أمريكا تواصل تضييق الخناق على إيران.. فهل تعلن تحالفا استراتيجيا ضدها؟

كتب: بهاء الدين عياد

أمريكا تواصل تضييق الخناق على إيران.. فهل تعلن تحالفا استراتيجيا ضدها؟

أمريكا تواصل تضييق الخناق على إيران.. فهل تعلن تحالفا استراتيجيا ضدها؟

تسارعت خطى الحشد والتصعيد الأمريكي ضد إيران، ففي الوقت الذي واصل فيه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، مناقشاته مع دول الخليج لبحث تشكيل تحالف الشرق الأوسط لمواجهة الأنشطة الإيرانية الخبيثة في المنطقة على حسب تعبيره، هدد "البنتاجون" باستهداف الميليشيات الإيرانية في سوريا إلى جانب مبرر وجوده في سوريا لمحاربة "داعش".

من جانبه، قال الدكتور أحمد أبو زيد، الباحث في الأمن الإقليمي، إن تشكيل التحالف الاستراتيجي في الشرق الأوسط يبدو أنه دخل مرحلة متقدمة، فبعد التعبير عنه كفكرة لمراقبة أنشطة في الشرق الأوسط منذ إعلان الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي في مايو الماضي، حيث بدأت الاجتماعات الوزارية في تدشين هذا التحالف مع إعطاء فرصة لمشاورات قد تستمر عدة شهور لتجنب فشل هذا التحالف.

وأضاف أبو زيد لـ"الوطن"، أن تشكيل هذا التحالف وترقية مستوى التنسيق بين الدول العربية الرئيسية المشاركة، سيمثل حائط صد ضد مطامع إيران الإقليمية وسياساتها للتدخل في دول المنطقة، ولكنه يواجه صعوبة استمرار السياسات القطرية، فلا بد من تعديل سياسة قطر واستجابتها لمطالب الدول المقاطعة لضمان تحالف متين، وإلا ولد هذا التحالف ميتا، فلا يمكن أن يكون هناك تحالفا فعالا بين الخصوم.

من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي السعودي، خالد الزعتر، إن الفكرة أو الدعوة لتشكيل الناتو العربي أو التحالف الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط، تعود بالدرجة الأولى إلى النجاح الذي حققته التحالفات العسكرية العربية في إعادة الاستقرار ومحاربة المشاريع الفوضوية.

ولفت الزعتر في هذا الصدد إلى للحالة اليمنية، وأضاف لـ"الوطن"، أنها نموذج عن مدى نجاح التحالفات العسكرية العربية، فالمملكة العربية السعودية التي سعت إلى تشكيل وقيادة تحالف عربي في اليمن، نجحت إلى حد كبير في تحجيم الوجود الإيراني في اليمن، وسعت إلى إفشال إعادة إستنساخ التجربة الإيرانية في لبنان، والتي سعت لتحويل حزب الله إلى دولة داخل الدولة وتطويع الدولة اللبنانية لمصلحة الحزب من إعادة إستنساخها في اليمن عبر الجماعة الحوثية.

واعتبر أن التحالفات العسكرية العربية سوف تساهم إلى حد كبير من تعزيز الدور العربي في الملفات العربية، وعدم انفراد المنظمات الدولية بإدارة الملفات العربية، وهي التي ساهمت، المنظمات"، إلى حد كبير في تغذية الأزمات بدلا من العمل على حلها.

وتابع: "يمكن أن ننظر للدور العربي ودور المنظمات الدولية في الأزمة اليمنية بأن الدور العربي بقيادة السعودية نجح إلى حد كبير في إدارة الأزمة عبر عدة محاور سياسية وعسكرية وإنسانية، بينما دور المنظمات الدولية كان دوراً سلبياً، ولم تحقق أي تقدم على صعيد تنفيذ قرارات مجلس الأمن بينما التحالف العربي استطاع أن ينقل قرارات مجلس الأمن إلى الأرض، وسعى للعمل على عدة جبهات لتحرير الأراضي اليمنية من الميليشيات الحوثية، وعرقلة تهريب السلاح الإيراني للحوثيين، وتأمين الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ولذلك فإن الهدف من المقارنة بين الدور العربي والمنظمات الدولية هو التأكيد على أهمية التحالفات العربية، ودورها الناجح في ضبط استقرار المنطقة".

واعتبر أنه يمكن النظر لغياب الدور العربي في الملف السوري بأن ذلك ساهم إلى حد كبير في إفساح المجال أمام المنظمات الدولية، والقوى الإقليمية والدولية أن تعمل على إطالة الأزمة لتحقيق أهداف ومكاسب سياسية، مضيفا: "من جهة أخرى في تقديري أن التحالفات العسكرية العربية وتعزيز الحضور العربي في الملفات العربية سوف يقود إلى تعزيز العمل العربي المشترك، ويقود بالتالي إلى تطوير عمل الجامعة العربية وإعادتها إلى مسارها الذي تأسست عليه بدلا من اكتفاءها بلعب دور المراقب وصياغة خطابات التنديد والاستنكار، وبالتالي فإن ذلك سوف يمهد إلى سحب الملفات العربية من أيدي المنظمات الدولية والعودة بها إلى الطاولة العربية".

واعتبر الزعتر أنه من انعكاسات تشكيل التحالف الاستراتيجي في الشرق الأوسط على قطر، لا بد من الإشارة إلى أن "مشاركة قطر في الناتو العربي لن تضيف شيء لهذا التحالف أو الناتو، فهي لا تمتلك القوة العسكرية فهي لا تزال تعيش على الحماية الخارجية"، ويمكن أن ننظر لمشاركة قطر سابقا في التحالف العربي في اليمن، وأن خروجها من هذا التحالف لم يعمل على تراجع هذا التحالف على الأرض، بل على العكس زاد من حجم الإنتصارات للتحالف العربي على الأرض وهو ما يعني أن الدوحة لا تضيف ثقلا عسكريا لأي تحالف قد تكون طرف فيه.

وأردف: "الأهمية تكمن في أن مشاركة قطر في هذا التحالف سوف يفرض عليها إجراء تغييرا جذريا في سياساتها بما يتواكب مع الأهداف الرئيسية لهذا التحالف، وهي إعادة الاستقرار ومواجهة المشاريع والفوضوية في المنطقة، فالمتابع يجد أن السياسات القطرية تسير عكس هذا التحالف المزمع تشكيله فهي تعمل على تغذية الفوضى وخدمة ودعم المشاريع الإيرانية الفوضوية، وهو ما يعني أنه قبل الحديث عن مرحلة المشاركة العسكرية القطرية في التحالف يجب أن تخضع الدوحة لإجراء تغيير جذري في سياساتها".

أما عن إنعكاسات تأسيس التحالف الاستراتيجي أو ما يمكن تسميته "الناتو العربي" على إيران، قال المحلل السياسي السعودي: "نجد مما لا شك فيه أن إيران ستكون من أوائل الدول التي ستكون متضررة من هذا التحالف لأن المشاريع الفوضوية في المنطقة تسعى إيران إلى الإستفادة منها لإيجاد موطئ قدم لها، وبذلك فإن تجفيف منابع الفوضى وضبط الاستقرار يعني إدخال إيران في عزلة عن المحيط الإقليمي، وذلك لأن طهران استفادت من وجودها وإشعالها وتغذيتها للأزمات العربية بأن تتمدد في المنطقة، وأن تحاول أن تخلق لنفسها قوة إقليمية".

واستطرد: "يمكن أن ننظر للملف السوري بأنه دليل على الإستفادة الإيرانية من غياب الدور العربي، ما جعل إيران في الملف السوري تنظر لنفسها بأنها جزء من الحل، ولذلك فإن تعزيز الحضور العربي في الملفات العربية سوف يقطع الطريق أمام الدول التي تحاول الإستفادة من الأزمات العربية لتحقيق مكاسب سياسية لها".

وكان بومبيو قد التقى وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن، الجمعة الماضية، لبحث تشكيل تحالف استراتيجي في الشرق الأوسط يستند إلى "مجلس تعاون خليجي موحد"، لمواجهة "الأنشطة الإيرانية الخبيثة"، في المنطقة. 


مواضيع متعلقة