تعيش داخل الإنسان.. تعرف على بكتيريا "إيكولاي" سبب وفاة سائحي الغردقة

كتب: دينا عبدالخالق

تعيش داخل الإنسان.. تعرف على بكتيريا "إيكولاي" سبب وفاة سائحي الغردقة

تعيش داخل الإنسان.. تعرف على بكتيريا "إيكولاي" سبب وفاة سائحي الغردقة

بعد مرور أقل من شهر على وفاة السائحين البريطانيين، چون وسوزان كوبر، التي أحدثت جدلا عالميا، أعلن النائب العام المصري المستشار نبيل صادق، أن تشريح الجثمانين يشير إلى أن أسباب الوفاة هي بكتيريا الإيكولاي "E-coli"، مؤكدا أنه لا يوجد على جثماني الاثنين أي إصابات أو علامات تفيد بحدوث عنف.

وأظهرت الفحوصات الطبية، في تقرير الطب الشرعي، أن وفاة الزوج نجمت عن "نزلة معوية حادة وشديدة تسببت فيها الإصابة ببكتيريا أيكولاي، وما صاحبها من إسهال وقيء واختلال في مستوى الأملاح بالدم"، وأن وفاة الزوجة جاءت بسبب إصابتها بنوع البكتيريا نفسها "كونها كانت مقيمة في الغرفة نفسها ولازمت زوجها في التنقل وتناول الطعام"، بحسب بيان صادر النائب العام.

"إيكولاي".. نوع من البكتيريا التي توجد في القناة الهضمية للإنسان، والحيوانات ذات الدم الحار، ولها أنماط عديدة أغلبها غير ضار، إلا أن بعضها مثل النمط "EHEC"، يمكن أن يسبب أمراضا خطيرة تنتقل عبر الغذاء، ويتفرع من هذا النمط، نمط فرعي هو "إي–كولاي أو "157: إتش 7" وهُو الأكثر تأثيرًا على الصحة العمومية.

ويمكن لهذا النوع أن ينمو في درجة حرارة تتراوح بين 17 إلى 50 درجة مئوية، أما درجة الحرارة المثالية لنموها فهي 37 درجة مئوية، وفقًا لتقرير سابق لمنظمة الصحة العالمية أصدرته في يونيو 2011، في أعقاب وفاة أكثر من 30 شخصا في ألمانيا بسببها، ومرض 1800 آخرين في أنحاء أوروبا.

وأكدت المنظمة أن ظهور تلك النوع من البكتريا يرتبط بالظروف السيئة للنظافة الشخصية وللطعام، موضحة أنه في بعض الحالات خصوصًا بين الأطفال والكبار في السن لضعف المناعة، يمكن أن تؤدي العدوى إلى أعراض تهدد الحياة مثل الفشل الكلوي والأنيميا وانخفاض عدد الصفائح الدموية.

وفي أعقاب تلك الواقعة، تداولت وسائل الإعلام خبر تحقيق علماء صينيين وألمان، إنجاز كبير باكتشافهم جانبا من سر البكتيريا الغامضة التي حيرت العلماء والأطباء في مختلف أنحاء العالم، وقالوا إن السر يكمن في أن "الإيكولاي" مزدوجة التركيب، وأنها تتكون من جزأين مختلفين تماما من البكتيريا معا، وهو ما يفسر شراستها وعدم استجابتها للعلاج، الذي كان يتركز على جانب واحد من تركيبة البكتيريا المزدوجة باستخدام المضادات الحيوية.

وفي أكتوبر 2010، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن هذا النوع من بكتيريا "إيكولاي" نادر جدا ولم يسبق أن تسبب في انتشار أوبئة، موضحة أنها توجد في القناة الهضمية للإنسان والحيوانات، وبعضها يمكن أن يسبب أمراضا خطيرة تنتقل عبر الغذاء، سواء بعد تناول اللحوم غير المطهية، أو أكل الخضروات المزروعة في الأراضي الملوثة.

لا تُرى "إيكولاي" بالعين المجردة مثل كل أنواع البكتيريا، ويبلغ طولها 2 ميكرون "جزء من مليون جزء من المتر"، وقطرها 0.5 ميكرون، ويبلغ حجمها 7 ميكرون مكعب، وتعيش بصورة طبيعية في أمعاء الجهاز الهضمي للإنسان والثدييات، وتستوطن الأمعاء في الأيام الأولى للحياة من أيدي المحيطين بالوليد.

وفي السياق نفسه، قال المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومراقبتها، إنه تعرف على البكتيريا التي أثارت فوضى في أوروبا بذلك العام، وأنها نسخة نادرة لبكتيريا "إيشيريشيا كولاي 0104 إتش 4"، التي اكتشفت بواسطة طبيب الأطفال الألماني "إشريك تيودور" عام 1885، وسُميت بهذا الاسم نسبة لاسم المُكتشف، ولوجودها في القولون، حيث تلتصق بالأمعاء الغليظة وتؤثر على الدم والكليتين، وأحيانا على الجهاز العصبي المركزي.

وتعتبر أعراض الإصابة بتلك البكتيريا، هي تقلصات في البطن وإسهال وإسهال مدمٍ وقيء وحمى، وفترة الحضانة لها تتراوح بين 3 إلى 8 أيام، ويتماثل المريض للشفاء في نحو 10 أيام، إلا أنه في نسبة قليلة من المرضى خصوصًا الأطفال الصغار وكبار السن، تؤدي إلى الوفاة.

من ناحيتها، أصدرت منظمة الصحة العالمية 5 توصيات للوقاية من الإصابة ببكتيريا "إيكولاي"، على رأسها الحفاظ على النظافة الشخصية بغسل الأيدي، والفصل بين الطعام النيئ والمطبوخ لمنع انتقال البكتريا للطعام الجاهز، كذلك طبخ الطعام جيدًا والحفاظ عليه في درجة حرارة آمنة لمنع فساده، مع الحرص على استخدام مياه الشرب والأدوات غير الملوثة.

وأشارت إلى أن الأبقار والجمال هي المصدر الرئيسي لتلك البكتريا، والتي تنتقل إلى الإنسان عن طريق الأطعمة، خصوصًا منتجات اللحوم التي لا يتم طهيها جيدا، والألبان، والمياه المختلطة بالفضلات الملوثة، بالإضافة إلى انتقالها في أثناء إعداد الطعام، من اللحوم الملوثة إلى الأسطح وأدوات الطعام، إلا أن الطهي الجيد للطعام بدءًا من درجة حرارة 70 مئوية يقتل هذه البكتيريا، بشرط تعرض كل أجزاء الطعام لدرجة الحرارة نفسها.

وتابعت أنه للوقاية أيضا يجب اتخاذ إجراءات مكافحة في كل مراحل السلسلة الغذائية، بدءا من مرحلة الزراعة إلى التصنيع إلى إعداد الطعام، بالإضافة إلى تطهير المياه في حمامات السباحة.

ولـ"إيكولاي" تاريخ سيء للغاية في العالم، حيث إن إحدى سلالاتها المُسببة للنزيف المعوي، كانت السبب في إصابة أكثر من 737 حالة إصابة بالتسمم الغذائي في أوروبا في الفترة من عام 1971 إلى 1986، وتعرضت أمريكا للأزمة نفسها بسبب "إشريشيا كولاي" مرتين في الفترة من 1970 إلى 1982، وفي المدة من 1983 إلى 1993 ظهرت الإصابة 11 مرة نتيجة تناول ألبان خام ومنتجات ألبان مُصنعة من لبن خام ومُلوثة بـ"إشريشيا كولاي" المُسببة للإسهال، بحسب موقع "بي بي سي".


مواضيع متعلقة