د. صلاح فضل: تجار الإسلام السياسى استغلوا «25 يناير» للقفز على الحكم بوسائل ملتوية

د. صلاح فضل: تجار الإسلام السياسى استغلوا «25 يناير» للقفز على الحكم بوسائل ملتوية
- الأعلى للثقافة
- الإسلام السياسي
- صناعة الدراما
- المؤسسات الدينية
- تجديد الخطاب الديني
- صلاح فضل
- الأعلى للثقافة
- الإسلام السياسي
- صناعة الدراما
- المؤسسات الدينية
- تجديد الخطاب الديني
- صلاح فضل
قال الدكتور صلاح فضل، أستاذ الأدب والنقد، عضو المجلس الأعلى للثقافة، إن الثقافة جوهرها الحرية، وإذا خلا التعليم من برنامج ثقافى حقيقى قد تتعثر الحركة الثقافية برمتها، وأشار إلى أن نوايا تطوير التعليم طيبة ولكن محدودة، ونحن بهذا الإيقاع نسير كالسلاحف، وأكد أن المسرح أبوالفنون ويجب الاهتمام به، والدراما هى الأكثر قدرة على اختراق جدران البيوت، ويجب أن نراعى فيها الجودة وقوة النصوص والرسالة التى تقدمها، وأضاف «فضل» فى حواره لـ«الوطن»، أن المستفيدين من رفع الشعارات الدينية والمتاجرين بها، يحاولون طمس المستويات الثقافية الأخرى ويعادون العلم والفن والتنوير، لكى يظل خطابهم هو المهيمن على عقول الناس، مشدداً على أن المؤسسة الدينية عُرفت بعدائها لـ«المجددين»، وأن الأزهر لن يجدد الخطاب الدينى ورسالته مضادة لأى تجديد.
{long_qoute_1}
كيف ترى المشهد الثقافى حالياً فى مصر؟
- نعيش حالياً فترة ركود ثقافى، ولعل السبب فى ذلك يعود إلى أننا نجتاز فترة ما بعد العاصفة، التى تمر بها مصر منذ ثورة 25 يناير، تلك الثورة التى كان بإمكانها أن تكون سبباً فى إحداث نقلة نوعية تدفع بالبلد إلى مصاف الأمم المتحضرة، لكن لسوء الحظ تربص بها أنصار التيارات الدينية وتجار الإسلام السياسى، وانتهزوا الفرصة للقفز على السلطة بوسائلهم الملتوية وعن طريق انتخابات لا حرة ولا نزيهة، وثار الشعب على هذا المصير لأن حلمه أوشك أن يتبدد وناصر الجيش شعبه وأزاح شبح الحاشية، لكن تجمدت حركته وكأن المصور الذى يلتقط الصورة آثر أن يوقفها فى هذه اللحظة، فلم نستكمل حتى الآن بناء الثقة الشعبية والمؤسسات الضرورية لكى نحقق الحلم الذى سعى إليه الشعب فى 25 يناير، حقيقة أننا وضعنا دستوراً يضمن ذلك لكن مرة أخرى توقفنا عن إصدار القوانين التى تضمن تفعيل هذا الدستور وتستكمل حركة الثورة، وأصيبت الثقافة بصداع شديد خلال تلك الفترة، لأن «قفزة الإخوان» على السلطة كشفت السوس الذى كان ينخر فى عقل الشعب خلال العقود الخمسة الماضية والذى سمح بتسلل هذه الجماعات إلى عقول وأفئدة الناس عن طريق التفسير المغلوط والمزيف للدين، واستغلال الفقر وعجز الحكومات السابقة عن حل المشاكل، وسياستهم المدروسة فى التمكين لكى يحلوا محلها، وحالياً تحاول مصر إنقاذ الموقف وتنفذ بجدية مطلوبة النهضة الجوهرية فى التعليم والرعاية الصحية والعدالة الاجتماعية، ومن الممكن أن يؤدى ذلك على المدى الطويل إلى نتائج إيجابية.
ونحتاج إلى عدة أشياء حتى نسترد عافيتنا الثقافية من جديد، أهمها أن نعترف بأن الثقافة جوهرها حرية الفكر والتعبير والعقيدة والبحث العلمى، وما زلنا حتى الآن لدينا ترسانة من القوانين المعطلة لهذه الحريات، على وجه التحديد قانون ازدراء الأديان معطل لحرية الفكر، وقانون إذاعة أنباء كاذبة فى الكتب معطل للحريات، وكذلك عدم تشجيع التكوينات الحزبية الجديدة لأن الديمقراطية لا تمشى إلا على عجلة الأحزاب وعجلتنا حالياً معطلة ولم نستبدلها، كما أن تجديد الخطاب الدينى أمر جوهرى فى سبيل النهضة الثقافية، وما أتصوره أن حالة الركود الثقافى التى نعانى منها الآن هى نتيجة لهذا الحراك المضطرب العنيف، الذى مر به المجتمع المصرى فى السنوات السبع الماضية، وحاجتنا إلى أن نستأنف استثمار كل طاقتنا الإبداعية فى العلم والإبداع والحرية واستكمال المسيرة الديمقراطية حتى يمكن أن تنتعش الثقافة مرة أخرى.
قلت إن الوضع الثقافى فى مصر وبلدان عربية أخرى يشهد حالة ركود، كيف نتجاوز تلك المرحلة؟
- الكوارث السياسية عقب ثورات الربيع العربى والتدخلات الأجنبية والمناورات الخطيرة التى تعرضت لها بلدان العرب، ظهرت بفعل أجهزة المخابرات الأجنبية، وبعض النظم الحاكمة التى عمدت إلى تصنيع «أشباح الموجات الشيطانية الإرهابية» التى تبنتها «القاعدة» و«داعش»، لتخريب وتمزيق الوطن العربى وتفتيت قواه السياسية، كل ذلك أصاب الجسم العربى بنزيف مستمر والعقل العربى بالركود والمبدعين بالإحباط، ولكى نخرج من هذه الحالة لا بد أن نعالج جروحنا، ولا بد أن نقاوم بعظمتنا الذاتية التداخلات الأليمة التى يصنعها بنا آخرون والفيروسات الفتاكة من أمثال هذه التنظيمات الإرهابية المفزعة، التى تبين بما لا يدع مجالاً للشك أنها صناعة محلية مخطط ومدبر وممول لها من جهات أجنبية بالتعاون مع بعض النظم التى تحكم فى منطقتنا العربية، وفساد الثقافة فى الدرجة الأولى بفكرة الإسلام السياسى وما ترتب عليه من موجات عنف وإجرام، هو الدودة التى تنخر فى عظم الثقافة العربية الآن، وحتى نقضى عليها لا بد أن تكون البدايات منظمة ومدروسة ومخططة بالعلم والإنتاج وبالتحولات الديمقراطية الرشيدة وبناء علاقات جيدة مع الآخرين، واسترداد حياتنا الثقافية وقدرتنا على الإبداع فى مجالات العلوم أولاً ثم الإبداع الأدبى، والفنى، والثقافى، والاقتصادى فى المشروعات، والاجتماعى فى التحرر، وإذا وضعنا فى حسابنا طاقاتنا وإمكانياتنا ووضعنا تجارب الشعوب التى سبقتنا نصب أعيننا، أعتقد أنه من اليسير علينا أن نتجاوز «الوحل» الذى نجد أنفسنا مغروسين فيه حالياً.
هل أنت راضٍ عن الدور الذى تلعبه وزارة الثقافة فى هذا الوقت الحرج؟
- وزارة الثقافة محكومة بمحددات ليست من صنعها، أولها الميزانية، فالطموح الثقافى للوزارة يتجاوز الإمكانيات المادية، كما أن الثقافة عبارة عن حزمة تشترك فيها أربع جهات هى وزارتا التعليم قبل الجامعى، والتعليم العالى، ومؤسسات وأجهزة الإعلام، وهى الشريحة الثانية التى تتولى الثقافة، وكذلك وزارة الأوقاف والمؤسسات الدينية ثم المؤسسات الثقافية، فإذا خلا التعليم من برنامج ثقافى حقيقى شُلت أجهزة الثقافة ولم تستطع أن تمارس تنمية الفرد عندما يأتى إليها، وإذا خلا الإعلام بمؤسساته المختلفة من الجرعة الثقافية أصيب المجتمع بالأنيميا الثقافية وهذا حادث الآن لدينا، وإذا تصور أصحاب الخطاب الدينى فى وزارة الأوقاف أن ثقافتهم هى العليا وأنها تناقض الثقافات الأخرى ولا بد أن تحل محلها وتشغل مساحتها، امتلأت العقول بالخرافات والتخلف الحقيقى، ولم تجد الوزارة أى مجهود من الممكن أن يبذل فيه، فالمسألة ليست مسألة وزارة، هى مسألة تيارات ثقافية فاعلة للمجتمع والمكونة لعقل المواطن ووجدانه وتوجهاته بصفة عامة. {left_qoute_1}
أما عن الدور الثقافى الذى تقوم به المؤسسات كدار الكتب والهيئة العامة للكتاب، فأعتقد أنها لا تجد الدعم الكافى المادى، لأن لدينا مكتبات قليلة للغاية، ونحن بحاجة إلى التطوير لندخل العصر الرقمى، ونحتاج إلى ثورة حقيقية، ففى اليوم الذى أجد فيه كل المكتبات مزدحمة بأجهزة الكمبيوتر ومليئة بالشباب الذى يستطيع أن يتصل عن طريقها ببنوك المعرفة العالمية، وفى اليوم الذى أجد فيه هذه الخدمات المعرفية والعلمية والثقافية متوافرة فى المدارس والمساجد والأماكن المتصلة فى المؤسسات الثقافية يمكن أن نقول إننا قد بدأنا نهضة ثقافية، فوزارة التعليم عندما أرادت أن تطور فى بنية التعليم الأساسى ما المشكلة التى تواجهها الآن، أنها شرعت دون أن تملك القدرات الكافية، فأصبحنا نتوقف عند متى تصل أجهزة التابلت، فنحن بهذا الإيقاع نسير كالسلاحف ولا يمكن أن نحدث ثورة حقيقية، نحن نفتقد البنية العلمية والفكرية والمعرفية، التخطيط لدينا كما نرى فى هذا المثال البسيط المتعسر يضحكنا كل يوم بأن النوايا طيبة لكن القدرات المادية والمعرفية لتنفيذ هذه النوايا محدودة للغاية.
سبق أن وجهت سهام النقد إلى «العقاد» خاصة فى أشعاره ودافعت عن طه حسين.. فهل أنت متحيز لعميد الأدب العربى؟
- أنا أعرف قيمة هؤلاء الأعلام جيداً، ولا أظن أن من فهم منى أنى أنتقد «العقاد» فى أشعاره صحيح، فهو أحد عمداء حركة شعراء الديوان الذى مثل فيها القطب الأساسى، لكن هجومه الشديد على «شوقى» وحماسه الأشد للتيار الرومانسى والوجدانى بطريقته أفاد «شوقى» فتطور وكتب الشعر المسرحى، وتطورت بنية القصيدة لديه فى مراحله الأخيرة، وعندما أتأمل فى التراث الأدبى القديم وأتبين العناصر المتميزة منه لا يمكن أن يكون ذلك من منطلق الهجوم على أحد إنما التحليل النقدى والعلمى الرصين لما تم إنجازه ومعرفة ما تقدم بنا خطوات الرقى الأدبى والعلمى وبصفة عامة.
وأحسب أن دور الدكتور طه حسين فى نهضة البحث العلمى وتعميق مفهوم الجامعة من ناحية أخرى والحرص على التوازن الثقافى والقدرة الإبداعية والوعى بأهمية أن يكون العلم كالماء والهواء وأن يكون التعليم تاجاً لكل أبناء الوطن فى المرحلة الأساسية على وجه الخصوص، كل ذلك يجعل من عميد الأدب العربى رائداً للنهضة والتنوير بجوار العمالقة الذين عاصرهم أمثال توفيق الحكيم ولطفى السيد وغيرهما من قادة التنوير والنهضة العربية فى مصر.
ما الذى يحتاجه الكتاب والمفكرون حالياً؟
- فى العقود الأخيرة توقف إلى حد كبير مشروع النهضة المصرية الذى بدأ منذ عصر محمد على، عن طريق التواصل المنظم المستمر مع مراكز البحث والمعرفة والإنتاج للجامعات والمجتمعات الراقية المتحضرة، وتكاد تكون حركة بعثات الجامعات قد انحصرت فى أضيق المسافات والتواصل الخلاق مع المجتمعات الغربية، رغم أننا فى عصر تزداد فيه وسائل التواصل، لكن ضعف مناهج التعليم لدينا وضعف حركة التبادل العلمى والثقافى ومحاولات الاستفادة من العقول المصرية والعربية المهاجرة كل ذلك أصابنا بكثير من الخمول الذى نعانى منه، واذا ألقينا نظرة على كبار المجددين فى مختلف نواحى المعرفة والعلم والإبداع الثقافى بفروعه المتعددة سوف لا نجد على الإطلاق واحداً من قادة هذا التجديد لم تكن القوة الأساسية المحفزة له وأنه رأى نماذج خارجية أنجح وأعمق مما كان موجوداً بثقافته المحلية فحاول أن ينافسها ويجاريها ليطير فى أجوائها، الذين يكتفون بثقافتهم المحلية وموروثاتهم المتداولة لا يمكن أن يجددوا شيئاً، فهم عاجزون عن تصور أفق آخر غير ما انغمسوا فيه، من يغرق فى الماء لا يستطيع أن يستنشق نور الفضاء ولا أن يرى موقعه من البركة التى انغمس فيها، وهذا ما يجعلنا بحاجة دائمة إلى التواصل الخلاق، ونرفض بشدة وإصرار كل دعوات العزلة والتخلف وكل دعوات العداء للآخر ولثقافته، لا بد أن يكون وعينا بالآخر بعلمه وثقافته أكثر نضجاً وإنسانية وتوازناً وبعداً عن هذه الهيستيريا التى تزرع فينا الكراهية وتمثل لنا أن الآخر عدو لنا فى كل الجوانب، مهما كان سبب العداء.
{long_qoute_2}
هل ترى أن المثقفين فى مجتمعنا فى أبراج عالية بعيدة عن الشارع المصرى؟ وأين دورهم من المشهد الحالى؟
- تضحكنى هذه العبارة كثيراً، فعندما نتصور أن هناك أبراجاً عالية وأن المثقفين يقيمون فيها ويتعالون على المجتمع فهذا وهم من الأوهام الغريبة التى تسيطر على عقول بعض الناس، وفى تقديرى أن المثقفين حالياً يعانون إحباطاً حقيقياً وهم لا يسكنون أى أبراج، بل لعلهم لا يجدون مكاناً فى البدرومات ولا يسمع أحد لهم صوتاً ولا يقيم أحد لهم وزناً ولا يهتم أصحاب القرار وذوو النفوذ والسلطة بما يقولون، للأسف كان السياسيون وما زالوا فى البلاد الديمقراطية ينصتون إلى أصوات المثقفين ويتخذونها فى الحسبان ويستهدون بهديهم فى طوق إشارتهم ويحترمون آراءهم ولكنهم عمدوا منذ عدة عقود، أقصد أصحاب السلطة، إلى التعالى واتخاذ قراراتهم دون مشورة وسد آذانهم دون أن يعيروا انتباههم لما يحذر منه المثقفون ولما ينادى به العلماء ولما يطالب به أصحاب البصيرة من ضرورة اتباع منظومات معينة واتباع إصلاحات معينة، والإعلام أصاب المثقفين بالإحباط ولم يعد يهتم بأن يبرز آراءهم، وأحسب أن المثقف المحترم الذى يترفع عن هذا الاتزان لا بد من أصحاب القرار والسلطة أن يشيدوا به ولا يتجاهلوه، وليس المثقفون فى أبراج عالية، ومن يعتلى الأبراج هم أصحاب السلطة والقرار والإعلام ولا سبيل أن يهتدوا إلا أن يتخذوا من آراء المخلصين من المثقفون منارة لهم.
الرئيس عبدالفتاح السيسى لم يترك فرصة إلا وطالب بضرورة تجديد الخطاب الدينى، فما آلية ذلك فى الوقت الحالى؟
- سبق أن أشرت إلى أن التنبيه الدائم من الرئيس السيسى بضرورة تجديد الخطاب الدينى ليس مطلباً سياسياً فقط، ولكنه مطلب علمى وتعليمى ودينى وثقافى وفكرى، والتجديد يحتاج إلى وعى فلسفى، ونحن ضعفاء جداً فى ذلك لأن تحديد مقاصد الشريعة الجوهرية وامتلاك الحرية الكافية لمناقشة ما يعتبره كثير من المشتغلين بالدين ثوابت غير قابلة للمناقشة واتساع صدر المجتمع لتقبل هذا التجديد العسير والخطير، وقبل كل هذا لا بد من توفير المناخ الملائم له.
وما دام هناك مفكر يُستدعى أمام النيابة، ويحاكم أمام القضاء لرأى أبداه؛ فلا يمكن أن يزدهر أى تجديد، كذلك ما دام هناك داعية يحترف التجارة بالدين ويشغل المساحات الهائلة فى وسائل الإعلام وله تأثير فى الرأى العام عن طريق المساجد وعلى المنابر أو الأجهزة الإعلامية الأخرى ويسارع إلى تكفير من يختلف معه فى الرأى فلا يمكن أن ننتظر أى تجديد فى خطاب دينى أو ثقافى، ولذلك اقطعوا دابر المكفرين، وحاكموهم على أساس أن فتاوى التكفير تحرض على القتل، وإذا أمسكنا بواحد من أولئك المكفرين وحاكمناه بتهمة التحريض على القتل وصدر ضده حكم سوف يبتلع كل واحد منهم لسانه ويلزم أدبه ويحاول أن يتأنى ويتمهل قبل أن يتهم غيره.
هل الأزهر وحده هو المطالب بالتجديد؟
- إطلاقاً، والأزهر غير قادر على الإطلاق على أى تجديد، لأنه كيان محافظ، ويشبه الثلاجة الكبيرة التى تحفظ الأطعمة ولكنها لا تطبخ طعاماً جديداً، فمتى يمكن أن نطلب من ثلاجة أن تقدم لنا صناعة طعام جديد، الأزهر مؤسسة تعليمية تقوم على المحافظة على الموروث، ورسالته مضادة بطبيعته لما نتصوره من تجديد.
{long_qoute_3}
هل معنى هذا أنك لا ترى للأزهر أى جهود فى جانب التجديد؟
- الأزهر يحافظ فقط، وكل الذين جددوا خرج عليهم الأزهر وأدانهم بداية من الشيخ محمد عبده حامل راية التجديد، والذى أعلن أن الأزهر لا أمل فيه ولن يعترف بأى تجديد، لذلك نحن نعرف المجددين بمدى عداء الأزهر لهم، فإذا ناصبهم العداء حينها نتأكد أنهم مجددون.
من الذى يقف وراء جمود الفكر الدينى والثقافى فى مصر؟
- أصحاب المصالح، المتمثلون فى القوتين السلفية والرجعية، إضافة إلى قوى التخلف وجماعات الإسلام السياسى، بهدف ممارسة السلطة عن طريق إرهاب الآخرين.
ما السر وراء عدم خروج وثيقة الأزهر للنور حتى الآن؟
- هذا السؤال يوجه إلى رجال الأزهر، وأؤكد لك أن «الأزاهرة» محافظون، فكيف نطالبهم بما يخالف طبيعتهم؟ ووثيقة الأزهر لتجديد الخطاب الدينى والتى لم تخرج إلى النور كانت تحمل قبساً من التجديد اليسير، ولذلك هم لا يريدون أن يعترفوا بها، وللأسف أمر هذه الوثيقة انتهى وأصبح فى طى النسيان، وأنا لا أنتظر من الأزهر شيئاً ولا أهاجمه على أنه لا يفعل شيئاً ليس فى وسعه.
صرحت سابقاً بأن الثقافة الدينية تطغى على باقى الثقافات فى مصر، وضح ذلك؟
- ليست الثقافة الدينية، وإنما المشتغلون والمستفيدون من رفع الشعارات الدينية والمتاجرون بها يحاولون طمس المستويات الثقافية الأخرى ويعادون العلم والفن والتنوير الحضارى لكى يظل خطابهم هو المهيمن على عقول الناس.
هل انتهى زمن الشعر بلا رجعة وأصبحنا نسير فى زمن أغانى حمو بيكا وشطة؟
- لا، هذا منظور غير سليم على الإطلاق، الفنون العظمى؛ الموسيقى، الشعر، الفن التشكيلى، الإبداع العلمى، التراث الشعبى للأمم، الطاقات الهائلة فى السرد، والمسرح، والتمثيل، وكل ما يخلقه الإنسان من ثقافة، وما تنتجه الطبيعة من روائع، وما يتنامى به وعى البشر وتزدهر به حياتهم، لا يمكن أن يموت. وبالتالى من يتصور أن موجة الأغانى الهابطة ستستمر فهو مخطئ، ففى كل عصر هناك تجاور وتعدد ونحن فى عصر التعددية وليس الأحادية، ومن يسمع هذا النوع من الغناء أشخاص محدودو، الثقافة ولا بد أن نشفق عليهم ونأخذ بأيديهم ونرقى بهم لا أن نحتقرهم.
ما رأيك فى الأعمال السينمائية خلال الفترة الأخيرة؟
- السينما فن رائع وعظيم هو سابع فن استحدثته البشرية تولد عنه التليفزيون وثورات وموجات فنية أخرى التى تعتمد على الصورة الحية المتحركة، مصر بادرت منذ أكثر من 100 عام بالإسهام فى تنمية وخلق سينما مصرية وعربية، صناعة السينما تحتاج إلى تقدم علمى وتكنولوجى واستثمار اقتصادى هائل، وفن السينما يحتاج إلى مواهب وقدرات إبداعية عظيمة، وأعتقد أننا نمتلك قدرات فنية هائلة فنلاحظ الآن أن بعض الممثلين الكبار المصريين أخذوا يتسللون إلى هوليوود ويقومون بأعمال بطولية رائعة ولم تعد ظاهرة فردية تقتصر على نجم مثل عمر الشريف، أصبحت متكررة الآن، ولدينا فنون من الدرجة الأولى، ونهضة المهرجانات السينمائية التى نشاهدها الآن تبشر بأننا ممكن أن نستأنف طريقنا نحو الازدهار الفنى، والسينما فن بالغ الأهمية والخطورة وأكثر جماهيرية من المسرح، لذلك نحتاج إلى نهضة تغذى فن السينما بكبار الممثلين الذين يعشقون المسرح ويتدربون على خشباته، وكبار من اشتغلوا بالسينما انزلقوا إليها من فوق خشبة المسرح.