سباق تسلح.. ماذا بعد انسحاب ترامب من معاهدة الصواريخ النووية مع روسيا؟

سباق تسلح.. ماذا بعد انسحاب ترامب من معاهدة الصواريخ النووية مع روسيا؟
- أمريكا
- ترامب
- بوتين
- روسيا
- صواريخ نووية
- أوروبا
- معاهدة دولية
- أمريكا
- ترامب
- بوتين
- روسيا
- صواريخ نووية
- أوروبا
- معاهدة دولية
للمرة الثانية بالشهر نفسه، يلوح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن بلاده ستنسحب من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة، قائلا إن روسيا لم تلتزم مع الأسف بالاتفاقية ولذلك سننهي هذه الاتفاقية وسننسحب منها.
فيما اعتبرت روسيا القرار الأمريكي "حلما" بالهيمنة على العالم من خلال بقائها القوة الوحيدة فيه، إذ أكد مصدر في وزارة الخارجية لوكالة "ريا نوفوستي" الروسية الحكومية، أن الولايات المتحدة "تحلم" بأن تكون هي القوة الوحيدة المهيمنة على العالم بقرارها الانسحاب من معاهدة حول الأسلحة النووية تربط بين واشنطن وموسكو منذ الحرب الباردة.
وأضاف المصدر، أن واشنطن اقتربت من هذه الخطوة على مدار سنوات عديدة من خلال تدميرها أسس الاتفاق بخطوات متعمّدة ومتأنّية، مؤكدا أن هذا القرار يندرج في إطار السياسة الأمريكية الرامية للانسحاب من هذه الاتفاقيات القانونية الدولية التي تضع مسؤوليات متساوية عليها وعلى شركائها وتقوّض مفهومها الخاص لوضعها الاستثنائي.
لم يكن انسحاب ترامب من المعاهدة وليد المصادفة، حيث سبق أن لمح عنها العام الماضي، وببداية الشهر الجاري أيضا، حيث لمح السفير الأمريكي إلى مؤتمر الأمم المتحدة لنزع الأسلحة، روبرت وود، أن روسيا تنتهك المعاهدة من خلال نشرها صواريخ "9 إم 729" على الرغم من أنها تنفي حتى وجود هذه المنظومة، مضيفا: "هذا الوضع لا يحتمل وعلينا اتخاذ تدابير لمواجهة هذا الانتهاك المستمر لهذه المعاهدة المهمة".
وكانت المعاهدة التي أعلن ترامب نيته الانسحاب منها، أمس، أبرمت مع موسكو خلال فترة الحرب الباردة، أي قبل 31 عاما، حيث نصت على ألغاء فئة كاملة من الصواريخ الجوالة والباليستية التقليدية والنووية ذات المدى المتوسط، يتراوح مداها بين 500 و5 آلاف كيلومتر، ووقع عليها الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان، مع الزعيم السوفيتي الراحل ميخائيل غورباتشوف في ديسمبر عام 1987، لتكون المعاهدة الأولى والوحيدة من نوعها بين القطبين.
ووضعت المعاهدة حدا لأزمة اندلعت في الثمانينيات بسبب نشر الاتحاد السوفيتي صواريخ "إس إس 20" النووية، التي كانت تستهدف عواصم أوروبا الغربية، حيث أجبرت الطرفين على سحب أكثر من 2600 صاروخا نوويا تقليديا، من الأنواع القصيرة ومتوسطة المدى.
ويعتبر إعلان الرئيس الأمريكي عن اتجاهه للانسحاب من معاهدة الحد من نشر الصواريخ متوسطة المدى ذو مردود كبير، حيث أكد موقع "سكاي نيوز" أن في حال الانسحاب الفعلي لا يعني الأمر بالضرورة اندلاع حرب نووية بين الشرق والغرب، لكن قرار ترامب أثار مخاوف من تسارع السباق المحموم الرامي إلى تطوير وإنتاج الأسلحة النووية، لدى كلا المعسكرين، فضلا عن حلفاء واشنطن وموسكو، مضيفا أنه من الممكن أن يكون له تبعات ضخمة على السياسة الدفاعية الأميركية في آسيا، وتحديدا تجاه الصين منافستها الاستراتيجية الرئيسية التي يخوص الرئيس الأمريكي معها حربا تجارية.
الدكتور محمد فراج أبوالنور، الكاتب والمحلل السياسي والخبير بالشؤون الروسية، يرى أن انسحاب أمريكا من اتفاقية الحد من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، سيصعد من التوتر بالعالم وتهديدا للأمن العسكري به، حيث سيأجج من سباق التسلح بين روسيا وأمريكا، خاصة في ظل تطوير الولايات المتحدة لطائرات "أف 16" لتكون قادرة على حمل الصواريخ النووية.
وطبقا للمعاهدة يجب على الطرفين إزالة جميع الصواريخ بأوروبا، ومن ثم محو التهديد المتبادل، بينما في حال الانسحاب منها، يعني إمكانية نشر أمريكا لصواريخ من هذا المدى في أوروبا، وهو ما سيخلق تهديدا جديدا لدى موسكو يمس أمنها القومي، ما سيضطرها لاتخاذ نهجا مماثلا وستعمل على امتلاك وتطوير الصواريخ النووية قصيرة ومتوسطة المدى بدورها لحماية أمنها، في رأي أبو النور.
وأضاف لـ"الوطن"، أن ذلك سيمثل عبئا على الجانب الروسي الذي يواجه أزمات بخلاف نظيره الأمريكي، وهو ما سيترتب عليه إمكانية فرض إجراءات صعبة لضرورة رفع كفاءة القوة العسكرية وتطوير تلك الأسلحة ما سيتسبب في ضغوط على الشعب الروسي.
ومن الناحية الأمريكية، أكد المحلل السياسي أن الولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وتعمل على ترسيخ المبدأ الاستراتيجي بكونها القطب الأوحد بالعالم، لذلك عملت المؤسسة العميقة بواشنطن على دحض لقاء بوتين وترامب في هلسنكي، يوليو الماضي، والدفع بالرئيس الأمريكي لفرض مزيد من العقوبات على روسيا، لارتفاع شعورهم بالخطر من إعادة بناء القوات المسلحة الروسية في عهد بوتين ووصولها لدرجة من التكافئ مع أمريكا، وهو ما مثل تحدي لهذا المبدأ الاستراتيجي الأمريكي، كما ان النمو الاقتصادي الهائل للصين يمثل تحدي آخرا لها.
"كارثة أمنية".. هو الوصف الذي يراه السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، في حال انسحاب ترامب من المعاهدة، لتأثيرها السلبي المحتمل على الأمن العالمي، حيث كانت تهدف المعاهدة إلى الحد من التسلح النووي بالمنطقة، متمنيا أن يتراجع الرئيس الأمريكي عن قراره.
وتابع بيومي، أن ذلك سيعيد للعالم سباق التسلح بنسبة كبيرة، وازدهارا لصناعة السلاح، مستبعدا إمكانية قيام حرب نووية مباشرة بين الطرفين، لقدرة كلاهما على تدمير الآخر، وهو ما يعتبر "توازن الرعب الدولي"، على حد وصفه.