الحكومة تتحرك لمراجعة الاتفاقيات التجارية والمصدرون: لم نستفد من «الميركسور»

كتب: هشام إبراهيم وتمّام نور الدين

الحكومة تتحرك لمراجعة الاتفاقيات التجارية والمصدرون: لم نستفد من «الميركسور»

الحكومة تتحرك لمراجعة الاتفاقيات التجارية والمصدرون: لم نستفد من «الميركسور»

تعكف وزارة التجارة والصناعة خلال الفترة الراهنة على إعادة صياغة السياسات التجارية التى تتبناها الدولة لبحث آليات تعظيم موارد الصناعة الوطنية وزيادة نفاذية المنتجات المحلية بالأسواق الخارجية، بما يتضمن إجراء مراجعة شاملة لكافة الاتفاقيات التجارية المبرمة مع أبرز التكتلات الاقتصادية العالمية، وكشفت مصادر مطلعة بوزارة التجارة لـ«الوطن الاقتصادى» أن المراجعة ترتكز بشكل كبير على تقييم أثر ومدى استغلال تلك الاتفاقيات وأبرز المعوقات التى تواجه أنماط استغلالها، منوهة بأن هناك التزاماً تاماً من الدولة بكافة الاتفاقيات المبرمة، وأن بحث آليات استغلالها يعد حقاً مكفولاً لكل دولة وفقاً لقواعد التجارة الدولية، وسجلت الصادرات المصرية للتجمعات الدولية، التى تضم كلاً من «تجمع الإسكوا، تجمع دول الساحل والصحراء، تجمع الكوميسا، مجموعة الخمس عشرة، منطقة التجارة الحرة العربية، مجموعة الثمانية الإسلامية النامية»، نمواً بنسبة 78.5% خلال العام الماضى 2017، فيما وارتفعت واردات مصر من تلك التجمعات بنسبة 75.5% خلال الفترة ذاتها.

وفيما يتعلق بالتجارة البينية مع التجمعات الدولية التى لا تتضمن مصر، وهى «تجمع الاتحاد الأوروبى، تجمع الافتا، تجمع النافتا، تجمع رابطة الأسيان، تجمع الميركسور»، بلغ إجمالى قيمة صادرات مصر إلى تلك التجمعات 177 مليار جنيه عام 2017، مقابل 80.4 مليار جنيه عام 2016، بنسبة زيادة قدرها 120.2٪، بينما بلغ إجمالى قيمـة واردات مصر من تلك التجمعات 577 مليار جنيـه عام 2017، مقابل 349.9 مليار جنيه عام 2016 بنسبة زيادة قدرها 64.9 ٪.

{long_qoute_1}

ومن ناحيته أكد على عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إن مصر تمتلك الكثير من الاتفاقيات التجارية الواعدة التى يمكن الاستفادة منها بشكل كبير، خاصة اتفاقية الكوميسا مع دول أفريقيا، فى ظل تنامى الفرص المتاحة داخل القارة والقدرات الاستهلاكية بها، مشيراً إلى أن بحث آلية الاستفادة من الاتفاقيات ومراجعتها يعد حقاً مكفولاً للدول ولا يخل بمبدأ احترام الاتفاقات والتعاقدات، وأشار إلى أن هناك بعض الاتفاقيات التى لم تحقق مصر الاستفادة الحقيقية منها، والتى تأتى فى مقدمتها اتفاقية الميركسور التى تم تفعيلها خلال شهر سبتمبر 2017، خاصة فى ظل ضعف حجم الصادرات المصرية إلى دول أمريكا الجنوبية المنضمة للاتفاقية، التى سجلت نحو 190 مليون دولار بنهاية شهر أغسطس الماضى، مقابل 2.5 مليار دولار واردات خلال الفترة ذاتها، ما يعنى تسجيل عجز بقيمة 2.3 مليار دولار فى تجارتنا مع دول «الميركسور» خلال 8 أشهر، وأضاف أن المنتجات المصرية تواجه صعوبات كبيرة فى دخول تلك الأسواق، نظراً لوجود بعض المعوقات الجمركية الحمائية بها، فى حين أن منتجاتهم لديها القدرة على الدخول فى السوق المصرية بسهولة فى ظل الإعفاءات الجمركية، متابعاً أن اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبى تؤدى إلى نفس نتيجة الميركسور، حيث إن الاتحاد الأوروبى هو الجانب الأقوى والرابح الأكبر فى هذه الاتفاقية.

وقال خالد أبوالمكارم، رئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية والأسمدة، إن هناك عدداً من الاتفاقيات التجارية التى تفتقد حالياً التزام بعض الدول، خاصة اتفاقية الكوميسا من خلال قيامها بفرض رسوم حمائية على وارداتها، وذلك نتيجة دخولها فى بعض الصناعات التى تؤهلها لاستخدام منتجاتها المحلية، وأشار إلى صعوبة الحكم على اتفاقية الميركسور خلال العام الأول من تطبيقها، مضيفاً أن اتفاقية الكويز تعد من أكثر الاتفاقيات ذات المردود الإيجابى على مصر، التى تحافظ على قوتها حتى الآن.

وقال مجدى طلبة، نائب رئيس المجلس الأعلى للصناعات النسيجية، إن قرار وزارة التجارة والصناعة بمراجعة موقفنا من تلك الاتفاقيات التجارة يعد قراراً صائباً لتحقيق أقصى استفادة ممكنة منها دون الإخلال بمبدأ احترام الاتفاقيات والتعاقدات، وتابع أن مصر تحتاج لعمل قاعدة صناعية تصديرية لتعظيم الاستفادة من تلك الاتفاقيات والوجود بقوة فى الأسواق الخارجية.

واتفق معه هانى قسيس، رئيس مجلس الأعمال المصرى الأمريكى السابق، مؤكداً أن غياب الصناعة الوطنية القوية يفقد جدوى أية اتفاقيات تجارية مبرمة مع التكتلات التجارية الدولية، ويمثل تهديداً كبيراً لحركة السوق الداخلية التى ستعانى من الإغراق بواردات تلك التكتلات، وأشار إلى أن الصناعة المصرية لا تزال تفتقد حتى الآن الجودة التى تؤهلها للمنافسة والوجود بفاعلية سواء داخل السوق المحلية أو خارجياً، بما يحتم ضرورة المسارعة لتذليل كافة العقبات التى تواجه تلك الصناعة والارتقاء بجودتها بما يعظم من القيمة المضافة المطلوبة من القطاع.

{long_qoute_2}

وتسعى مصر خلال الفترة الحالية لتعظيم صادراتها للعالم الخارجى فى ضوء الخطة التنموية للدولة التى تستهدف رفع معدلات النمو إلى 8 و9% فى الأجل المتوسط، الأمر الذى يتطلب ضرورة الخروج من السوق المحلية الضيقة إلى السوق العالمية المتسعة، وفتح منافذ جديدة للشركات المصرية يمكنها تصريف الإنتاج من خلالها، خاصة مع اشتداد المنافسة فى السوق المحلية نتيجة تعدد المنتجات المستوردة.

وفى هذا السياق أكد جمال الجارحى، رئيس غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، أن حماية الصناعة المحلية يعد أمراً مشروعاً لكل دولة، خاصة فى الحالات التى تهدد مستقبل الإنتاج المحلى نتيجة المنافسة غير العادلة مع المنتجات الأجنبية المستوردة، التى تجد دعماً واسعاً من حكومات هذه الدول، وأعطى مثالاً بصناعة الحديد، مشدداً أنه لو تجاهلت الدولة الأضرار التى تسببها المنتجات المنافسة التى تأتى من الخارج وتستغل الاتفاقيات التجارية الموقعة بين مصر والعالم الخارجى، لتعثر الكثير من مصانع الحديد، واتجهت العديد من الشركات لمغادرة السوق نتيجة غياب المنافسة العادلة، وطالب بأن تكون «حماية الصناعة المحلية» أولوية رئيسية للدولة عند مراجعة اتفاقيات العالم الخارجى، ولا يقتصر الاهتمام على الجانب التصديرى فقط، حيث ينبغى دراسة تأثير الواردات التى تأتى فى نطاق هذه الاتفاقيات على الصناعة المحلية، على غرار ما تفعله دول العالم خلال الفترة الحالية، خاصة الصين والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى.


مواضيع متعلقة