أكتوبر نصر ثمنه الدماء.. حينما فاز رياضيون ببطولة عمرهم في أكتوبر

أكتوبر نصر ثمنه الدماء.. حينما فاز رياضيون ببطولة عمرهم في أكتوبر
بين ميدان الرياضة وميدان الحرب، أبطالٌ رفعوا كؤوس واقتحموا خطوط، رفعوا العلم فوق منصات التتويج وعلى أراضٍ حرروها، تنقلوا بين الملاعب والجبهات، محرزين انتصاراتٍ رياضيةٍ وعسكرية، مسطرين بأقدامهم وأيديهم ودمائهم تاريخًا من نور، يتفاخرونه به وتتناقله أجيالٌ خلف أجيال.
وفي الذكرى الـ45 لنصر أكتوبر العظيم، الذي استعادت فيه مصر من بين مخالب المحتل قطعةً غاليةً من أرضها، يسترجع نجوم الرياضة المصرية، الذين خلعوا قمصان فرقهم أثناء الحرب ليرتدوا زي الجيش، مشاركين في ملحمة أكتوبر العظيمة، ذكرياتهم على صفحات "الوطن"، ويروون كواليس مشاركتهم في حرب الكرامة.
"لعبت آخر ماتش مع الزمالك في الدوري قدام الطيران يوم 1 أكتوبر 1973" كلماتٌ بدأ بها فكري صالح، حارس مرمى الزمالك ومنتخب مصر السابق، ومدرب حراس نادي وادي دجلة الحالي، حديث الذكريات عن مشاركته في حرب أكتوبر المجيدة، حيث خرج من المباراة ليجد سيارةً عسكرية تنتظره مع اثنين من لاعبي الزمالك، كانا مجندين في القوات المسلحة، هما الراحلان حمادة إمام وأحمد عفت، ليخبرهما من ينتظرهما أنهم مطلوبون للتعبئة العامة.
صالح الذي كان يحمل رتبة نقيب في القوات الخاصة بسلاح المشاة، يروي أنهم دخلوا الحرب برغبةٍ في إزالة الصورة السلبية لرجال الجيش المصري "بعد نكسة 67 النكراء الظابط مننا مكانش بيقدر يمشي في الشارع" بالإضافة لحرب التخويف التي كان تشنها إسرائيل عن استحالة هزيمة جيشهم وقوة خط بارليف الذي كان خط دفاع أسطوري، حيث إن ارتفاعه يوازي ارتفاع برج القاهرة حاليًا.
{long_qoute_1}
ملحمةٌ عظيمةٌ خاضتها قوات المشاة المصرية في اقتحام خط بارليف، حيث كانت في مقدمة الخطوط، وخلال 8 ساعات أصبح العلم المصري مرفوعًا على طول الخط، ومع بزوغ فجر السابع من أكتوبر تغلبت القوات المصرية على خط الدفاع الثاني لقوات الاحتلال، والذي يقول عنه فكري صالح إنه كان يضم 90 ألف عسكري، و4 فرق و250 دبابة، ليكتمل العبور بشكل كامل.
"الوحش" لقبٌ أطلقه أصدقاء فكري صالح عليه، بسبب إقدامه وشجاعته، ورغبته الدائمة في اصطياد الأعداء "كنت بتخانق عشان أطلع العمليات"، وأثناء ثغرة الدفرسوار سطر بطولاتٍ كثيرة، جعلته ورفاقه مصدر رعبٍ للإسرائيليين "كنا بنصطاد عناصر جيش الاحتلال الإسرائيلي لدرجة إنهم بقوا يخافوا يطلعوا من الدبابات".
3 رصاصات وشظية في جسده، ونوط الواجب، وذكريات أصدقائه الشهداء، وأبرزهم الضابط محمد متولي الذي ضحى بحياته من أجل إنقاذ جنوده، أهم ما تبقى من نصر أكتوبر للرجل الذي استمر في القوات المسلحة حتى عام 1993، وأمنيات بعودة روح اكتوبر التي أرعبت العدو وكانت سببًا في النصر، والتي إن عادت ستضع مصر في مصاف الدول الكبرى.
في ستينيات القرن الماضي، فاز نادي الأوليمبي السكندري ببطولة الدوري الممتاز للمرة الأولى والاخيرة في تاريخه، بجيلٍ ذهبيٍ ضم بين جنباته الراحل محمود بكر، أحد نجوم التعليق الرياضي في تاريخ مصر، وأحد الأبطال الذين شاركوا في حرب أكتوبر المجيدة كذلك.
محمد محمود بكر نجل المعلق الكبير الراحل، يقول إن والده انضم للقوات المسلحة، ضمن دفعة أخيه نبيل الوقاد، أول شهداء حرب اليمن، وأحد ضباط الحرس الجمهوري أثناء فترة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، برفقة أخيهم الثالث صلاح بكر.
{long_qoute_2}
"والدي انضم لسلاح حرس الحدود في الفترة اللي كان رئيس نادي الأوليمبي الفريق سليمان عزت قائد سلاح البحرية في نفس الوقت" هكذا تحدث نجل النجم الراحل عن كواليس انضمام والده للجيش خلال الستينيات، وهي الفترة التي كان يلعب فيها مباريات النادي الأوليمبي ومنتخب مصر خلال خدمته العسكرية.
بكر لم يشارك في نكسة 67، حيث كان يشارك مع منتخب مصر في مباراته ضد أوغندا خارج الديار ضمن التصفيات المؤهلة لبطولة الأمم الإفريقية، ولم يستطع العودة سريعًا، حيث إن الوسيلة المتاحة حينها كانت نهر النيل، واستغرقت رحلة العودة عدة أسابيع.
يحكي نجل الراحل أن والده كان برتبة عقيد في حرس الحدود عند قيام حرب أكتوبر، وكان ضمن القوات المرابطة في البحر الأحمر على خط النار، حيث كان أحد أفراد الكتيبة الأولى للاستطلاع وجس النبض قبل دخول المواجهات المباشرة، وهي المشاركة التي سيظل يفتخر بها وأبناؤه دومًا.
المعلق الراحل استمر في القوات المسلحة حتى خروجه منها برتبة عميد، في عام 1978، واتجه للتعليق الرياضي على الفور، قبل أن يكرمه الرئيس الراحل محمد أنور السادات، في ذكرى حرب أكتوبر المجيدة.
من كرة القدم إلى كرة السلة، بطلٌ آخر قدم التضحية فداءً لوطنه، حيث سجل اللواء صبري سراج، لاعب السلة ونائب رئيس نادي الزمالك السابق، مشاركته في حرب أكتوبر المجيدة حتى قبل بدايتها، حيث كان ضمن سلاح المشاة، وفي أبريل من عام 1973، كانت فرقته تتدرب على اقتحام نقطة كبريت الحصينة، ليسقط مصابًا في التدريب ويفقد يده اليسرى.
{long_qoute_3}
الرجل الذي كان ضمن دفعة 59 حربية، المسماة بدفعة "الشهيد عبد المنعم رياض" لاستشهاده على الجبهة في السنة الأخيرة لها، رفض الخروج على المعاش بعد فقد يده، وعلى الرغم من انتقاله لجهاز الرياضة العسكري، إلا أنه مع إعلان الحرب كان متواجدًا باستمرار في المستشفيات للشد من أزر زملائه المصابين "يوم نجاح زملائي فى اقتحام نقطة كبريت ورفع العلم المصرى شعرت إني مفقدتش دراعي".
يسترجع سراج ذكريات استشهاد اثنين من زملائه في فريق السلة بالزمالك خلال حرب أكتوبر، هما الرائد مبارك عبد المتجلى، أحد أبطال الصاعقة فى معركة الدفرسوار، والذى تغنى زملاؤه ببطولاته وتدميره دبابات العدو وانتقامهم منهم بضربه بقذيفة، حولته إلى أشلاء، والشهيد الملازم أول سمير عبد الله، من سلاح المهندسين، وسقط شهيدًا على المعابر.