«درش» يواصل متعة «أبوه» فى تصميم أعمال فنية من رمال الصحراء.. و«وهبة» سافرت لوحاته عبر العالم

«درش» يواصل متعة «أبوه» فى تصميم أعمال فنية من رمال الصحراء.. و«وهبة» سافرت لوحاته عبر العالم

«درش» يواصل متعة «أبوه» فى تصميم أعمال فنية من رمال الصحراء.. و«وهبة» سافرت لوحاته عبر العالم

وصل والده للعالمية بعد أن مثل مصر فى مسابقة دولية فى الصين منذ 3 سنوات، رافضاً تدريس موهبته للصينيين بعد أن حقق نجاحاً باهراً، ليعود إلى الواحة، حيث حرص قبل وفاته على أن يُعلمها لابنه، كما حرص على أن يخلد ذكراه وذاكرة الواحات البحرية من خلال لوحات فنية من الرمال والتماثيل، تعرض مشاهد من حياة البدو فى متحفه الخاص: «متحف تراث الواحة للفنان محمود عيد».

توفى محمود عيد تاركاً نجله مصطفى بارعاً فى نفس المجال، ليبدأ رحلة نجاح أبيه من نجاحات صغيرة تناسب عمر الفتى ذى الـ16 عاماً، حيث حصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية فى مسابقة الرسم، عارضاً فناً لم يقدمه أحد غيره فى المسابقة وهو فن الرسم والتلوين بالرمال الطبيعية المتنوعة الألوان.

ولأن الواحات شهدت تطوراً فى الحياة المدنية والاجتماعية كأى مكان فى العالم، فقد شكَّل ذلك حافزاً للفتى الصغير أن يُكمل مشوار أبيه بتقديم فن يحتفظ بتراث العمارة القديم الذى طالما عشقه، وقد جعله عشقه هذا يقف أمام أهل القرية ممن حاولوا القضاء على متحف والده الذى يأتيه السياح من أنحاء العالم، بحجة أن الأعمال الفنية أشياء مُحرمة: «جبت أقفال وقفلت باب المتحف علشان محدش يدخل يهده، وقلت أنا موجود مكان أبويا واسمه هيفضل موجود وهكمل مسيرة محمود عيد».

{long_qoute_1}

يتجول «مصطفى»، الذى يناديه أصدقاؤه بـ«درش» فى الصحراء، متنقلاً بين الجبال بألوانها المختلفة، فتارة يصعد جبل الإنجليز للحصول على رمال بيضاء وأخرى سوداء، وتارة يزور منطقة المناجم كى يجلب رمال خضراء، ويحضر ألواحاً من الخشب «الأبلاكاش»، ويقطعها على هيئة أشكال مستوحاة من البيوت البدوية القديمة ليضع حدود اللوحة بالقلم الرصاص، ثم مزيجاً من الغراء والصمغ الذى كان قد استخرجه من شجر المشمش والزيتون من الواحة، حتى يستطيع لصق الرمل، ثم يتركه ليجف ويبدأ قطع جزء آخر من اللوحة بنفس الطريقة ولمدة يومين أو ثلاثة أيام حتى ترى مشهداً بدوياً مكتملاً قد يكون مُسطحاً أو شكلاً بارزاً ثلاثى الأبعاد.

وبطريقة أخرى، يسعى لتخليد تراث وذاكرة الواحة، يمسك الفنان، ذو الستة عشر عاماً، بقطعة من الحجر الرملى التى سبق أن قصها بشكل معين، ثم يلتقط الشاكوش والمسمار ليبدأ بالدق على الحجر وبالمبرد ليحدد التفاصيل، فتجد نفسك فى النهاية أمام تمثال لرجل عجوز مُتكِئاً على «المصطبة» أمام منزله تماماً مثلما كان يفعل أجداد «مصطفى» فى وقت العصارى.

أكثر ما يُميزه هو الحماس والشغف بما يصنع، والأمل فى مستقبل لا يرى نفسه فيه إلا فناناً كبيراً يصل إلى العالمية مثل أبيه وأكثر، كل ذلك هو ما جعل مصطفى محمود عيد يحضر معارض الحرف فى أى مكان، مُتمنياً أن يكون «إبداع من مصر» فى المرة المقبلة فى خارج مصر، حتى يصل بفنه إلى نوافذ عالمية أخرى.

يحمل «مصطفى» معه أعمال أبيه محمود عيد، الفنان الذى أخذ على عاتقه أن يحافظ على عادات وموروثات واحته، فأنشأ متحفاً بجهوده الذاتية، معتمداً فى معماره على نزعته الفنية التى تميل إلى التأريخ بالرسم والنحت، بعد أن جالس كبار ومعمّرى الواحة، وتوسع المتحف من غرفة واحدة إلى 14 غرفة بعد أن لاقى رواجاً من السائحين، بحوائط وأسقف من سعف النخيل والطين الطفلى ورمال الصحراء.

لم يكن مصطفى الوحيد الذى يستخدم الرمال للرسم، فعلى بعد بضع خطوات تجد رجلاً ستينياً يجلس وفى خلفيته أعمال فنية تنقلك إلى مناظر طبيعية بهية من جمال الواحات، ويضع أمامه أكياساً من رمال متنوعة الألوان، لتتأكد بنفسك أن الرمل الأخضر والأحمر والأسود طبيعى اللون.

أحمد وهبة الذى وجد أن العمل كخطاط لن يضيف الكثير، فتوجه ذات يوم ليصعد الجبال ويأتى بالرمال الملونة ويخط لوحاته على أخشاب شجر الدوم و«جرناف أو جريد» النخل وأخشاب «الكرتون المضغوط»، فيخرج لك فى النهاية مشهد من الحياة الواحاتية، حيث يعيش «وهبة» فى الواحات الخارجة.

سافرت أعمال فنان الرمال عبر العالم، وسافر هو أيضاً إلى البحرين ليعرض لوحاته الرملية التى تبدو كما لو كانت زيتية، وفى رحلة الممثل الأمريكى «روبرت دى نيرو» إلى الواحات زار معرضه ليشترى منه لوحة «قرية القصر الإسلامية»، بعد كل ما حقق من انتصارات داخلية وخارجية، لا يزال ينظر إلى أعماله كما لو أن هناك شيئاً ينقصها «مابحسش إنى عملت لوحة كاملة وإن فيه حاجة ناقصة لكن مش عارف هى إيه، بدور عليها وهتيجى إن شاء الله».


مواضيع متعلقة