صباح مدرسى

صباح مدرسى جديد بتحدّيات جديدة، المدرسة هى مرآة وانعكاس المجتمع، وبيوته وشوارعه ومؤسساته وإداراته، ومجتمعنا كمدارسنا يشكو من آفات أخلاقية سلوكية (تفكك وغلظة وقسوة وغياب صريح لكثير من القيم والمبادئ).

أطفالنا هم الأمل الوحيد لوطن سليم وكون معافى، فرجاء جنبوهم عن صفاتنا البشعة من أنانية وغلظة وسطحية وانتهازية وحقد تميز به مجتمعنا واستشرى لحد القبح. لكن كيف ومتى نبث قيماً ومبادئ سليمة بمجتمع تتعاون به جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات على هدمه وتشويه وجدانه!! كذلك الأمل ليس كبيراً بأهل هم أنفسهم يحتاجون إلى جلسات تقويم نفسى وجلسات اتزان أخلاقى.

صعب جداً أن نعيد تأهيل الأهالى ليكونوا قدوة صالحة، لكن الأسهل كثيراً هو التركيز المدرسى على النواحى التربوية، وكل ما يمس الأخلاق والسلوك (طابور الصباح) سلاح كبير وتوقيته شديد الأهمية، حيث يكون الأطفال ببداية اليوم، وما زال ذهنهم يقظاً وحماسهم طازجاً.

بذاك الطابور العظيم هناك فقرات قديمة وثابتة منذ سنوات بجميع المدارس، لكنها تجرى بحكم الروتين وتأدية الواجب، دون ابتكار أو تحديث أو روح حقيقية راغبة فى التطوير والدعم النفسى والتقويم السلوكى. لماذا لا تطور تلك الآلية بما يتناسب ومعاناتنا التربوية المجتمعية الآنية!! وذلك بإضافة فقرات جديدة ومتنوعة تباعاً ويومياً على مدار العام.

يبدأ الطابور الصباحى غالباً بتحية العلم، فلماذا لا تعقب التحية نبذة عن الوطن وأمجاده وحبه وواجبنا تجاهه!! سواء بقصص أو بأبيات شعر أو بحكاية معارك ومواقف تاريخية أو حديثة؟!!

لماذا لا نعطى بالتوازى مع التفتيش على النظافة، نبذة عن النظافة بأرجاء المدرسة وخارج أسوارها، وكيف يمكن توفير وسائل النظافة بأبسط الأشكال والطرق؟

لماذا لا يتم التنبيه يومياً على التلاميذ، صغاراً وكباراً، على عدم التعدى أو البلطجة، بعضهم على بعض؟ فعالم الأطفال ملىء بالشرور أيضاً، كأن تجد التلاميذ كبيرة السن أو الحجم تُمارس العنف والبلطجة على من هم أصغر وأضعف منهم، فيتخرّج جيل من قسمين، أحدهما ضعيف الهوية، يملأه الحقد والغضب والقهر، وهذا نموذج قنبلة موقوتة مثالى!!! وقسم آخر من قساة قلوب جبابرة لا تلجمهم قوانين، ولا يعرفون للأخلاق معنى.

لماذا لا تُقام يومياً تكريمات للطلبة المميزين لتفوقهم الدراسى أو الأخلاقى أو الرياضى؟! يتم من خلاله تشجيعهم على التقدم، بل والتخلص من مشكلات نفسية أو أسرية معينة، ويتم هذا بالتنسيق مع مدرس الفصل والإخصائى النفسى (المشرف الاجتماعى).

لماذا لا يتم أسبوعياً استضافة شخصية ناجحة كطبيب مميز أو مذيع مشهور أو ضابط أو ممثل محبوب للتعريف بمهنته ونقاش الطلاب بشأنها؟ وما الطريقة المثلى لاتباع خطواته، بغية النجاح والتميز؟!

لماذا لا تكون هناك فقرة تقدم مادة الأخلاق ومعنى الإيمان والامتنان لله سبحانه وضرورة التراحم والمودة بين الناس جميعاً، والتعايش وقبول الآخر؟!

بالنهاية، نحتاج مجتمعاً سوياً معافى، مجتمع ليس به غنى يتكبر فيتجبر، ولا فقير يُحرم فيحقد ويلعن، مجتمع به مواطن يعلم قيمة الوطن ويعليها، فلا تقام عليه المؤامرات والثورات بدعوى نيل الحريات، نحتاج إنساناً صالحاً يقاوم هذا الخراب والدمار اليومى فى بنية الشخصية المصرية، عليكم بطابور صباح مميز وناجح بجميع مدارس المحروسة.