًا، حيث قاده للتتويج بالدوري الكرواتي ثلاث مرات، إضافة للقب الكأس مرتين والسوبر لمرة واحدة، لينتقل بعدها إلى أكبر دوريات العالم عبر توتنهام الإنجليزي.

وفي الوقت الذي بدا أن كل الأبواب المغلقة في وجه أمير زغرب، فُتحت أمام لوكا مودريتش بانتقاله للبريمييرليج، تعرض لكسرٍ في الساق غاب على إثره لعدة أشهر، قبل أن يعود بتحدٍ جديد، نجح فيه بحجز مكانه في التشكيلة الأساسية لمدرب توتنهام، هاري ريدناب، ويتحول لساحر لندن الجديد الذي باتت تتصارع عليه أكبر الأندية العالمية.

في عام 2012 ظفر عملاق إسبانيا ريال مدريد، بصفقة الأمير الكرواتي بعد مفاوضاتٍ عسيرة، ليدخل لوكا مودريتش في تحدٍ أكبر، هو الحصول على البطولات والظفر بالألقاب، لينجح في أسر قلوب جماهير الفريق الكبير حول العالم، بلمساته الساحرة للكرة التي قادت الفريق للفوز بعدة بطولات كبرى على رأسها 4 ألقاب لدوري أبطال أوروبا.

مع منتخب كرواتيا، خاض مودريتش قبل مونديال روسيا 4 بطولات كبرى، هي يورو 2012 و2016، ومونديالي 2010 و2014، ووصل إلى كأس العالم في روسيا حاملًا تحدي تحقيق أحلام الكرواتيين في تكرار الإنجاز الذي غاب 20 عامًا منذ حصولهم على برونزية مونديال فرنسا 1998، لينجح لوكا في قيادة منتخب بلاده كأمير حربٍ يقود جنوده نحو إنجازٍ فريد ونصرٍ عظيم، ليصل لنهائي البطولة للمرة الأولى في تاريخ منتخب الناريين الذي لم يتوقع الكثيرون وصوله لمرحلةٍ متقدمة، ويتوج مجهوده بالحصول على أفضل لاعب في البطولة.

تحدي "لوكا" لم يتوقف عند حصوله على أفضل لاعب في كأس العالم، ليتوج مجهود موسم مذهل مع ناديه الإسباني ومنتخب بلاده بالحصول على جائزة أفضل لاعب في أوروبا متفوقا على كريستيانو رونالدو ومحمد صلاح، خلال الحفل الذي شهدته مدينة موناكو الفرنسية في 30 أغسطس الماضي.

عام الفوز بالتحديات للوكا مودريتش تواصل بفوزه بالتحدي العظيم، حيث نجح أخيرًا في كسر هيمنة ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو على جائزتي "The Best" و"البالون دور"، وحصد جائزة أفضل لاعب في العالم بعد منافسة رونالدو وصلاح أيضًا، خلال الحفل الذي استضافته العاصمة الإنجليزية لندن.

الأمير الكرواتي أبى أن ينهي العام إلا بتحقيق الإنجاز وقهر جميع التحديات بالفوز بالتحدي الأكبر، بعد حصده جائزة الكرة الذهبية "البالون دور"، التي تقدمها مجلة الفرانس فوتبول، وذلك في الحفل الذي استضافته العاصمة الفرنسية باريس.


مواضيع متعلقة