مساهمات «أهل الخير».. تنقذ حياة آلاف المرضى فى المنشآت الحكومية

كتب: سارة صلاح

مساهمات «أهل الخير».. تنقذ حياة آلاف المرضى فى المنشآت الحكومية

مساهمات «أهل الخير».. تنقذ حياة آلاف المرضى فى المنشآت الحكومية

رغم قلة الميزانية المخصصة للمستشفيات الحكومية واعتماد بعضها على التبرعات التى تدخل خزانتها بين الحين والآخر، إلا أنها قادرة على محو آلام الآلاف من المرضى الذين يقصدون بابها أملاً فى الشفاء، والجنيه الذى يتم التبرع به لصالح هذه المستشفيات يمكن أن يساهم فى علاج مرضى لم تمكنهم ظروفهم المادية من تحمل تكلفة العلاج، فمن خلال هذه التبرعات تتمكن المستشفيات من تحسين خدماتها، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة، بجانب شراء أجهزة طبية حديثة تخفف من آلامهم.

«الوطن» تجولت داخل أكثر من مستشفى حكومى، واستمعت إلى حكايات المواطنين الذين يأتون إليها خصيصاً من مختلف المحافظات لتلقى العلاج فيها، ومنهم من سبق له دخولها وتحسنت حالته الصحية فيها.

على بعد خطوات من بوابة مستشفى أبوالريش للأطفال، بمنطقة السيدة زينب، جلس «محمد أبوسريع»، 58 سنة، موظف بإحدى الشركات الخاصة، ترافقه زوجته وابنه الأكبر الذين جاءوا ليتبرعوا بالدم لحفيده الذى لم يكمل عامه الثانى، حتى يتمكن من إجراء عملية «الفتاق» له، إذ لا بد من توفير نصف كيلو دم للمريض قبل إجراء العملية، بحسب تعليمات المستشفى.

{long_qoute_1}

يقول «محمد» إنه جاء بمفرده للمستشفى قبل يومين للتبرع بالدم لكن بسبب حالته الصحية لم يتمكن من ذلك، ما دفعه إلى الاستعانة بأسرته أملاً فى توفير الدم المطلوب.

لم تكن تلك المرة الأولى التى يتوجه فيها الرجل الخمسينى إلى مستشفى «أبوالريش»، فقبل 3 سنوات عانت حفيدته من جفاف شديد وتوجه بها إلى مستشفى فى الحوامدية نظراً لقربه من مسكنه، وبعد الكشف عليها فى قسم الاستقبال والطوارئ تم احتجازها لتلقى العلاج الذى كان يقتصر على وضعها تحت المياه الساخنة فقط، على حد قول «محمد»، وبعد مرور 4 أيام على وجودها داخل المستشفى نصحته إحدى الممرضات بالذهاب بها إلى مستشفى «أبوالريش»: «أخدتها ورحت المستشفى الساعة 11 بالليل قابلتنا دكتورة ربنا يبارك لها، أول ما شافتها أخدتها من إيديها، وطلبت منى محاليل معينة، وفضلت معانا لحد الفجر، لأن ماكانش فيه عروق ظاهرة للطفلة، وحجزوها 8 أيام هنا ماقصروش فيهم فى علاجها».

الاهتمام بالأطفال داخل المستشفى دفع «محمد» إلى الذهاب بحفيده الثانى إليه بمجرد أن شعر بالتعب، ورغم أن إدارة المستشفى أخبرته بأن عليه الانتظار لمدة شهرين حتى تتاح له الفرصة لإجراء العملية، إلا أنه وافق لسببين يوضحهما الرجل الخمسينى، قائلاً: «الخدمة هنا جيدة لأنها مخصصة للأطفال، وكل يوم بتيجى عليهم حالات مشابهة لحالة حفيدى، فالأطباء بقى عندهم خبرة كبيرة تخلينى أسلم لهم حتة منى وأنا مطمن، بجانب إنى مش هدفع فى العملية جنيه من جيبى».

أمام شباك التذاكر المخصص للسيدات بمستشفى الحسين الجامعى، وقفت العشرات من السيدات فى طابور طويل لقطع تذكرة الكشف فئة 5 جنيهات، من بينهن «منال محمود»، 28 عاماً، التى تقول إنها جاءت من منطقة قليوب، التابعة لمحافظة القليوبية، منذ ساعات الصباح الأولى للكشف على ابنتها التى تشكو من آلام فى معدتها بصفة مستمرة، مضيفة: «فى شبرا فيه مستشفيات كتير لكن اللى بيدخلها مابيخرجش منها سليم، ده غير الزحمة، لكن هنا على الأقل فيه طوابير ونظام، ولما تاخد رقم بتبقى عارف إمتى دورك».

وعن اختيارها لمستشفى «الحسين» بالتحديد رغم بُعده عن مسكنها، توضح «منال» أن لديها تجربة سابقة داخل هذا المستشفى، فوالدتها قامت أكثر من مرة بمسح ذرى على عضلة القلب لتوسيع شرايين القلب بدلاً من إجراء عمليات جراحية، وتحسنت حالتها الصحية فيها: «أكتر من دكتور رشح لنا المستشفى هنا عشان نعمل فيها مسح بالليزر على القلب وكانوا بيقولوا لنا إن الجهاز فيها حديث بس المشكلة إننا هننتظر، لكن لما جينا فى أقل من شهر عملته من غير ما تحس بأى وجع، والحمد لله حالياً صحتها بقت أفضل».

على أحد الأرصفة المجاورة لقسم الاستقبال بمستشفى «الصدر» بالعباسية، افترشت «سيدة محمد»، 48 سنة، الأرض، منتظرة مجىء بعض أقاربها لزيارة شقيقها الأكبر «أحمد» الذى تم احتجازه بالمستشفى منذ 3 أيام بعد إصابته بحساسية شديدة على صدره.

تقول «سيدة» إنهم جاءوا للمستشفى بناءً على تعليمات طبيب أكد لهم أنه يتوافر فيه كافة الأجهزة التى يحتاجها فى علاجه، بجانب الأدوية.

{long_qoute_2}

لم يتوقف الأمر عند المبادرات الفردية فحسب، ففى منطقة المنيرة قرر مجموعة من الشباب مساعدة المرضى فى عدد من المستشفيات، فقاموا معاً بأنشطة خير متنوعة. «توفير مستلزمات وأسرة للمستشفيات»، و«التبرع بالدم»، و«توزيع وجبات على المرضى وذويهم»، جميعها أعمال خيرية يقوم بها «معتز»، أحد المتبرعين، بمساعدة أصدقائه، إذ اعتادوا منذ سنوات طويلة جمع مبالغ من بعضهم لخدمة المرضى وذويهم حتى اشتهروا بمنطقتهم بالمنيرة وما يحيطها من مناطق أخرى، يقول إن فكرتهم بدأت بعمل وجبات وتوزيعها على أهالى المرضى أمام المستشفيات المحيطة بمنطقتهم ومن بينها مستشفى أبوالريش للأطفال وقصر العينى: «كنا فى رمضان بنشوف أهالى مرضى قاعدين قدام المستشفيات وقت الأذان بدون أكل ولأن أغلبهم مغتربين فكرنا إننا نوفر لهم فطار ونوزعه عليهم، بدأنا فى أول الشهر بـ20 وجبة حتى وصلنا لـ50 وجبة»، ثم اتجهوا بعد ذلك إلى توزيع هذه الوجبات داخل المستشفيات باتفاق مع إدارة المستشفيات وعدم الاكتفاء بالوقوف أمامها.

لم يقتصر نشاطهم على توزيع وجبات للمرضى وذويهم، إنما يقومون أيضاً بجمع مبالغ مالية من بعضهم طوال العام لتوفير ما يحتاجه المستشفى من مستلزمات طبية أو أسرة، فضلاً عن توفير أكياس دم وأطراف صناعية للمرضى: «لينا قهوة فى المنيرة بنقعد عليها على طول فلما حد بيحتاج حاجة بييجى لينا وبنساعده لأن فيه أدوات طبية غالية والمرضى مش بيقدروا على تمنها لكن إحنا بنتفق مع أصحاب المحلات إننا ناخدها جملة وبنوفرها لهم»، لافتاً إلى أنه أسس صفحة على موقع التواصل الاجتماعى «الفيس بوك» باسم «جدعان فى الخير» لتوسيع نشاطهم وجذب المواطنين للتبرع لمساعدة المرضى.


مواضيع متعلقة