«خدمة التوكيل»: «نصب» بحجة الإصلاح
شكاوى المواطنين تتزايد بسبب «ألاعيب التوكيل»
تجارب لا نهائية ارتبط خلالها مفهوم الصيانة بـ«النصب»، سواء تعلق الأمر بأفراد أو مؤسسات أو مدن كاملة دفع أصحابها ثمن الصيانة مقدماً ليفاجأوا بأن ما لديهم من أصول، سواء كانت وحدات سكنية، أو أجهزة كهربائية أو سلعاً تخضع للصيانة، لم يعد لها نصيب من الرعاية والاهتمام، وينتهى الأمر بتسليمها للمستهلك، ليبدأ بعدها رحلة شاقة بحثاً عن حقه فى «الصيانة».
4 آلاف شكوى يومية لـ«حماية المستهلك».. والبعض يتغلب على «الألاعيب» بـ«الحيلة أو الفضيحة»
«أين البنية التحتية؟ أين أموال الصيانة؟».. كان هذا هو السؤال الأبرز الذى توجَّه به سكان التجمع الخامس إلى رئيس جهاز القاهرة الجديدة عقب غرق شوارعهم قبل خمسة أشهر.. أسئلة ألحقوها بغيرها «أين المرافق والبنية التحتية فى مدينة بحجم التجمع الخامس؟ أين صيانة وتطوير المدينة؟».
ولم تختلف أسئلة أبناء «التجمع» عن تلك التى طرحها أصحاب واحدة من أشهر سلاسل الوحدات المصيفية، بينهم جمال شعبان الذى روى قصته: «اشتريت شاليه مساحته 47 متر بـ235 ألف جنيه، ورُحت بعد ما دفعت الفلوس أشوف المبانى لقيت الوحدة من جوه ما تيجبش 22 متر، رُحت أحوّل الفلوس على شرم، راحوا خاصمين 23 ألف ونص، 10% صيانة، وكان مفروض أستلم بعد شهر، لكن بقالى سنة ونص ما استلمتش، يعنى فلوسى لو فى بنك كانت عملت فى مدة التأخير حوالى 80 ألف جنيه».
صيانة لوحدة لم يتسلمها الرجل حتى لعدم اكتمال بنائها، «تجربة نصب» لم تكن أقل قسوة من تلك التى يعيشها آلاف المصريين كل يوم مع شركات الأجهزة الكهربائية التى تبيع لهم الجهاز لتبدأ بعدها رحلة «نشفان الريق» فى صون الجهاز المبيع، معاناة تشهد عليها آلاف المحاضر والبلاغات لـ «حماية المستهلك» يومياً، والتى يبلغ عددها بحسب اللواء راضى عبدالمعطى، رئيس جهاز حماية المستهلك، 4 آلاف شكوى يومياً.
البعض يمتلك دليلاً على «النصب»، والبعض الآخر لا يملك سوى «الفضيحة»، هكذا لجأت بثينة عبدالواحد إلى موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، لفضح الشركة المنتجة لغسالتها: «الغسالة باظت، طلبت الصيانة، جُم وقالوا لى لازم تروح الشركة وقالوا لى هدفع 1800 جنيه قابلة للزيادة، طبعاً ما كانش معايا المبلغ، قلت لهم سيبوها وخدوا مصاريف خدمة 50 جنيه ونزلوا، حكيت لجارتى ودلّتنى على واحد ابن حلال صلحها لى بـ90 جنيه أول عن آخر شاملة قطعة غيار اشتراها، غير أجرة إيده، وده علمنى ما ألجأش للصيانة الرسمية بتاع الشركات أبداً».
الموقف ذاته اتخذته كريمة جاد الحق، ربة منزل، اعتادت أن تمطرها إعلانات واحدة من أشهر ماركات الغسالات عبر التليفزيون، متحدثة فيها الشركة عن أنها مركز الصيانة الوحيد المعتمد، وتستعين بفنانين لهم وزن لإضفاء نوع من المصداقية، التى تزيلها كثرة البلاغات والشكاوى فيما بعد ضد الفنانة بطلة الإعلان والقنوات التى قامت بإذاعته: «وصلت لمرحلة ما بقيتش عارفة الرقم الحقيقى للصيانة وما بقيتش عارفة لو جِبتهم هيبقوا ناس حقيقية ولا لأ».
جهاد الكيلانى تعرضت لصدمة شديدة قبل عام حين وجدت نفسها بين عشرات الواقفين أمام مركز صيانة هاتفها المحمول المستورد: «التوكيل بتاع الموبايل طلعوا نصابين، قفلوا فروعهم فجأة وأرقامهم اتعطلت وموبايلاتنا اللى عندهم فى الصيانة راحت، ولما لجأنا للشرطة قالوا لنا اعملوا محاضر».
سمعة غير طيبة تتمتع بها مراكز صيانة السيارات الرسمية «التوكيل»، بداية من أسعار البيع التى تتخطى مثيلتها فى السوق مروراً بندرة قطع الغيار، ومجموعة من الحيل، التى دفعت المتعاملين لاتباع حيل فى المقابل للحصول على حقوقهم.