عن منتدى إعلام مصر الذي هزّ دماغنا

"هذا اللقاء يهدف لهزّ الدماغ"، بهذه العبارة ختم الصحفي ياسر الزيات جلسته حول إنتاج المحتوى الجيد. ولكنه لم يكن يعلم، أن هذه الفكرة رافقتني على مدار اليومين في المنتدى الإعلامي المصري. كما ولم يعلم أن دماغنا جميعًا، نحن الصحفيين، اهتزت.

في صفوف المؤتمر وقبل بدئه بدقائق، كنت أسرق النظر إلى كل الوجوه، أبحث عن وجه خالٍ من الملامح الفرعونية. فلم أنجح. فكرت بعدها بحاسة السمع، فحاولت أن أنتزع كلمة لبنانية من أي فمّ، وكذلك فشلت. وأدركت بعدها، ربما، أنني اللبنانية الوحيدة في هذه المساحة الضخمة. إلا أنني لم أشعر بالغربة. فكّرت أن المهنة التي تجمعنا بذاتها وطن.كنت محظوظة، وهذا قليلاً ما يحدث، بأن يصادف وجودي في مصر للتدريب في موقع "إنفوتايمز"، في الوقت الذي عقد فيه المنتدى، حيث نفتقد نحن الصحفيين اللبنانيين لمثل هذه المؤتمرات على مستوى الدولة..

إذا كان جميلًا أن أحضر في المنتدى الإعلامي المصري، إلا أن الأجمل كان فرصة التعرف على الفريق المنظم للمؤتمر ومتابعة التحضيرات عن كثب قبل ساعات قليلة من انطلاقه، كون موقع "إنفوتايمز" هو إحدى الجهات المنظمة للمنتدى.

هذه الخلية الصغيرة أنتجت عملاً منظماً ومثمراً. تناول معظم الاشكاليات الإعلامية والمواضيع الصحفية الآنية المطروحة على الساحة. كالأخبار المفبركة وصحافة البيانات والمحتوى الرقمي.

أغلب الجلسات تميّزت بميلها للنقاش أكثر منه للتلقين. وتحديداً جلسة "الوسائل الاعلامية: سيطرة أم تنظيم"، فكانت تراشقاً كلاميًا لطيفًا، ولّد عصفًا ذهنيًا لدى جميع الحاضرين، وذلك وإن كنا نعلم الدور المحدود الذي تلعبه وسائل الإعلام على صعيد التغيير السياسي في العالم العربي،. إلا أنه، وكما يبدو، لم يعد لدينا سوى المساحات الخاصة للحديث عن الحرية فيها.لم يعد هذا المؤتمر على المشاركين بالفائدة الفكرية فقط. بل كان لقاءً لطيفاً لعددٍ كبيرٍ من الصحفيين. شخصياً، كانت فرصةً لأعرف مجموعة لا بأس بها من صحفيي مصر، كنت قد تابعت أعمالهم سابقاً، أو جمعتنا إحدى منصات وسائل التواصل الاجتماعي.

من جهة أخرى، نبَض المنتدى بروح الشباب. وتكلل بآخره بفوز مجموعة من الزميلات والزملاء الشباب عن تحقيقات قد أنجزوها سابقاً. فكان بذلك بصيص أملٍ لمحتوى إعلامي عربي جيدٍ ومتجدد، معتمد على الحقيقة ومواكب للتكنولوجيا. وإن كنّا نعلم بقرارة ذاتنا أن الأمر قد يستغرق منا سنوات، تماماً كما أخدت منّا معظم الظواهر الاعلامية المعاصرة لتقبلها. إلا إن الأكيد، أن "هزة الدماغ" هذه، كان لا بد منها.