عضو «العربى للمياه»: السياسات الخاطئة لدعم المرافق وغياب وعى المواطن باستخداماته سبب أزمات المياه فى مصر

كتب: إسراء سليمان

عضو «العربى للمياه»: السياسات الخاطئة لدعم المرافق وغياب وعى المواطن باستخداماته سبب أزمات المياه فى مصر

عضو «العربى للمياه»: السياسات الخاطئة لدعم المرافق وغياب وعى المواطن باستخداماته سبب أزمات المياه فى مصر

قال الدكتور رؤوف درويش، خبير إدارة الموارد المائية وعضو مجلس المحافظين بالمجلس العربى للمياه: إن «أزمات مياه الشرب، سببها سياسة دعم المرافق الخاطئة المتّبعة فى مصر، إضافة إلى أن هناك أزمة طاحنة فى الوعى لدى المواطن المصرى باستخدام المياه، علاوة على أن هناك الكثير من الشبكات التى بها فقد فى المياه أثناء توصيل المياه وتوزيعها إلى مستخدميها. وطالب «درويش»، فى حوار خاص لـ«الوطن»، بضرورة إنشاء «مجلس أعلى للمياه» ليس حكومياً يشترك فى تشكيله 25% من الحكومة، و75% من مستخدمى ومنتجى المياه. وإلى نص الحوار:

كيف ترى أزمات مياه الشرب فى مصر؟

- أزمات مياه الشرب فى مصر بها أكثر من شق، أولاً: إتاحتها للمواطن، والمسئول عنها هو الدولة أن تتيحها بالقدر الكافى والنوعية السليمة الآمنة للشرب، وثانياً التوزيع العادل للمياه وتحصيل قيمتها وتحقيق الاستدامة فى العمل، وتقوم به الشركات المسئولة عن المياه، وثالثاً الاستخدام، وهو أنواع، حيث إن هناك استخداماً منزلياً بغرض الاستهلاك، أو مصنع بغرض استخدام الصناعة أو استخدامها فى تربية الحيوان أو غيره، وكل طرف من الأطراف عليه مسئولية مهمة جداً، وأى إخلال بالمسئولية يُفقد المنظومة أداءها المستدام، وإذا حدث تقصير من جانب الدولة فى أدائها، وإن لم تطبّق المعايير السليمة فى المياه وتنقيتها ستكون هناك أزمة، وسيكون هناك ضرر، وتسبب مشكلات وأمراض، وإذا لم يكن هناك توزيع عادل للمياه، وهناك إهدار للمياه وشبكات المواسير بها رشح وإسراف فى المياه، فمن ينقى المياه يفقدها فى التوزيع، أما المستهلك إذا أساء استخدام المياه ستكون هناك مشكلة كبيرة فى مياه الشرب، وهنا المشكلة الحقيقية، لأنه فى الغالب الأعم يسىء الاستخدام.

{long_qoute_1}

وهل هناك أزمة فى كمية المياه الموجودة بالدولة؟

- حجم مياه الشرب المنتجة فى مصر يتراوح بين 9 إلى 11 مليارات متر مكعب فى السنة، وليس فيه مشكلة، ويكفى عدد السكان لجميع الاستخدامات، سواء منزلية أو صناعية أو استخدامات أخرى.

وكيف يمكن حل أزمة شبكات المياه المتكررة؟

- نجد بشبكات المياه فاقداً كبيراً، سببه أن العائد من بيع خدمة توصيلها وتنقيتها قليل، خصوصاً أن عملية الصيانة لها لا تتم بشكل سليم وكما ينبغى، إلا أن الاعتمادات تقف حائلاً فى كثير من الأوقات، خصوصاً أن الدولة لا تستطيع أن تنتج المياه من خلال محطات لتنقية مياه الشرب، وتقوم بصيانة الشبكات فى الوقت ذاته، ومن الاعتمادات المالية نفسها، لكن عليها أن تنتج المياه فقط وتقوم بتسليمها للمستهلكين، أما الآن فهى تتحمّل تكاليف تنقية المياه ومحطات الضخ وشبكات التوصيل، وكل هذه الإجراءات بحاجة إلى صيانة واعتمادات مالية، والتى يتم تحصيلها من بيع الخدمة، وإلا سنقع فى مشكلة عدم وصول الدعم إلى مستحقيه، فالدولة لن تستمر فى دعم المرافق كالمياه والصرف الصحى إلى ما لا نهاية.

معنى ذلك أنك تطالب برفع الدعم عن خدمة المياه للمواطن؟

- نعم أؤكد أن الدولة لن تستمر فى سياسة دعم المرافق كالمياه والصرف الصحى، ففى دول العالم النامية لا يحدث كل هذا الدعم، فمثلاً بلد مثل الصومال الذى يعانى مشكلات كثيرة جداً يتم توزيع المياه من خلال شركات خاصة، أما نحن الآن فما زلنا نعتمد على الدولة فى دعم تلك المرافق، وهو ما يسبّب العبء على الموازنة العامة، ونزيد العبء على المستهلك، فلو أى مستهلك يدفع قيمة الخدمة كما يجب أن يكون لن يكون هناك عجز فى الموارد وسيتم تغطية تكلفة الإنتاج والصيانة والتوزيع، إلا أن ما يحدث الآن به خلل. {left_qoute_1}

وماذا عن سياسة دعم المرافق الحالية؟ وكيف يمكن حل أزمات انقطاع المياه المتكرّرة؟

- لا بد من تغيير سياسة دعم المرافق، ولا بد من توفير العائد لشركات التوزيع، الذى يضمن عمليات الصيانة والتشغيل السليم، وبعد ذلك يتم محاسبتها، فهناك شركات لا تجد رواتب للعاملين ولا الخامات التى تعمل بها، وحجم الخدمات المطلوب من تلك الشركات أكبر بكثير من التمويل المقدم لها، وانقطاع المياه حالياً شىء طبيعى أمام السياسة المستمرة فى عدم استرداد قيمة الخدمة بشكل كامل وتحمل الدولة العبء كله أمر ظالم لها.

وماذا عن دول العالم التى حققت استدامة فى مياه الشرب؟

- القاسم المشترك بين كل الدول التى حققت الاستدامة فى مياه الشرب، هو استعاضة التكلفة من مستخدميها، فلدينا أزمة وعى طاحنة لدى المواطن، ولن يستقيم أداء منظومة المياه، إلا بإشراك القطاع المدنى، ولا بد أن يتم إنشاء مجلس أعلى للمياه، وأن يكون هذا المجلس 25% منه من الحكومة والجهات القائمة على وضع السياسات والتخطيط، و75% منه يتكوّن من المستخدمين والموزعين للمياه، على ألا يكون حكومياً، فتولى الحكومة للتنفيذ والتخطيط والتصميم والإدارة لن ينحل أزمات المياه أبداً.

البعض لديه تصور دائم بأن مياه الشرب فى مصر ملوثة وغير صالحة للاستخدام الآدمى.. فما رأيك؟

- كلام غير مسئول، وليس له أى أساس من الصحة، ومن يقل هذا الكلام عليه أن يأتى ليرى المعايير المتّبعة فى تصميم محطات المعالجة والمعايير التى تُتبّع فى إنتاج المياه وعلمية التعقيم بالكلور التى تتم، لأنه إذا كان هناك خلل أو تم تحليل عينة من المياه ووجدت غير صالحة، فعليه أن يبدأ بوحدته السكنية أولاً، وأن يفحص الخزانات والمواسير وكذلك الفلاتر التى يتم استخدامها بدعوى تنقية المياه، لكن للأسف هذه الفلاتر أصبحت إحدى المشاكل الرئيسية للتلوث البكتيرى للمياه، لأن تلك الفلاتر تعطى فرصة جيدة للبكتيريا والفطريات والطحالب فى النمو طوال فترة الليل.

وما الرسائل التى تريد أن توصلها؟

- أقول للشعب المصرى اتقوا الله فى المياه، واستخدامها فى أغراض غير الشرب والاستحمام.

كيف ترى السيناريوهات التى تتوقع حدوثها عقب استمرار إنشاء سد النهضة؟

- هناك مخزون مياه جوفية، وهناك وسائل لتحلية المياه المالحة والنصف مالحة فى جزء كبير من مياهنا متوافرة فى الصحارى وملوحتها بين 7 إلى 13 ألف جزء فى المليون، أو الاتجاه إلى معالجة مياه الصرف بطرق كثيرة وميسّرة وشحنها فى خزانات جوفية لإمداد الخزانات الأخرى وتعقيمها وجعلها صالحة للاستخدام، والأهم من ذلك حُسن الاستخدام، فمصر آمنة على مياه الشرب، حتى بعد استكمال «سد النهضة» ولا قلق عليها.


مواضيع متعلقة