على مدار يومين، أتاح «منتدى إعلام مصر» الفرصة لفتح حوار جاد وموضوعى حول ركام كبير من المشكلات التى عانى منها الإعلام المصرى على مدار سنوات طويلة، والأهم أن الحوار لم ينصب على المشكلات وحدها، لكنه طرح حزمة من الحلول التى تساعد إعلامنا على الخروج من دائرة الخطر، وحمل الكثير من المكاسب يمكن إيجازها فى السطور التالية:

أولاً: عكس المنتدى حالة اتفاق جماعى بين أفراد الأسرة الصحفية والإعلامية على أن الإعلام المصرى بمختلف أشكاله: المطبوع والمسموع والمرئي والإلكترونى، يعانى من أزمات حقيقية لا تخصم من رصيده فحسب، لكنها تهدد بقاءه أيضاً. هذا الاتفاق يمكن أن يكون نقطة انطلاق مشتركة لأخذ خطوات فى الاتجاه الصحيح.

ثانياً: حالة التنوع فى وجهات النظر التى اتسمت بها جميع جلسات المنتدى ساهمت فى تشكيل صورة كاملة عن تحديات المهنة والإجراءات والبدائل التى يجب الإسراع نحوها. هذه الصورة الكاملة وضعت مفاهيم مثل حرية الرأى وفتح المجال العام وتداول المعلومات فى سلة واحدة مع مفاهيم مثل التنظيم والمساءلة والالتزام بقواعد ومعايير مهنية وأدبية باتت غائبة إلى حد كبير.

ثالثاً: انتصر المنتدى لقيمة الحوار، وهذه مسألة أخلاقية قبل أن تكون مسألة مهنية. فهو أكد قدرتنا على أن نجلس معاً على مائدة نقاش واحدة لنتبادل الآراء على اختلاف مواقفنا وتوجهاتنا المهنية والسياسية، فى وقت تعلو فيه أصوات الاستقطاب والمزايدة والشخصنة البغيضة وحروب البيت الواحد التى يخسر فيها الجميع.

رابعاً: ساعد المنتدى فى الخروج من دائرة المحلية الضيقة إلى دائرة العالمية، ليرى ويسمع ويعرف المشاركون ماذا يدور فى الخارج، وكيف استطاعت تجارب أجنبية ناجحة أن تواجه تحدياتها، وأن تصمد فى مواجهة تغييرات تكنولوجية سريعة وهائلة باتت تشكل شبحاً للإعلام التقليدى.

خامساً: لم يقتصر المنتدى على أن يكون منصة حوار ونقاش، لكنه امتد لأبعد من ذلك، ليوفر عدداً لا بأس به من الورش والمحاضرات التى تناولت موضوعات مكثفة بما يخدم شباب الصحفيين، ويقدم لهم وجبة تدريبية ومعرفية سريعة، هى فى حاجة إلى أن تتكرر وأن تأخذ مساحة أوسع.

سادساً: برغم كل التحديات والمشكلات الراهنة، أعطى المنتدى جرعة كبيرة من التفاؤل الموضوعى المبنى على واقع وليس التفاؤل الكاذب الذى يهرب من الواقع أو يزيفه، خاصة مع الحضور الكبير للشباب من طلبة كليات الإعلام وشباب الصحفيين، الذى إن دل على شىء فإنما يدل على أن الأجيال الجديدة لديها قدر كبير من الاهتمام والشغف برغم كل ما يواجهون أو يعانون أو يحبط من عزيمتهم.

أخيراً «منتدى إعلام مصر» هو شعاع ضوء ساهم فى وضوح الصورة، وساهم فى ضبط الرؤية، وساهم فى بث الأمل، وأعطى روشتة حقيقية تجيب عن سؤالين مهمين: أين نحن؟.. ومن أين نبدأ؟