«سجين» يخاطب النائب العام ووزير الداخلية للإفراج عن «سائق برىء»

كتب: سامى عبدالراضى وهيثم البرعى

«سجين» يخاطب النائب العام ووزير الداخلية للإفراج عن «سائق برىء»

«سجين» يخاطب النائب العام ووزير الداخلية للإفراج عن «سائق برىء»

المكان: سجن وادى النطرون، الزمان: مطلع الشهر الجارى، المناسبة: شاب يزور شقيقه فى السجن، لكنها ليست مجرد زيارة، فقد كشف خلالها السجين لشقيقه الأصغر بسرٍّ يؤنب ضميره منذ عام 2012 وآن الأوان لكشفه بحثاً عن الراحة، وخلال الزيارة قال لشقيقه: «أنا مسجون من سنتين فى قضية مخدرات سنة 2016، وأصابنى مرض شديد فى الكبد وأشعر أن هذا ذنب سائق تاكسى فى التبين ركبت معه، وعند كمين أمنى تركته وهربت، وهو لا يعرف سر هروبى، وعندما فتشه الضباط ضبطوا معه 18 كيلو بانجو تركتها أعلى السيارة وهذا الشاب تم حبسه، وأريد أن يصل صوتى للنائب العام ووزير الداخلية كى ينقذانه من السجن وأدفع أنا ثمن جريمتى».

هذه الكلمات حملت جزء منها الدعوى رقم 10753 أحوال النائب العام التى تلقاها المكتب الفنى ظهر الخميس 27 سبتمبر الجارى، وطالبت الدعوى بفتح التحقيق فى القضية رقم 378 لسنة 2012 فقد تكون نهايته الإفراج عن سجين برىء، وإعادة محاكمته هو وسجين وادى النطرون فى قفص واحد على غرار قضية الممثلة حبيبة، التى قضت 5 سنوات فى السجن إلى أن سقط المتهمون الخمسة فى واقعة مقتل زوجها القطرى، وأدانتهم المحكمة، وبرأتها بعد سنوات قضتها فى السجن.

«الوطن» حصلت على أوراق القضية التى عوقب فيها سائق التاكسى «مصطفى» والتقت أسرتى الشابين السائق والمتهم الأصلى الذى يقول إن سائق التاكسى برىء من قضية المخدرات.

{long_qoute_1}

«مصطفى» كان يدرس فى إحدى الجامعات الخاصة، اشترى له والده «سيارة تاكسى» للعمل عليها خلال دراسته، للإنفاق على نفسه، وتوفير مصاريف تعليمه الجامعى، فصول المعاناة فى حياته القصيرة بدأت مع حلول مساء يوم 24 يناير 2012، حيث طلب عم «مصطفى» منه توصيله إلى منطقة التبين لقضاء بعض حوائجه هناك، وفى رحلة عودة مصطفى إلى المعادى مرة أخرى، استوقفه شخص فى العقد الثالث من العمر، بالقرب من موقف التبين، «زبون» تعامل معه «مصطفى» كأى زبون وطلب منه توصيله إلى حلوان، ووضع أعلى السيارة «جوال أبيض»، ومضيا فى طريقهما.

عندما وصلت السيارة إلى التبين مرّا بكمين أمنى، وأثناء قيام الضابط بتفتيش السيارة، فوجئ «مصطفى» بالراكب يفتح باب السيارة ويطلق ساقيه للريح، وتوارى عن الأنظار بسرعة البرق، خبرة «مصطفى» القليلة أو المنعدمة لم تسعفه أمام الرائد حسن حافظ، الضابط بمباحث تنفيذ الأحكام بمديرية أمن القاهرة، الذى أسرع نحو السيارة، ليسأله عن شخصية الراكب الهارب، وبتفتيش الجوال الخاص به أعلى السيارة عثر على لفافات البانجو، حاول «مصطفى» التفاهم مع الضابط قائلاً إنه مجرد سائق تاكسى، وطالب بجامعة خاصة شهيرة، لكن لم يلق ذلك رداً من الضابط، الذى عثر على 18 كيلو بانجو بحوزته. الإجراء الطبيعى المعتاد كان اقتياد «مصطفى» إلى قسم شرطة التبين، وحرر الضابط محضراً حصلت «الوطن» على نسخة منه، أثبت فيه أنه أثناء وجوده بكمين التبين، لاحظ أن قائد سيارة تاكسى ماركة «شاهين»، يفتح الباب ويحاول الهرب، فقام بالعدو خلفه حتى تمكن من القبض عليه، وبسؤاله عن سبب هروبه، اعترف، يقصد «مصطفى»، بحيازة مواد مخدرة فى شنطة السيارة، وأضاف الضابط أنه فتح شنطة السيارة، فعثر على جوال أبيض اللون بداخله 11 لفافة بانجو، وأنه واجه «مصطفى» بالمضبوطات، فاعترف بحيازتها بقصد الاتجار، وأضاف أنه تحفظ على المضبوطات والسيارة وهاتف محمول ماركة نوكيا، وتم عرضه على النيابة، وفى نهاية التحقيقات أمرت النيابة بحبسه احتياطياً على ذمة القضية، مع مراعاة التجديد له فى الموعد القانونى، ثم تلا ذلك قرار قاضى المعارضات بإخلاء سبيله على ذمة القضية بكفالة 5 آلاف جنيه.

أصبح «مصطفى» حراً طليقاً، ولم يعر القضية اهتماماً وبدأ فى التركيز فى دراسته فقط، وتخرج منها، ثم بدأ فى تأسيس شركة لتسويق اللاعبين الرياضيين، ثم شركة أخرى فى مجال السفر والسياحة، وفى يناير 2013، أمر المستشار معتز مجاهد، مدير نيابة التبين، بإحالته للمحاكمة الجنائية، فى أمر إحالة شمل الاتهام المسند إليه، وهو حيازة المواد المخدرة، وتضمن أمر الإحالة قائمة بأدلة الثبوت، وفيها أقوال شاهدى الإثبات الرائد حسن حافظ والنقيب أحمد نزيه، رئيس مباحث قسم شرطة 15 مايو، وملاحظات النيابة العامة التى تفيد بأن تقرير الإدارة المركزية للمعامل الكيماوية أثبت أن العينات المأخوذة من الأحراز تؤكد أنها مادة مخدرة، ونظرت محكمة جنايات القاهرة القضية فى غيبته، وأصدرت حكماً غيابياً، فى العام نفسه، بسجنه 10 سنوات. «مصطفى» علم بالحكم منذ عامين، ومنعه خوفه من تسليم نفسه للشرطة، وفى الشهور الأخيرة اقتضت ظروف عمله السفر خارج البلاد، وكان يعلم أنه سيتم القبض عليه إذا حاول السفر، أو حاول استخراج جواز سفر، وفى 3 يوليو الماضى سلم نفسه لأجهزة الأمن بالقاهرة وأحيل للنيابة العامة التى تلقت طلباً منه بإعادة إجراءات محاكمته، ونظرت المحكمة إعادة محاكمته فى 4 جلسات كان يحضر فيها «مُخلى سبيله»، ثم تحفظت عليه المحكمة فى الجلسة الثالثة، وأصدرت حكمها فى الجلسة الرابعة المنعقدة بتاريخ الأول من سبتمبر الجارى وعاقبته حضورياً بالسجن لمدة 5 سنوات وتغريمه 50 ألف جنيه، ليسقط «مصطفى» داخل المحكمة مغشياً عليه، ونقلته قوة أمنية إلى قسم شرطة التبين، حيث يقبع هناك حتى اليوم. {left_qoute_1}

«الوطن» التقت أسرة «مصطفى» فى منزل آخر يمتلكونه بمنطقة منيل شيحة، وتقابلت مع والديه وأشقائه، الذين بدت عليهم علامات الحزن لما تعرض له من أزمة ستقضى على مستقبله، علماً بأن مصطفى له 7 أشقاء ترتيبه الثانى بينهم، ويعولهم وينفق عليهم، ومتزوج منذ عام 2014، وله طفل فى عامه الرابع. وقالت الأسرة: «بحثنا عن الزبون وهو المتهم الأصلى فى القضية لمدة 6 سنوات ولم نصل إليه». تركنا منزل «مصطفى»، وتوجهنا إلى منزل الطرف الآخر «سعد إسماعيل زكى العسال» وشهرته «مسعد العسال»، 46 سنة، ينتمى لأسرة بسيطة.. تقابلنا مع شقيقه «أحمد» الذى أكد أن شقيقه «مسجل خطر»، وفى سجله الجنائى 20 قضية، منها خطف ومخدرات، قال أحمد: «يوم 1 سبتمبر كنت بزور سعد فى سجن وادى النطرون «1»، لأنه بيقضى هناك عقوبة 6 سنوات سجن على ذمة قضية مخدرات، وحسيته متضايق وزعلان، سألته مالك، قالى إنه بيعانى من مرض فى الكبد، وأنه حاسس أن دا ذنب سواق تاكسى هو ظلمه، ولحد علمه أنه محكوم عليه بالسجن غيابياً 10 سنين فى قضية مخدرات وحكالى إنه كان راكب مع سواق التاكسى فى التبين، وكان معاه شوال فيه بانجو، ولما قربوا من الكمين، نزل من العربية واتمسك السواق واتحكم عليه، وسعد قالى إنه عايز يعترف عشان المظلوم دا يخرج، وقال لى إنه كان بيتابع القضية من بعيد وأنه عرف أن الشاب ده مسجون ولازم يطلع وقال لى إن محاميه اسمه وليد فراج من حلوان».

وأضاف: «خلصت الزيارة وخرجت من السجن وبحثت عن مكتب المحامى ووصلت له، وفهمت منه القصة كلها، وأن «مصطفى» اتحكم عليه بالسجن فى القضية دى ظلم بس للأسف المخدرات كانت معاه هو. تانى يوم خدت عنوان أسرة مصطفى ورحت لهم فى منيل شيحة، وعرفت أن ابنهم اتحكم عليه حضورياً بالسجن 5 سنين، وأنا مارضاش بالظلم، وعرفتهم أن المخدرات بتاعة أخويا، وهو عايز يعترف عشان مصطفى يخرج».

أسرتا «مصطفى وسعد» ناشدتا النائب العام المستشار نبيل صادق واللواء محمود توفيق وزير الداخلية، سرعة اتخاذ الإجراءات القانونية، لاستجواب «سعد» الذى أبدى استعداده للاعتراف تفصيلياً بما حدث يوم 24 يناير 2012، للإفراج عن مصطفى». من جانبها، تقدمت المحامية منة الدسوقى، وكيلة أحمد العسال، شقيق «سعد»، الخميس الماضى، بطلب للنائب العام حمل رقم 10753 عرائض النائب العام، تطلب فيه الموافقة على مثول «سعد» أمام نيابة التبين، للإدلاء بأقواله فى القضية رقم 378 لسنة 2012 جنح التبين والمتهم فيها «مصطفى».

{long_qoute_2}

وقالت فى طلبها، إن «سعد» ألقى القبض عليه فى قضية مخدرات حملت رقم 8988 لسنة 2016 جنح أبوالنمرس، وعوقب بالسجن 3 سنوات، مؤكدة أنه برىء من الاتهام بقولها «لكن الله يمهل ولا يهمل، وكما يدين المرء يُدان». وتابعت: «سعد» أبدى لشقيقه رغبته فى الاعتراف لأن هناك تغيراً طرأ على شخصيته، وأصبح «متديناً» ما جعله يشعر بتأنيب الضمير، مشيرة إلى تقديم طلب لمأمور سجن وادى النطرون بهذا المضمون.

 


مواضيع متعلقة