خبراء دوليون فى «أسبوع المياه»: «سد النهضة» سيخفّض الإنتاج الزراعى لمصر والسودان بما يعادل ٤٢ مليار دولار

كتب: محمد أبوعمرة وسحر المكاوى

خبراء دوليون فى «أسبوع المياه»: «سد النهضة» سيخفّض الإنتاج الزراعى لمصر والسودان بما يعادل ٤٢ مليار دولار

خبراء دوليون فى «أسبوع المياه»: «سد النهضة» سيخفّض الإنتاج الزراعى لمصر والسودان بما يعادل ٤٢ مليار دولار

أكد خبراء دوليون مشاركون فى جلسة «حوكمة المياه العابرة للحدود»، التى عُقدت أمس على هامش «أسبوع القاهرة للمياه»، أن «سد النهضة» الإثيوبى ستكون له آثار كبيرة على مصر والسودان، وسيخفض الإنتاج الزراعى للبلدين بما يعادل ٤٢ مليار دولار خلال فترة التخزين، مؤكدين أنه لا بديل عن التعاون بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا لتلافى آثار السد.

{left_qoute_1}

وقال الدكتور أريس جيورجاكاكوس، مدير «معهد الموارد المائية» فى جورجيا وعضو اللجنة الوطنية لتنمية وتقييم المناخ، إن «مصر سوف تتعرض للكثير من خسائر المياه حال تشغيل سد النهضة بشكل منفرد»، لافتاً إلى أن المعهد لديه سيناريوهات محتملة لعملية بدء تخزين المياه فى السد، مع الوضع فى الاعتبار الظروف الطبيعية كمعدلات البخر والجفاف.

وأضاف «جيورجاكاكوس» أنه تم وضع سيناريو لملء بحيرة السد خلال 6 أعوام، وأكد هذا السيناريو أن التخزين سوف يخفض حصة مصر من مياه النيل، كما سيؤدى إلى توقف توربينات السد العالى فى مصر، مما يؤدى إلى توقف إنتاجه للكهرباء.

وتناول «جيورجاكاكوس» فى كلمته الظروف الهيدروجيولوجية لنهر النيل، التى توضح بصفة أساسية السدود القائمة، وحجم التغييرات الحاصلة فى تصرفات النهر بين صعود وهبوط، وكذلك مرحلة الجفاف الكبرى عام 1980، والتى تمثل أكبر موجة جفاف تعرض لها النهر.

وأشار الخبير الجورجى إلى أن «المنظومة المائية فى القارة الأفريقية ستتعرض للضغط إذا تم تشغيل السد لصالح إثيوبيا فقط»، لافتاً إلى أن السودان سيكون لديها بعض «الحصانة» نتيجة وجودها فى حزام الأمطار، وأنه يجب «مشاركة المزايا والخسائر» بين البلدان الثلاثة، مع ضرورة تحديد الخطة الأساسية بدقة، والتعاون المشترك بين دول حوض النيل.

من جانبه، قال كاريل هاينرت، خبير إدارة المياه فى الحكومة الهولندية، إنه «يجب أن تكون إدارة الأنهار المشتركة العابرة للحدود مبنية على أساس فنى، وأن تتوافر الإرادة السياسية لتنفيذ الاتفاقيات المبرمة لمصلحة الدول المتشاطئة فى نهر واحد»، منوهاً إلى أن «وجود سدين كبيرين بحجم سد النهضة والسد العالى، سوف يتسبب فى مشكلة كبرى لنهر النيل، ويؤدى إلى خفض تصرفاته من المياه».

ولفت «هاينرت» إلى أن «ملء سد النهضة وفقاً لعدد سنوات ثابت سوف تكون له آثار سلبية على السد العالى أثناء فترة الجفاف، كما سيتسبب فى عجز كبير فى إمدادات المياه الواصلة إلى السد العالى فى حال الفيضانات المتوسطة، وذلك إذا تم تشغيل السد دون التعاون مع دولتىْ المصب».

وقدم الخبير الهولندى عدداً من السيناريوهات التعاونية بين الدول الثلاث، تقوم على «ضرورة أن يراعى تخزين السد الظروف الطبيعية لإيراد النهر من جفاف أو فيضانات مرتفعة، والتنسيق مع السدود فى مصر للحفاظ على منسوب محدد للمياه عند ١٦٠ مليار متر مكعب».

وشدد الخبير على «ضرورة احترام كل من مصر والسودان لاتفاقية ١٩٥٩ والتى حددت حصة البلدين بـ١٨٫٥ للسودان و٥٥٫٥ مليار متر مكعب لمصر، لمصلحة الجميع، مع الالتزام بعدم زيادة حصة السودان لضمان عدم زيادة العجز فى إيراد النهر».

وفيما يتعلق بالآثار الاقتصادية والاجتماعية للسد الإثيوبى، أكد «هاينرت» أن «الأثر الأكبر سيكون على الإنتاج الزراعى المصرى، الذى سوف ينخفض بما يعادل ٤٢ مليار دولار خلال فترة التخزين والتى تعادل ٨٠ مليار متر مكعب هى حجم تخزين مياه سد النهضة، وما يشمل ذلك من تسرب فى باطن الأرض والبخر»، مشيراً إلى أن «البطالة سوف تزداد بما ينعكس بالسلب على الشعب المصرى».

وتناول الدكتور غيث فريز، مدير مكتب «اليونيسكو» الإقليمى فى القاهرة دور الدبلوماسية العلمية فى تحقيق التنمية المستدامة فى إدارة موارد المياه المشتركة فى المنطقة العربية، موضحاً أن المنطقة تتعرض لضغوط مائية كبيرة، وأن هناك 7 دول من أفقر دول العالم مائياً توجد فى المنطقة العربية، كما أن نحو ثلثى موارد المياه العذبة يأتى من خارج المنطقة، بالإضافة إلى اشتراكها فى موارد المياه الجوفية مع بعضها البعض أو مع دول غير عربية.

وعرض الخبير الأمريكى الدكتور أرنولفين جونزاليز ميزا تجربة إدارة حوض نهر كولورادو فى الولايات المتحدة، الذى كان يتعرض لمشكلات ترسب فى مناطقه السفلى بشكل يعيق حركة الملاحة، فضلاً عن عدم توافر مياه للرى خلال فترات الجفاف، وتم إنشاء سد «جلين كاريون» وتشغيله من قبل مكتب استصلاح الأراضى الأمريكى فى محاولة للتغلب على هذه المشكلات، وقد نجح السد فى توفير المياه والطاقة للولايات فى الجنوب الغربى الأمريكى.

وأعطى المشاركون فى الجلسة أمثلة للمشروعات الملاحية على الأنهار الدولية، مثل نهر الراين والدانوب والكونغو والسنغال والنيجر والميكونج، مع الإشارة إلى أن الهدف منها هو دعم التنمية فى تلك البلدان ورفع المستوى المعيشى لشعوبها من خلال تحقيق إدارة مائية مستدامة، وأن الوصول إلى ذلك يتطلب توافر السياسات اللازمة والبيئة المناسبة والبنية التحتية الضرورية، مع توافر أنظمة حديثة للتحكم فى المجارى المائية.

ومن ناحية أخرى، وعلى هامش المؤتمر التقى الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الرى، مع عدد من وزراء المياه والبيئة وشئون الغابات بدولة سنغافورة، حيث تناول اللقاء استعراض التجربة السنغافورية فى مجال إعادة استخدام مياه الصرف وإعادة تدويرها الذى يتم فى سنغافورة لاستخدامها فى مياه الشرب، وتعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة على الرغم من ندرتها، فى الوقت الذى تقوم فيه سنغافورة باستيراد ما يناهز 90% من احتياجاتها المائية من خارج البلاد.

وقال وزير المياه السنغافورى، خلال اللقاء، إن «بلاده تعول فى حل مشاكل كبيرة على العنصر البشرى كأحد أهم محددات التنمية والتغلب على التحديات كافة، بما فيها التحدى المائى»، مشيراً إلى الطفرة التى ستشهدها سنغافورة فى جميع المجالات والتى جعلت منها دولة مصدرة للتكنولوجيا إلى مختلف الدول العربية.

يأتى ذلك، فيما نظم قطاع مياه النيل بوزارة الموارد المائية والرى بالتعاون مع هيئة النقل النهرى، جلسة على هامش «أسبوع القاهرة للمياه» حول مشروع إنشاء خط ملاحى بين بحيرة فيكتوريا والبحر الأبيض المتوسط تحت شعار (أفريقيا بلا حدود) بحضور شركاء التنمية والجهات المعنية والمانحة فى البلدان المتشاركة فى الخط الملاحى المقرر إنشاؤه، بهدف الترويج لهذ المشروع الإقليمى المهم، والسعى إلى توفير موارد للمرحلة الثانية من دراسة الجدوى، واستعراض مدى التقدم فى أنشطة المشروع حتى الآن لرفع مستوى الوعى حوله، فضلاً عن استعراض الدروس المستفادة من أحواض الأنهار العابرة للحدود فى تعزيز التعاون بين الدول المتشاطئة.


مواضيع متعلقة