الختان «حزام العفة الإسلامى»

سحر الجعارة

سحر الجعارة

كاتب صحفي

فى غرف النوم الباردة يفرض الصمت نفسه على زوجين لا يعرف أحدهما كيف يروى الآخر ويُشبع رغباته، يفرض الاكتئاب والإحباط نفسه على الطرفين، ثم ينفجر الكبت الذى يعانيه الرجل المصرى فى صورة إدمان للمخدرات أو خيانة أو تحرش بالنساء.. أو صعود على منبر الوعظ: «امنعوا البنات اللاتى يرتدين بنطولات مقطعة من دخول الجامعات، التحرش واجب وطنى بالسافرات.. اقطعوا بظر البنت (باسم الإسلام) لتنتهى الأنوثة من قاموس المصريين»!.

الرجل الذى يعيش حالة «الطلاق الصامت»، هو نفسه الأب الذى يقيم «حفل ختان» همجى وبربرى.. فى أكبر عملية «هتك عرض» تتجمع فيها الأمهات، وتتسيّد الموقف «الداية» التى تبتر «البظر» وتضع مكانه البرود والتبلد والإحساس بالذنب، وربما الاكتئاب الذى يصاحب المرأة بقية عمرها! هو نفس الرجل الذى يخشى تحطيم «تابوه الجنس»، ويفضّل الاختباء خلف فتاوى لا علاقة لها بالإسلام، ولم يتبقَّ إلا أن يطالب بفرض «حزام العفة»، وهو عبارة عن طوق له قفل يلتف حول خصر المرأة فيغلق الفرج باستثناء فتحات ضيقة لقضاء الحاجة، ويحتفظ الزوج بمفتاحه معه، اختُرع فى إيطاليا عام 1400.. وبالفعل كانت هناك مطالبات «فى صعيد مصر»، منذ عدة سنوات، بفرض «حزام العفة» على النساء.

إنه يخشى التورط فى «قضية شرف»، ويفضّل أن يجمّد زوجته وأخته وابنته فى ثلاجة أشبه بثلاجة المشرحة، حيث تتجمد أنوثتهن.. لأن أى واحدة منهن لن تشعر أبداً بالإشباع الجنسى «الأورجازم».لكن «الفحل» الذى أغلق عليهن متاريس العيب، وقيّدهن بأغلال العار، سوف ينطلق فى البارات بحثاً عن «عاهرة» تمنحه نشوة مزيفة لتبدد إحباطه بتمثيلية رخيصة.

بحسب تقارير «الأمم المتحدة»: مصر «عاصمة الختان فى العالم»، فمن بين كل النساء والفتيات اللواتى خضعن لعملية الختان حول العالم، واللواتى يبلغ عددهن 125 مليوناً، واحدة من كل أربعة منهن تعيش فى مصر! خاصة بعد انتشار ظاهرة «تطبيب ختان الإناث»، التى رصدتها منظمة «اليونيسيف» عام 2014، والتى تتم بالمخالفه لقانون العقوبات، لكنها تتم تحت «غطاء شرعى» يستند إلى حديث ضعيف، عندما رأى الرسول، صلى الله عليه وسلم، «الداية» فى المدينة، وعلم أنها تختن الفتيات، فقال لها: «اخفضى ولا تنهكى فإنه أحظى للزوج وأنضر للوجه».

ورغم استياء معظم علماء الدين من ظاهرة «ختان الإناث»، فإن الدكتور «عبدالحميد الأطرش»، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، ارتدى «بالطو الطبيب»، وقرر إجراء عملية جراحية للفتاوى الجنسية، وعرّى المرأة من ثيابها الداخلية، ليضع لنا نظرية علمية يمكن تسميتها من باب «الكوميديا السوداء» بمتلازمة «الشهوة وحجم البظر»!

وقال «الأطرش» إن «ختان الإناث يجوز فى حالة إذا كان البظر كبيراً، يصبح من الضرورى تهذيبه، بينما إذا كان صغيراً فهو لا يحتاج إلى ختان»، مؤكداً أن «ختان البظر الكبير يخفض من الشهوة الزائدة للمرأة ويحميها من الوقوع فى المعاصى»!

لقد حكم «الأطرش» على نساء مصر بالسكتة الجنسية، وأفتى فى «علم» لا يفقه فيه، فمأساة مصر أن الطبيب يفتى فى الدين والشيخ يفتى فى الطب والسياسة والكرة إذا لزم الأمر!

وبعد أن أعاد «الأطرش» حزام العفة من العصور الوسطى، أحكم إغلاقه، وألقى بمفتاحه فى «النيل العظيم».. وبات مسروراً كالسياف.. لأنه أثبت لنفسه أنه لا يزال يحكم المجتمع المدنى، ويفرض فهمه المغلوط للإسلام علينا.. ولم يعد «الأطرش» سابقاً بل حالياً ومستقبلاً.. وهو المطلوب إثباته!