بالصور| "فيها لوحة حلوة".. حكاية شارع الفن بأسيوط

كتب: سارة فرنسيس

بالصور| "فيها لوحة حلوة".. حكاية شارع الفن بأسيوط

بالصور| "فيها لوحة حلوة".. حكاية شارع الفن بأسيوط

طفل متشبث بيد أمه ويقودها من حيث أتوا إلى حيث تتعانق مختلف ألوان الفن بشارع الشريفين بالقاهرة، مشهد رآه من بعيد الشاب العشريني الذي قادته قدماه من وسط محافظات الصعيد، أسيوط، لتأسره الألوان نفسها وينبت المشهد في عقله فكرة تسللت أصابعه تدونها عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

فلم تكن تجمع ابن محافظة أسيوط والطالب بكلية التجارة بجامعتها، محمد مصطفى، أية علاقة مباشرة بفنون الرسم أو الغناء بقدر ما يجمعه ومحافظات الصعيد عشقا قاده لتقديم برنامج إذاعي تحت اسم الصعايدة على الراديو بإحدى المحطات الإذاعية بالقاهرة، وهو ما يجعله يتجول بشكل دوري في شوارع المحروسة يبحث عن مواهب صعيدية يتيح لها التواجد في العاصمة سطوع الموهبة.

وفي إحدى هذه الجولات البحثية بالقاهرة وجد مصطفى ضالته ليشهد يونيو الماضي انطلاق مقترحه عبر صفحته على "فيسبوك" بتطويع فكرة شارع الشريفين بالقاهرة وإعادة تنفيذها في محافظة أسيوط بممشى مطل على ترعة الإبراهيمية تحت اسم شارع الفن، ليصبح ملتقى لمواهب أبناء الصعيد ويكون الأول من نوعه في محافظات الصعيد والثاني على مستوى الجمهورية.

"كل هدفي إن أعمل حاجه تنور الصعيد وأسيوط وأغير المفهوم الغلط اللي أغلب وجه بحري واخده عننا".. هكذا لخص مصطفى، في حديثه لـ"الوطن"، أهداف الفكرة التي تنوعت بين الرغبة في إتاحة الفرصة لمواهب أبناء الصعيد أن تسطع حيث نشأت وبين استغلال الفرصة لتغيير صورة الجهل والتأخر المتخذة عن الصعيد نافيا إياها: لأ، الصعايده فيها شباب بيفكر وبيبدع ويستاهل أعلى مكانه في البلد دي. وما إن نشر مصطفى فكرته حتى لقيت قبول بين أبناء محافظته وحققت رواجا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي لتتواصل سكرتارية المحافظة معه في اليوم التالي وتعلن تبنيها الفكرة.

ولكن تنفيذ الفكرة بدأ أن يأخذ منحى روتيني يتمثل في ضرورة دفع المشاركين اشتراكات مقابل عرض أعمالهم ودخول المتفرجين بنظام التذاكر، وفقا لـمصطفى والذي رفض كونه صاحب المبادرة أن يصبح شارع الفن حكرا على فئة دون الأخرى وأعلن انسحابه منتظرا أملا جديدا في أن تنفذ الفكرة بالمعايير التي أرادها لها. ورغم أن الحلم بات مستحيلا بعض الشيء إلا أن حركة المحافظين، في نهاية أغسطس الماضي، أعادت الأمل لـمصطفى في أن تنفذ فكرته وينير الفن محافظته بعد أن تلقى اتصالا من محافظة أسيوط، منذ أسبوعين، مفاده أن الافتتاح الجمعة 14/9.

ولم يكن 14/9 موعد مصطفى وحده مع رؤية فكرته للنور، فبعد أن ضاعت على ابن مركز بني مر بمحافظة أسيوط، حنا عيسى، فرصة الالتحاق بإحدى الجامعات الأمريكية التي وبعد امتحانات عملية خضع لها عبر الإنترنت مستخدما التواصل بالفيديو، قررت أن تقبله بصفوفها إلا أنه كان في الصف الثاني الثانوي ويتعين عليه الانتظار للحصول على شهادة الثانوية العامة المصرية، الأمر الذي تطلب منه الانتظار لعامين متتاليين حرمه بعدهما مجموعة من الالتحاق بكلية الفنون الجميلة.

وجد عيسى نفسه صاحب موهبة لا تتيح له كلية حقوق التي تفصله عن أولى محاضراتها أيام قلائل فرصة ممارستها كما لم تهتم مدرسته في السابق بالمواهب.

"بحب الرسم من طفولتي وأخدته جد من أولى ثانوي".. هكذا لخص عيسى رحلته الفنية، لـ"الوطن"، والتي أخذت اتجاها جديدا منذ دخولة المرحلة الثانوية حيث بدأ تطوير الموهبة بالرسم بأشكال مختلفة منها الرسم بالمقلوب حيث تجده في أحد مقاطع الفيديو، التي قرر من خلالها توثيق رسمه بهذه الطريقة يرسم بألوان متناثرة رسمة لا يتضح انتماؤها للفرعون المصري، محمد صلاح، إلا بعد أن يقوم بقلب اللوحة.

كما يستخدم عيسى الإسبراي والنار في الرسم وخامات تختلف عن الورق للرسم عليها مثل الجبس، "الفكرة بالنسبالي جديدة وكنت بتمناها.. مكنتش مصدق إنها ممكن تتحقق".. هكذا ختم صاحب العشرين ربيعا حديثه عن الشغف والأمل الذي يجمعه وشارع الفن حيث ينوي أن يذهب وريشته إلى هناك بشكل دائم ليقضي الوقت في الرسم المباشر على ضفاف مياه الإبراهيمية.

منة علي، صاحبة الـ15 ربيعا وأصغر مشاركة في شارع الفن، تقول، لـ"الوطن"، إنها ما إن قرأت ما نشره صاحب المبادرة في يونيو الماضي حتى دفعها تشجيع والديها للاتصال والإعلان عن رغبتها في المشاركة كما شجعتها إشادة معلميها بموهبتها التي برزت في السنوات الأربع الأخيرة.

ووجدت ابنة مركز بني عدي في اختيارها للمشاركة بأحد معارض الرسم العام الماضي وحصولها على المركز الخامس على محافظة أسيوط في مجال الرسم دوافعا لتقدم على خطوتها الجديدة دون خوف من صغر سنها خاصة وأنها أصبحت ترسم بألوان وأشكال مختلفة.

منذ أن سمعت عن الفكرة للمرة الأولى، رأت منة فيها حاجة حلوة وفرصة لتنمية المواهب الصعيدية بإعطائها فرصة للمشاركة، وعقدت العزم على أن تغتنم فرصة الأسبوع المقبل وتستغله في شارع الفن قبل أن تضطرها الإعدادية للتركيز في المذاكرة وتنحية الفن جانبا.

 


مواضيع متعلقة