قبل «السوشيال ميديا»..الحياة الزوجية: لا نكد ولا مراقبة ولا إفشاء أسرار

كتب: سلمى سمير

قبل «السوشيال ميديا»..الحياة الزوجية: لا نكد ولا مراقبة ولا إفشاء أسرار

قبل «السوشيال ميديا»..الحياة الزوجية: لا نكد ولا مراقبة ولا إفشاء أسرار

جلستهما «وقت العصرية» لتناول كوب الشاى، وجلوسهما أمام شاشة التليفزيون لمشاهدة مسلسل الثامنة مساءً أو لسماع حفل «أم كلثوم» الإذاعى لم تكن تُقدر بثمن، فللكلمات حلاوة حين ترافقها أذن تنصت باهتمام ونظرات تتجاوب فرحاً وشجناً، لا يعكر صفوها رنين «موبايل» ولا ذهن شارد فى مواقع تواصل اجتماعى.

أوقات حميمة بين الأزواج والأطفال سجلتها صور فوتوغرافية تكاد تتطابق لدى مختلف الأسر فى فترات زمنية مضت، بداية من وجبة الغداء التى لم يكن مسموحاً الاعتذار عنها، مروراً بجلسات الحدائق والمتنزهات، والسهر أمام التليفزيون وأكل التسالى وتبادل الضحكات. مشاهد تتذكرها نهلة سيد، فى بيت أسرتها القديم، الذى حاولت أن تعكس أجواءه وتستحضرها فى علاقتها بزوجها.

 

«مفيش أجمل من الأغانى الرومانسية اللى كان بيسجلها ليا على شريط كاسيت، ولما أسمعها أطير من الفرحة»، لحظات خاصة ترويها «نهلة» بنبرة يملؤها الحنين والاشتياق لأول هدية من زوجها: «كل ما أقعد فى البلكونة وأشغل الشريط أفتكر الإحساس اللى كنت عايشاه وقتها، كنا بنتلكك عشان نقضى وقت مع بعض ونخرج سوا».

تفاصيل عديدة خلقت مذاقاً خاصاً لبدايات حياة «نهلة» مع زوجها تفتقدها الآن: «كنا نقعد ناكل ونلعب ونهزر ونضحك، وكنت بتكلم معاه فى كل تفاصيل اليوم، وفى آخر النهار يساعدنى وأنا بعمل العشا».

الاستمتاع بعطلة نهاية الأسبوع كان مقدساً فى حياة «نهلة»: «كان عندنا وقت نستمتع ببعض، وكان التواصل بينا أقرب. كنا بنسافر إسكندرية ولينا ذكريات فى كل شبر فيها».

الإنصات بشكل جيد واستماع كل طرف فى العلاقة الزوجية لمشكلات الطرف الآخر بعناية واهتمام، هو أكثر ما كان يميز العلاقة الزوجية بفترة ما قبل انتشار وسائل التواصل الاجتماعى بمختلف أنواعها، الحالة التى أوضحت هبة عيسوى، أستاذ الطب النفسى بكلية الطب جامعة عين شمس، أنها كانت صحية بالنسبة للمجتمع المصرى كله: «الأب كان بيسمع مراته وأولاده وكانوا بيتجمعوا ويناقشوا مشاكلهم وتفاصيل يومهم باهتمام، الصوت العالى فى البيت ماكانش سمة أساسية، لأن الحياة كانت هادئة بعيدة عن صخب اليوتيوب والمواقع.. الأسرة كانت بتستثمر الوقت تقضيه مع بعضها، كل دقيقة بتمر كانت مهمة ومختلفة ولازم يسيبوا فيها ذكرى حلوة».

وبحسب «هبة» فإن هدوء وتيرة الحياة كان ينعكس بشكل إيجابى على قرارات الأسرة ويجعلها أكثر فاعلية: «القرارات بين الزوجين كانت مشتركة لأن الكل كان بيسمع بعضه وبيبدى اهتمامه، كانوا بيقعدوا يتشاوروا وهما شايفين بعض وسامعين وحاسين ببعض.. ماكانش بيحصل تراكم فى المشكلات لأن كان فيه متسع من الوقت لحلها»، حيث كانت تتجمع الأسرة حول عمل تليفزيونى واحد فقط لمشاهدته، وكان ذلك يخلق نوعاً من الحميمية والود بينهم: «كانت أجواء لا تنسى، كانت الأسرة بتتجمع لازم وقت الغداء، كانت فكرة الوقت مقدسة.. ماكانش فيه كلام بيتأجل وتحصل تراكمات فى العلاقة زى دلوقتى».

ويوضح الدكتور محمد المهدى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، أن الحياة خلال فترة ما قبل السوشيال ميديا كانت اجتماعية على أرض الواقع بشكل أكبر: «كانت الأسرة بتقوم بكل الأدوار مع بعض، ماكانش فيه عزلة، كانوا بيتفسحوا ويخرجوا ويزوروا بعض ويقضوا جلسات سمر، ماكانش فيه زيادة للأمراض النفسية ولا الطلاق.. ودول أكبر مشكلتين كانت السبب فيهم الحياة السريعة وعصر الإنترنت والسوشيال ميديا».


مواضيع متعلقة