مصر العربية: «جامعة الدول».. بيت العرب وحصن الهوية وأقدم منظمة إقليمية فى العالم

كتب: بهاء الدين عياد

مصر العربية: «جامعة الدول».. بيت العرب وحصن الهوية وأقدم منظمة إقليمية فى العالم

مصر العربية: «جامعة الدول».. بيت العرب وحصن الهوية وأقدم منظمة إقليمية فى العالم

يقول الكاتب والمفكر السياسى المصرى الدكتور ميلاد حنا، فى كتابه «الأعمدة السبعة للشخصية المصرية»، إن انتماء مصر العربى هو انتماء مصلحة اقتصادية وحضارية وسياسية، ولم يكن عبثاً أن جاء فى المادة الأولى من الدستور أن «الشعب المصرى جزء من الأمة العربية ويعمل على تحقيق وحدتها الشاملة»، وهى المادة التى دأبت الدساتير المصرية على تكرارها، ومن هنا جاء احتضان مصر لبيت العرب، جامعة الدول العربية.

{long_qoute_1}

جسدت جامعة الدول العربية، منذ تأسيسها، علامة مضيئة تعبر عن انتماء مصر العربى، فقد كانت مصر هى الداعية إلى تأسيس هذه المنظمة الإقليمية التى تعتبر أقدم منظمة إقليمية فى العالم، حيث أنشئت فى 22 مارس عام 1945، وتطورت عضويتها من سبع دول مؤسسة، حتى وصلت إلى 22 دولة عربية فى وقتنا الحالى (منها 12 دولة تقع فى قارة آسيا و10 دول تقع فى قارة أفريقيا)، بل ونشأت الجامعة العربية قبل ظهور الأمم المتحدة بفترة وجيزة.

ففى 5 أغسطس 1942 دعت مصر كلاً من العراق، وشرق الأردن، والسعودية، وسوريا، ولبنان، واليمن لإيفاد مندوبين عنها لتبادل الرأى فى موضوع الوحدة، وتشكلت من هؤلاء المندوبين، إضافة إلى ممثل من عرب فلسطين، لجنة تحضيرية عقدت اجتماعاتها على امتداد أسبوعين فى الإسكندرية، وبدأت مرحلة عُرفت باسم «مشاورات الوحدة العربية».

احتضنت القاهرة مقر الجامعة العربية، والعديد من المنظمات التابعة للجامعة، كما استضافت مصر أول قمة لملوك ورؤساء دول الجامعة العربية فى مدينة أنشاص، حيث أكدوا عزمهم على «التشاور والتعاون والعمل قلباً واحداً ويداً واحدة من أجل ما فيه خير بلاد العرب جميعاً، وضرورة العمل بكل الوسائل الممكنة لمساعدة الشعوب العربية التى لا تزال تحت الحكم الأجنبى لكى تنال حريتها وتبلغ أمانيها القومية، بحيث يصبحون أعضاء فعالين فى أسرة جامعة الدول العربية وفى منظمة الأمم المتحدة».

وجامعة الدول العربية هى منظومة متكاملة، تشمل الأمانة العامة بقطاعاتها المتعددة (سياسى، اقتصادى، اجتماعى، أمنى قومى، قانونى، وغير ذلك) ويرأسها الأمين العام، ويشكل مجلس جامعة الدول العربية بمستوياته الثلاثة قمة المنظومة، إذ يعقد مجلس الجامعة على مستوى القمة (مستوى الملوك والرؤساء العرب) بشكل دورى سنوياً، كما تُعد المنظمات العربية المتخصصة، وعددها 14 منظمة، بمثابة الأذرع الفنية للجامعة العربية.

وتمثل الأمانة العامة للجامعة العمود الفقرى لمنظومة العمل العربى المشترك، جنباً إلى جنب مع المنظمات العربية المتخصصة ومؤسسات العمل العربى المشترك والمجالس الوزارية المتخصصة.

من جانبها، أكدت الحقوقية البحرينية دينا اللظى، رئيسة مركز المنامة لحقوق الإنسان، أن الجامعة العربية مثلت على الدوام بوتقة لصهر الاختلافات، سواء على المستوى التنموى أو الثقافى، بين الدول العربية الأعضاء، وإيجاد لغة مشتركة هى لغة التعاون والعمل العربى المشترك، بل وفتح آفاق التعاون مع الدول الناطقة بالعربية كلغة ثانية من غير الدول الأعضاء، فضلاً عن فتح آفاق التعاون بين الجامعة العربية والتكتلات الثقافية والاقتصادية الأخرى.

ويقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق: «إن الجامعة العربية أصبح لها دور متعاظم فى الحفاظ على الهوية العربية فى زمن العولمة الذى هدد بانسحاق ثقافات فرعية، أمام أمركة الثقافة العالمية فى ظل العولمة».

ويرى الدكتور أحمد أبوزيد، الباحث فى الأمن الإقليمى، أن الانتماء القومى العربى يمثل قضية أمن قومى فى الوقت الراهن، مؤكداً أن هذا العنصر الأساسى فى الهوية الوطنية المصرية وفى تكون الشخصية المصرية، يعتبر عنصر قوة أمام محاولات طمس الهوية العربية الأصيلة فى الكثير من البلدان، سواء فى فلسطين التى تواجه الاتجاه العنصرى الراهن الذى يمثله قانون القومية الإسرائيلى ويهودية الدولة، أو من خلال التهديدات الإيرانية والتركية لدول المنطقة، والذى نشهده على سبيل المثال فى الشمال السورى من محاولات «تتريك» لهذه المنطقة.


مواضيع متعلقة