"الأراجوز".. من ملاطفة المرضى بالقرن العاشر إلى فن "تراثي" باليونسكو

كتب: فادية إيهاب

"الأراجوز".. من ملاطفة المرضى بالقرن العاشر إلى فن "تراثي" باليونسكو

"الأراجوز".. من ملاطفة المرضى بالقرن العاشر إلى فن "تراثي" باليونسكو

"الأراجوز" من أشهر الدمى الشعبية في مصر، والذي أصبح فنا يتلقى دعما كبير من وزارة الثقافة، أدرج ملفه ضمن قائمة الصون العاجل للتراث غير المادي بمنظمة "يونسكو"، خلال الاجتماع السنوي للجنة الحكومية الدولية للمنظمة العالمية في مدينة بورت لويس بجمهورية موريشيوس.

وبحسب منظمة "يونسكو"، تعد عروض الأراجوز شكلا من أشكال عروض الدمى المسرحية التقليدية في مصر، معتمدة على استخدام دمية يدوية تقليدية تعرف باسم "عروسة الأراجوز"، واستمد هذا النوع من العروض المسرحية اسمه من هذه الدمية أو "العروسة" التي تعتبر العنصر الرئيسي فيه.

ينتمي الأراجوز لمسرح العرائس، فهو عبارة عن دمية "قفاز" رأسه مصنوعة من خامة خفيفة وصلبة كالخشب، مرسوم عليها وجه ذو تعبيرات حادة، وتنتهي من أعلى بـ"طرطور أحمر اللون"، أما وسط الدمية وصدره فهما عبارة عن جلباب أحمر طويل، ويداه قطعتان من الخشب، ويجرى التحكم فيه بتحريكها باليد حيث يستطيع اللاعب أن يحرك رأسه بأصبع السبابة، وتختفى يد اللاعب كاملة داخل جلباب الأراجوز الأحمر.

وجد "فن الأراجوز" في الحياة المصرية منذ زمن بعيد، إذ أشار الرحالة التركي أوليا جيلي في كتابه "سياحتنامة مصر"، إلى أن الفنانين في القرن العاشر الهجري كانوا يلاطفون المرضى بدمى خشبية لتتحسن حالتهم، بحسب ما كتبه نبيل بهجت أستاذ الدراما والنقد بكلية الآداب جامعة حلوان في كتابه "الأراجوز المصري".

ويرى البعض أنه تزامن مع فن خيال الظل لفترة في أواخر عصر سلاطين المماليك، ويذهبون إلى أنها تحريف لاسم قراقوش، الذي كان وزيرا في عهد صلاح الدين الأيوبي وأصبح مضرب المثل في الظلم والغباء، ولكن أستاذ الدراما والنقد يقول "لا نستطيع أن نعتبر شخصية الأراجوز معادلا موضوعيا لشخصية قراقوش، إذ يتصف الأول بالذكاء وسعة الحيلة، على عكس ما أراد الوجدان الشعبي لقراقوش، وعلى الرغم من أننا لا نستطيع أن نحدد متى بدأ فن الأراجوز، فإنه كأي فن شعبي بدأ ثم أخذ ينمو ويتطور ويضاف إليه من شخص لآخر".

ويضيف بهجت في كتابه "الأراجوز المصري": "يقوم فن الأراجوز في الأساس على الدمى، إذ إن لغته الأساسية هي الدمى من خلال وسيط محدد هو اللاعب الذي يحركها من خلف ستار أو برفان من دون أن يراه أحد من الجمهور، وهذه الدمى بالنسبة الى الجمهور ليست مجرد دمى وإنما أبطال وشخصيات لهذه الأدوار أمام الجمهور من دون أن يذهب المتفرج بخياله إلى ما وراء الدمية وكيفية إمساك المؤدي بها وما إلى ذلك".

ويقدم فن الأراجوز من خلال عدد من الوسائط هي "عربة الأراجوز، البرفان، الباردة والخيمة"، ويجب أن يتصف الفنان المؤدي بسرعة البديهة، فهو يغني ويحرك الدمى ويمثل ويرتجل النص في وقت واحد، وأن يكون ذا صوت حسن وقدرة على التحكم في أداء اللهجات المختلفة وتلوين الصوت واستحضار نبرات صوتية مختلفة وقدرة فائقة على الارتجال والإبداع المتجدد، وتحويل أبسط الإمكانات أدوات للمتعة والتواصل المستمر مع الجمهور.

وعن ملابس الأراجوز، فهي ثابتة ومتوارثة من جيل إلى جيل، وتختلف في بعض التفاصيل البسيطة من فنان إلى آخر، إلا أنه يتميز عن بقية الشخصيات بلونه الأحمر وطرطوره الطويل، ولهذه الألوان رموز خاصة في الوجدان الشعبي، فالأحمر رمز الحب والخطر والخجل والموت والجان، والأخضر رمز الخير والإيمان، والأصفر رمز المكر، فهو يجمع بين الرجولة والشجاعة والقوة والإيمان والقدرة أيضا على المكر والتفكير.


مواضيع متعلقة