عمرو عبدالحميد: مصر تحتاج إلى قناة إقليمية لمواجهة الإعلام الخارجى والفرقعة الكاذبة أحبطت الناس

كتب: أجرى الحوار: أحمد حسين صوان

عمرو عبدالحميد: مصر تحتاج إلى قناة إقليمية لمواجهة الإعلام الخارجى والفرقعة الكاذبة أحبطت الناس

عمرو عبدالحميد: مصر تحتاج إلى قناة إقليمية لمواجهة الإعلام الخارجى والفرقعة الكاذبة أحبطت الناس

إعلامى ذات طبيعة خاصة، ينتمى إلى مدرسة الإعلام الدولى التى تتسم بالاحترافية والدقة، يؤدى رسالته الإعلامية بعيداً عن الإثارة أو «الشو»، واضعاً نصب عينيه أخلاقيات المهنة.

يتحدث الإعلامى عمرو عبدالحميد لـ«الوطن» عن خطط التطوير التى تسعى قناة «TEN» إلى تنفيذها خلال الفترة المقبلة، كاشفاً عن ملامح الخريطة البرامجية الجديدة المقرر العمل بها، كما تطرق إلى وجهة نظره عما يشهده الإعلام المصرى حالياً من مستجدات وتغيرات، وإلى نص الحوار.

قناة «ten» شهدت شكلاً جديداً فى الفترة الأخيرة.. ما الخطوط العريضة التى تتبعها الإدارة فى التطوير؟

- نحاول استخدام إمكانياتنا المحدودة، فى سبيل صناعة محتوى متميز، ونركز فى خطط التطوير على شريحة الشباب، وتلبية اهتماماتهم من خلال التواصل معهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى، بالإضافة إلى تجديد دماء المحطة، حيث تم التعاقد مؤخراً مع الإعلامى حسام الدين حسين، لبرنامج «صباح الورد» وأتمنى أن يكون إضافة للقناة، وتم تكليف تامر إسماعيل برئاسة تحرير البرنامج، لتتولى شيرين فتحى رئاسة تحرير برنامج جديد سينطلق خلال الفترة القليلة المقبلة، إذ إن التطوير مستمر وقائم داخل القناة، وليس مرتبطاً بتوقيت معين، كما نستعد لإطلاق حزمة برامجية جديدة، عبارة عن «فيتشرات»، لكن لم نستقر عليها حتى الآن، هل ستكون مخصصة للشاشة أم لـ«السوشيال ميديا» الخاصة بالقناة، وستكون أفكارها مشابهة للبرامج التى تُعرض على الشاشة لكن بإيجاز، لأن السياسة الجديدة تستهدف الشريحة النشطة على مواقع التواصل الاجتماعى.

{long_qoute_1}

هل وجودك فى منصب إدارى يؤثر على عملك الإعلامى؟

- ليست المرة الأولى لى التى أتولى فيها منصباً إدارياً، فقد كنت مديراً لمكتب «BBC» بالقاهرة لمدة ثلاثة أعوام، ومدير مكتب قناة «الجزيرة» فى موسكو لمدة عامين، وسبب قبولى لتلك المناصب يرجع إلى ثقة ملاك القنوات فى شخصى، ورغبتهم فى الاستفادة من خبراتى الإعلامية، بالإضافة إلى رغبتى فى تطبيق رؤية مختلفة، لكن فى حال وجود شخص آخر لتنفيذ رؤيتى الإعلامية سأرحب على الفور وبكل سرور، فأحاول بالتعاون مع نشأت الديهى إحداث بصمة مميزة، وليس مجرد الاكتفاء بالوجود فى مناصب إدارية، فنحن نقضى وقتنا فى القناة حتى أيام الإجازات، وذلك يكون على حساب صحتى وأسرتى وحياتى الشخصية، ورغم ذلك فأنا أحب العمل الإعلامى بشكل أكبر من العمل الإدارى.

هناك ضغوطات شديدة بين العمل الإعلامى والإدارى، لكن أحاول عمل توازن بين الجانبين، دون حدوث خلل فى أى منهما، ففى النهاية أقدم برنامج الـ«توك شو» الرئيسى للقناة، ومن الضرورى أن يظهر بشكل جيد، وقد تلقيت عروضاً من قنوات مصرية وعربية فى الفترة الأخيرة، لكن اعتذرت عنها، بسبب اعتزازى بتجربتى فى «TEN»، وأعتقد أن القناة تشهد نمواً وتطوراً، بمساعدة زميلى نشأت الديهى، الذى يجمعنا تناغم شديد.

كيف يتم التناغم وأنتما تنتميان لمدارس إعلامية مختلفة؟

- نعم، مدارسنا الإعلامية مختلفة، لكن على المستوى الإنسانى هو أقرب شخص لى فى العمل الإعلامى، وهناك نقاط التقاء كثيرة بيننا، فكل مُذيع له أسلوبه وطريقته الخاصة، و«نشأت» متميز فى ذلك، وأعتقد أنه صنع حالة فى الإعلام المصرى مؤخراً، ويحقق نسبة مشاهدة عالية جداً، ونعتبره «صوت القناة» وليس المتحدث الرسمى باسمها فقط، فكل قناة لها توجهاتها، و«نشأت» يُعبر عن توجهاتنا.

كانت هناك تصريحات بإطلاق قناة رياضية متخصصة.. ما مصيرها؟

- فى الوقت الحالى، لا توجد نية لإطلاق قناة متخصصة فى أى مجال، رغم وجود دراسات لتلك القنوات، لكن أعتقد أنه من الصعب إطلاق قناة رياضية فى الوقت الحالى، وذلك بسبب عدم وجود حقوق عرض مباريات الدورى العام، أو «الهاى لايتس» للمباريات، كما أنها تتطلب تكلفة عالية.

ما حجم مديونيات قناة «TEN»؟

- القناة ليست مدينة لأى جهة بـ«مليم» واحد، بداية من مدينة الإنتاج الإعلامى مروراً بـ«النايل سات» وحتى شركات الإنتاج والمُذيعين، كما أن الإدارة تدفع مستحقات مدينة الإنتاج لشهور مقبلة، والأستاذ أسامة هيكل رئيس المدينة يُشيد فى جلساته بـ«TEN»، فنحن من القنوات القليلة جداً التى ليس عليها أى مديونيات لأى جهة، والعاملون بالقناة يحصلون على رواتبهم فى موعدها الطبيعى ولا توجد أى مشكلة.

{long_qoute_2}

معنى ذلك أن القناة لم تتعرض لخسائر مالية؟

- نعتبر أنفسنا محظوظين، لأن ملاك القناة ليس هدفهم فى الوقت الحالى تحقيق أرباح مالية، هدفهم هو بقاء القناة على الساحة وممارسة عملها ومواصلة رسالتها التنويرية، وأعتقد أننا نسير على تلك الخطة بشكل جيد حالياً، والعام المقبل قد نتعاقد مع وكيل إعلانى للقناة، حيث إن هناك عدداً من العروض وجار الاستقرار على أحدها، فنحن فى اتصال مباشر مع المعلن حالياً.

ما مصير قضايا الإعلامية إنجى أنور بشأن مستحقاتها المالية؟

- أنا بعيد عن هذه المشاكل، وليست لى علاقة بهذا الشأن، فأنا مرتبط بالجانب التحريرى بشكل أكبر، لكن بناءً على ما أسمعه من المحامى، فإنجى أنور حصلت على كامل مستحقاتها المالية، وفى النهاية هى زميلة عزيزة، وتعاونا معاً قبل فترة فى برنامج «البيت بيتك»، لكن أكرر القناة ليست مدينة لأى جهة.

وسط الأحداث الإعلامية الأخيرة.. هل من الوارد أن تدخل القناة فى عملية دمج مع غيرها؟

- هذا الأمر ليس مطروحاً نهائياً، والأخبار التى تخرج من وقت لآخر بخصوص هذا الشأن عبارة عن شائعات عارية تماماً عن الصحة، ونضحك عليها فور قراءتها، فهى لا تؤثر على سير العمل داخل القناة، كما لم تجمعنا أى مناقشات أو اتصالات مع أى طرف أو جهة من الأساس، وأعتقد أن الشائعات التى طالت الجميع مؤخراً، تعود إلى التغيرات الكثيرة التى تشهدها السوق الإعلامية.

ما تعليقك على الأقاويل بأن زوجتك كانت صاحبة الفضل فى نجاح تغطية كأس العالم بروسيا؟

- مازحاً: «مراتى عملت لى إيه؟!.. عملتى لى إسكريبتات؟!»، أنا لم أرَ زوجتى طوال فترة تغطية كأس العالم، وأتعجب من تلك الأقاويل، فكان لدىّ تصور معين لتغطية البطولة التى كُلفت بها، وإن كانت فى إسبانيا أو بوركينا فاسو لظهرت بنفس الأداء، والتغطية لم تركز على كرة القدم فحسب، بل تناولت زوايا مختلفة وبعيدة عن الرياضة وحققت انفرادات هناك، وبالطبع معلوماتى عن روسيا التى كونتها فى فترة ما قبل السفر، كانت أكبر من المعلومات التى اكتسبتها وأنا هناك، وفى غالبية زياراتى الإعلامية إلى الخارج، لا أكتفى بتغطية الحدث المكلف به فقط، لكن أبحث عن زوايا أخرى أيضاً، فعندما أذهب إلى أى مكان لا بد أن أبحث عن كل شىء أستطيع فعله، كما أننى كنت أعمل فى روسيا قبل أن أتعرف على زوجتى، لكنى سعيد بالأصداء الإيجابية التى حققتها التغطية.

هل تشعر بتأنيب الضمير فى بعض الأحيان بسبب عملك سابقاً فى قناة «الجزيرة»؟

- عملت فى قناة الجزيرة عام 2005، ولمدة عامين فقط، وسياساتها وقتها اختلفت عن الفترة التى أعقبت ثورات الربيع العربى، فهى كانت محبوبة للوطن العربى قبل 2011، والجمهور كان ينظر لها نظرة مختلفة تماماً عن الوقت الحالى، فسياساتها تحولت بشكل فج وصارت تدعم ما يسمى بتيارات الإسلام السياسى، علاوة على تأييدها غير المحدود للجماعات المتطرفة، وذلك دفع الناس للانصراف عنها، وبالتأكيد لو كنت موجوداً بفريقها خلال فترة التحوّل لغادرتها على الفور، لذلك لم أشعر بتأنيب الضمير لعملى بها، فكل تجاربى الشخصية أعتز بها، «مفيش حاجة تتمسك عليّا».

وما رؤيتك لتناول الإعلام الخارجى للقضايا المصرية؟

- هناك تصيد وتعمد واضح فى رصد القضايا، وذلك بسبب عدم وجود «إعلام محايد»، فكل قناة لها أجندتها وتوجهاتها، وبعض المؤسسات تتصيد الأخطاء بهدف مجاراة مصالحها مع جهات وتيارات سياسية معينة، ولمواجهة ذلك من الضرورى على الدولة إطلاق قناة تكون فعلاً وليس رد فعل، نحن بحاجة إلى قناة إقليمية مثل «العربية» و«الجزيرة».

ما الذى ينقص مصر لإطلاق قناة إخبارية؟

- أعتقد أنه لا ينقصها سوى مرحلة اتخاذ القرار، فكل الإمكانات موجودة، سواء البشرية أو التقنية، فمؤسسو قنوات «الجزيرة» و«العربية» و«سكاى نيوز عربية» مصريون، وهذه القناة تتطلب ميزانية ضخمة جداً، لكن أصحاب مثل هذه القنوات لا ينتظرون منها عائداً مادياً، فالقناة تُستخدم كذراع إعلامية للدولة.

الرئيس السيسى كان ينتقد الإعلام فى أحاديثه.. هل تعتقد أنه لديه بعض الملاحظات حتى الآن؟

- ليس الرئيس عبدالفتاح السيسى وحده، فالجميع لديهم ملاحظات على أداء الإعلام، بداية من أصغر مواطن وحتى رئيس الجمهورية، و«السيسى» يتحدث عن الإعلام كمواطن مصرى، وهذا أمر طبيعى.

هل تتذكر كواليس حوارك مع الرئيس الروسى بوتين؟

- حاورت زعماء كثيرين، لكن حوارى مع «بوتين» كان من أهم الحوارات التى أجريتها فى حياتى المهنية، فهو يُعد واحداً من أهم الشخصيات عبر التاريخ، وأتذكر أن حوارى معه كان ليس بالأمر السهل، فقد استغرق التحضير له نحو 4 أيام متواصلة، فهو رجل غير طبيعى فى قدراته الذهنية والعقلية، ولم أبالغ إن قلت إنه صاحب ذكاء خارق غير بشرى، وهذه المرة لم تكن الأولى لى فى الالتقاء به، فقد كنت ضمن الوفود الإعلامية التى تصاحبه فى زياراته، وكنت أوجه له تساؤلات متعلقة بالشرق الأوسط خلال المؤتمرات الصحفية، وأتمنى إتاحة الفرصة لمحاورة الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الفترة المقبلة.

كيف ترى الدور المفترض أن يؤديه الإعلام فى الوقت الحالى؟

- من الضرورى أن يكون الإعلام تنويرياً فى الوقت الحالى، لأن هذه الآونة هى الأصعب بين الفترات التى عاصرتها مصر، والفوضى الإعلامية التى حدثت خلال الفترة الماضية، كان لها مردود سلبى على الناس، وتسببت لهم فى الإحباط واليأس.. لا أقصد التحامل على الإعلام، لكن الجانب التنويرى هو الأهم، وهذا الذى نسعى لتطبيقه فى القناة حالياً، فنحن نُقدم منتجاً تنويرياً، كما نطور البرامج الموجودة لصالح هذا الهدف.

ما رأيك فى مستوى تناول القضايا المصرية فى البرامج الأخرى؟

- للأسف لم أتابع المشهد فى الفترة الأخيرة بشكل كبير، بسبب انشغالى فى تطوير القناة وكذلك البرنامج، لكن قد أطلع على بعض مقاطع الفيديو التى تثير الجدل عبر «السوشيال ميديا»، لكن فى النهاية، كل مذيع لديه سياساته وطريقته فى الإدارة، ونحن فى القناة نحاول تقديم منتج مختلف ومتميز، وقد نجحنا فى جذب الأنظار إلينا مؤخراً، وأعتقد أننا حققنا حالة نجاح، لكن لن نكتفى بذلك، لا سيما بعدما أصبحنا رقماً صعباً موجوداً فى الساحة الإعلامية، فطموحنا أن نستمر فى الجانب التنموى، بعيداً عن الإثارة والفرقعة الإعلامية الكاذبة التى تأتى على حساب الدولة والمجتمع.

صدر قرار مؤخراً بإغلاق قناة لمدة أسبوعين بسبب مخالفات إعلامية.. هل لديك مخاوف من ذلك الإجراء؟

- لن نخشى قرارات من هذا النوع، حيث إننا فى «TEN» لا نرتكب أى مخالفات إعلامية، فلدينا ميثاق شرف إعلامى داخلى، ولدينا فريق «كواليتى كنترول» مسئول عن مراقبة جودة المحتوى الذى يُقدم على الشاشة، وهذا الفريق لا يعلمه أحد من العاملين فى القناة، سوى أنا ونشأت الديهى فقط، فهو ليس موجوداً فى مقر القناة، ومجهول بالنسبة للعاملين حتى لا يتم التغافل عن أى خطأ لاعتبارات شخصية، حيث نتسلم منه تقارير يومية عن ملاحظاته تجاه البرامج، ونسبة التزامنا بالمعايير الإعلامية تصل إلى 98% تقريباً، وهذا معدل إيجابى جداً، فالأخطاء قد تكون عن خطأ نحوى فى «النيوز بار»، أو صياغة خبر، أو استرسال مذيعة فى قضية ما، والـ«كواليتى كنترول» موجود فى كل القنوات الخارجية، ويضم إعلاميين ذات خبرات عالية، لذلك أحاول تطبيق تجاربى التى تعرضت لها فى الخارج، والتى من السهل تطبيقها بكل تأكيد دون أى صعوبات.


مواضيع متعلقة