«مترو الأنفاق» وسيلة للانتقال أيضاً لـ«الآخرة»..!
- أسعار السلع
- أفراد الأمن
- إجراءات أمنية مشددة
- إنهاء حياته
- الأعمال الإنشائية
- الاضطراب النفسى
- التفكير الإيجابى
- الجهاز المركزى للتعبئة
- آلية
- أرصفة
- أسعار السلع
- أفراد الأمن
- إجراءات أمنية مشددة
- إنهاء حياته
- الأعمال الإنشائية
- الاضطراب النفسى
- التفكير الإيجابى
- الجهاز المركزى للتعبئة
- آلية
- أرصفة
هى مجرد ثانية واحدة فقط تفصل بين الحياة، وإنهائها بقرار «أرعن» ربما تكون حالة من الإحباط والانكسار والهزيمة واليأس تقف وراء هذا القرار الذى يدفع صاحبه إلى الإقدام على إنهاء حياته بطريقة اختارها هو بنفسه ولم يدفعه إليها أحد..!
مجرد لحظة لا تترك له أى فرصة لأن يفكر فى انهيار أم ثُكلت.. أو حزن أب ضاع منه سنده.. أو لوعة زوجة فارقها زوجها إلى الأبد.. أو صدمة إخوة أو أخوات فقدوا ثالثهم أو رابعهم.. أو دموع طفل لن تلهيه لعبة عن افتقاد أب ينتظره ليلهو معه بتلك اللعبة.. أو انكسار قلب طفلة لن يحضر لها والدها عروسة وعدها بها فى عيد ميلادها! نعم هى بالفعل ثانية واحدة من التفكير الإيجابى يمكن أن تعيده إلى الحياة بعد أن يتغلب على الألم والمعاناة التى يشعر بها كل شخص واقع تحت تأثير الرغبة فى الانتحار، لعلها توقظه من أوهامه الشيطانية تلك، خاصة من كان فى رأسه عقل، ومن ضم بين جدران صدره قلباً يعيد له ضميراً «يئن» مجدداً لمجرد أن تفكيره ذهب إلى فكرة أن يتخلص من حياته..! بين الاضطراب النفسى والمرور بضائقة مالية أو خوفاً من نتيجة امتحان تنحصر أغلب أسباب الانتحار، الذى زادت نسبته فى مصر أخيراً مقارنة بالسنوات السابقة، وإن لم تشكل بعد ظاهرة، ومع ذلك فلا بد أن يشعر المجتمع بالقلق..!
حوادث عدة من محاولات الانتحار شهدتها الفترة الماضية إلى درجة أن شهور الصيف الحالى شهدت عدداً من حوادث الانتحار المتتالية ولعل آخرها حتى الآن تلك الفتاة التى ألقت بنفسها أمام مترو الأنفاق بمحطة عزبة النخل إلا أنها لحسن الحظ وقعت بعيدة عن عجلات القطار..!
فى عام 2015، وفقاً لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء -وهو الجهة الوحيدة المخول لها تجميع البيانات ونشرها- فقد تجاوزت أعداد من حاولوا الانتحار 500 ألف، بعد أن كانت 1160 حالة فى عام 2005، إلا أن الجهاز لم يذكر الحالات التى نجحت فيها عملية الانتحار وبحلول 2016 كانت مصر تحتل المركز 96 على مستوى العالم من حيث عدد المقبلين على الانتحار، وفقاً لإحصائية «منظمة الصحة العالمية».
ومن جهته كشف مركز السموم عن وقوع 2335 حالة انتحار باستخدام العقاقير السامة سنوياً، كان النصيب الأعلى بينهم من الفئة العمرية التى تتراوح بين 22 و25 عاماً، بنسبة تجاوزت فاصل الـ50 بالمائة، حسبما أكدت أيضاً إحصائية «المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية» غير أن الجهتين أيضاً لم تذكرا عدد الحالات التى نجحت فيها هذه المحاولات، الأرقام المزعجة هذه تدفعنا إلى وضع هذه الحالات تحت المجهر، باعتبار أنها تعد مؤشراً خطيراً حول الخريطة المجتمعية فى دولة دينها الرسمى يمنع مثل هذه الجريمة ويعدها «كفراً وخروجاً عن الإسلام»...!
وعلى الرغم من أن الاختناقات الاقتصادية هى القاسم الأعظم لحالات الانتحار فإن الطب النفسى يرى أن الأسباب الاجتماعية للانتحار فى مصر تأتى فى المرتبة الأولى، متنوعة ما بين خلافات ونزاعات أسرية، وشجارات ونزاعات زوجية، ويرتبط الكثير منها بالشعور بالضيق لأسباب مالية التى تعد السبب الثانى والأهم فى زيادة حالات الانتحار بمصر، فى ظل تدنى الرواتب، وتراجع فرص العمل، والارتفاع اليومى فى أسعار السلع والخدمات، ما أصاب المواطن بالاكتئاب والاضطراب النفسى، وإذا كانت وسائل التخلص من الحياة متعددة بين تناول السموم أو القفز من فوق أماكن شاهقة أو إحداث نزيف دموى بقطع شرايين اليد إلا أن القفز أمام قطار مترو الأنفاق أصبح الوسيلة الأولى الآن للانتحار بعد أن كان «برج القاهرة» هو الوسيلة المفضلة أمام محاولى الانتحار فى فترة الستينات والسبعينات، باعتبار أنه كان المبنى الوحيد فى العاصمة ذا الارتفاع الشاهق الذى لن يترك أى فرصة لإنقاذ من قرر فى لحظة جنونية التخلص من حياته..!
ازدياد حالات الانتحار تحت عجلات المترو دفع هيئة الأنفاق إلى مناشدة المنتحرين الابتعاد عن المترو، باعتبار أن حالات الانتحار تعطل حركة المترو لأكثر من 3 ساعات ما يضيف أعباء جديدة على الركاب.. غير أن أحمد عبدالهادى، المتحدث الرسمى باسم شركة مترو الأنفاق، قال إن الشركة ليست مسئولة عن جميع حالات الانتحار أسفل عجلات القطار مؤخراً، وإن هناك صعوبات بالغة تصعب مهمتنا فى القضاء على الظاهرة، وإن مسئولية الشركة تتلخص فى انتظام حركة سير القطارات بالخطوط الثلاثة، والصيانة الكاملة لها، بالإضافة إلى تقديم خدمات مميزة لجموع الركاب المسافرين «وهو هنا له كل الحق»، غير أن المتحدث عاد ليؤكد أن هناك إجراءات أمنية مشددة على مداخل ومخارج وعلى أرصفة المحطات، من قبل أفراد الأمن التابعين لشرطة النقل والمواصلات، لتوفير الحماية الأمنية للركاب، قائلاً: «اللى عاوز ينتحر لو قفلت قدامه المترو هيروح برج القاهرة أو أى مكان.. وهينتحر بأى طريقة مهما كانت الصعوبات».. وهو هنا كما لو كان يسعى لتنشيط ذاكرة المقدمين على الانتحار بأن «البرج لا يزال موجوداً بموقعه وهو الأفضل..!»، مسئول بشركة مترو الأنفاق قال إن حوادث الانتحار بمحطات مترو الأنفاق تسبب خسائر فادحة للشركة، مشيراً إلى أن هناك مقترحاً للقضاء على هذه الظاهرة تماماً وسيكون محل دراسة بالتنسيق مع الهيئة القومية للأنفاق، وهى تركيب حواجز زجاجية آلية على أرصفة المحطات، بحيث تصبح جميع أرصفة المحطات بالخطوط الثلاثة والخطوط الجديدة، التى تتم الأعمال الإنشائية بها حالياً، مغلقة بالحواجز الزجاجية الآلية، وفى حال وصول القطار إلى المحطة يتوقف أمام الحواجز ويفتح أتوماتيكياً، وتكون الحواجز إرشادية، بمعنى أن تكون هناك حواجز زجاجية مخصصة للنزول من القطار وأخرى للصعود، وبالتالى سيتم القضاء تماماً على انتشار ظاهرة الانتحار بمترو الأنفاق غير أنه عاد ليقول: «إن هذا المقترح يصعب تطبيقه خلال الفترة الحالية، لأنه مكلف للغاية، كما يتطلب أيضاً أن تكون قيادة القطار أوتوماتيكية»..!
ويبدو أنه إلى أن يتم تنفيذ هذا المقترح سيظل «مترو الأنفاق» وسيلة للانتقال أيضاً لـ«الآخرة».. ولك يا مصر ولمواطنيك السلامة دائماً..!