"مصطفى".. تائه لا ينطق متغيب عن أسرته: "نفسنا الدولة تساعدنا"

كتب: سحر عزازى

"مصطفى".. تائه لا ينطق متغيب عن أسرته: "نفسنا الدولة تساعدنا"

"مصطفى".. تائه لا ينطق متغيب عن أسرته: "نفسنا الدولة تساعدنا"

عينان لا يتبقى منهما إلا بصيص نور خافت يتحسس بهما أي مكان تدب فيه قدمه، وذاكرة ذهبت مع النطق، فلم يعد لديه شيء سوى كهرباء زائدة على المخ، ترافقه في عالمه المتوحش الذي خطفه دون أن يدري.

مصطفى إبراهيم، شاب تغيب عن أهله منذ 10 أيام، عندما كان برفقة والدته لأداء صلاة الجمعة، دخلت لمصلى السيدات وتركته وسط الزحام لا يعرف من هو وإلى أين يذهب، تتحرك قدمه دون وجه، يسير في الطرقات لا أحد يعرف له عنوان، الأهل والأقارب والجيران الكل يبحث عنه، في المستشفيات وأقسام الشرطة والإسعاف، وورق مطبوع عليه صورته واسمه ورقم أهله منتشرا في كل الجدران المجاورة والبعيدة، لكن دون فائدة.

التائه لا يملك أي خط للعودة حتى وإن طلب أحدهم منه مساعدته في الذهاب لبيته فهو لا يعرف عنوانه ولا أسماء أشقائه وأمه التي أصيبت بجلطة بسبب شعورها بالذنب تجاهه.

"أخويا مش بيفتكر غير مكان الجامع والصلاة بس"، جملة قالها الشقيق الأكبر عبدالله، الذي يأس من كثرة البحث، وقال إن شقيقه ابن العشرين عامًا، كان يتمتع بحال أفضل قبل عام، إلى أن دخل في غيبوبة نتيجة دواء خاطئ أوقف عمل وظائف كليتيه لمدة 24 ساعة، وفقد الوعي 40 يوم متواصلة، تخللها ارتفاع حاد في درجة الحرارة أثر على نطقه ونظره، وغابت ذاكرته.

وتابع: "المشكلة أن شكله يبان أنه طبيعي ومش من ذوي الاحتياجات الخاصة.. له جرعة علاج كل 12 ساعة لو تأخر الموعد بتسيطر عليه حالة صرع وغيبوبة.. أنا مستغرب أن لحد دلوقتي مش لاقينه في أي مستشفى، لا يمكن يقعد الفترة دي كلها دون علاج".

يذهب شقيقه ليحرر محضر كل 24 ساعة في هيئة الإسعاف للبحث عن أخيه، ولكن كل مرة يتم تبليغه بحالات أخرى يفتش بين المرضى والوفيات بدون جدوى قائلا: "روحنا المشرحة والعباسية والدمرداش مخلناش مكان إلا وسألنا فيه".

تعيش الأسرة المنتظرة عودة غائبها في المطرية والمكونة من ثلاثة أشقاء وأم بعد رحيل الأب، في انتظار عودة الغائب سليم معافى هكذا يتمنون.

"نفسيتنا تعبت والكل بيأنب أمي ومشيلها المسؤولية كاملة"، عبارة اختتم بها عبد الله حديثه بعد أن نفذت محاولاته في العثور عليه: "نفسي الدولة تساعدنا نلاقيه عشان نرتاح".


مواضيع متعلقة