من يثأر لضحايا ديرب نجم؟!!
- إلى متى
- اختيار القيادات
- الأطباء والتمريض
- الصحة والتعليم
- الصيانة الدورية
- الغسيل الكلوى
- القيادات الوسطى
- بشكل جيد
- تحقيق عاجل
- ديرب نجم
- إلى متى
- اختيار القيادات
- الأطباء والتمريض
- الصحة والتعليم
- الصيانة الدورية
- الغسيل الكلوى
- القيادات الوسطى
- بشكل جيد
- تحقيق عاجل
- ديرب نجم
لا أذكر أننى تعرضت لضغط نفسى مثل الذى شعرت به فى تلك الفترة التى عملت فيها بوحدة الغسيل الكلوى بالمستشفى أثناء تمضية فترة التدريب -أو الامتياز- عقب التخرج مباشرة.. إنه الشعور بأن البعض يجاهد فقط لكى يظل على قيد الحياة.. يتعامل مع تلك الأنابيب التى يسرى بها دمه إلى ومن ماكينة الغسيل الكلوى وكأنها جزء من جسده.. كم كنت مندهشاً فى بداية الأمر حين رأيت المرضى يتعاملون بخبرة كبيرة مع الماكينات.. بل ويذهب بعضهم إلى أن يوجه الأطباء والتمريض إلى ضبط الماكينة بشكل معين يرتاح عليه أثناء الغسيل.. لقد كان المرضى يعرفون ماكيناتهم.. بل ويحبونها كما لو كانت علاقة صداقة وطيدة قد قامت بين المريض والماكينة.. إنها صديقته التى تنقذه من الموت ثلاث مرات كل أسبوع..!
كم شعرت بالاكتئاب الممزوج بالشفقة على هؤلاء المساكين الذين يضطرون للقدوم ثلاث مرات أسبوعياً للتخلص من سموم أجسادهم وطرحها عبر تلك الأجهزة.. كم عشت داخل قصصهم الحزينة.. وارتبطت بهم وبمشاكلهم التى تنحصر فى محاولات البقاء أحياء لأطول وقت ممكن عبر آلية لا يعرفون إلى متى ستظل تعمل بشكل جيد دون أن تفشل فى تخليصهم من أثقال السموم والمياه التى تجثم على صدورهم..!
لقد أنهيت فترة تدريبى بوحدة الغسيل وقد عرفت قصة كل مريض فيها وتعاطفت معه.. ولكننى قررت ألا ادخلها مرة أخرى أبداً.. ربما كان هذا هو السبب الذى جعل الصدمة تعترينى حين قرأت عما حدث فى وحدة الغسيل الكلوى بمستشفى ديرب نجم المركزى.. الذى أسفر عن وفاة ثلاثة من المرضى وإصابة الباقى بإعياء وهبوط حاد كاد يودى بحياتهم.. هل يدرك أحد ما شعر به المرضى؟.. هل استوعب أحد أن تصبح الوسيلة التى يستعين بها ليظل حياً هى نفس السبب فى وفاته؟! أن تتحول وسيلة البقاء على قيد الحياة إلى سبب للموت.. المشكلة أن الأمر حدث مباشرة عقب إجراء الصيانة الدورية للماكينات.. ما يشير إلى خطأ فادح قد حدث أثناء الصيانة.. خطأ من ذلك النوع الذى لا يصلح معه الاعتذار..!
لقد أعلنت الوزارة إغلاق الوحدة وفتح تحقيق عاجل فى الحادث.. كما أعلن رئيس الوزراء أن الحساب العسير فى انتظار المقصر.. وأعلنت وزارة التضامن صرف تعويضات للمتوفين باعتبارهم من ضحايا «النكبات».. ولكننى لا أعتقد أن كل ذلك يكفى!
ففى عهد جديد للتعامل الحكومى مع المواطن.. وفى عصر جديد لوزارة الصحة التى توسمنا فيها خيراً أن تبدأ فى تنظيم أوراقها من جديد بعد أعوام من الدمار.. لا ينبغى أن يمر حادث من ذلك النوع مرور الكرام.. أو حتى يقتصر الأمر على فتح تحقيق عاجل ومساءلة مدير المستشفى أو حتى وكيل الوزارة..!
فى عهد جديد يرفع شعار بناء الإنسان عن طريق الاهتمام بالصحة والتعليم.. لا يصح أن يمر ما حدث دون أن نفتح ملف نقص المستلزمات وغياب الرقابة على الصيانة.. بل وآلية اختيار القيادات الوسطى من مديرى المستشفيات.. فى عهد نترقب فيه دولة بمفهوم جديد يقوم على «الإجادة» وليس مجرد «تأدية العمل».. يصبح ما حدث جريمة فى حق النظام كله وليس فى حق من ماتوا فحسب.. ويصبح ضرورة أن يتحول العقاب إلى «عبرة» لكل مقصر.. ويصبح التحدى الحقيقى لوزارة الصحة فى ثوبها الجديد أن تثأر لمن مات.. أو نعتذر جميعاً لأعوام الفساد!!