القيادى بـ«فتح»: هناك لقاءات سرية جرت مؤخراً بين «حماس» وممثلين عن إسرائيل وقدمت «الحركة» تنازلات لم تكن «تل أبيب» تحلم بها

كتب: سيد جبيل

القيادى بـ«فتح»: هناك لقاءات سرية جرت مؤخراً بين «حماس» وممثلين عن إسرائيل وقدمت «الحركة» تنازلات لم تكن «تل أبيب» تحلم بها

القيادى بـ«فتح»: هناك لقاءات سرية جرت مؤخراً بين «حماس» وممثلين عن إسرائيل وقدمت «الحركة» تنازلات لم تكن «تل أبيب» تحلم بها

قال السفير حازم أبوشنب، المتحدث باسم حركة «فتح»، إن هناك مصالح مشتركة بين إسرائيل و«حماس»، فإسرائيل تسعى لتقوية الحركة لإضعاف السلطة الفلسطينية حتى يتبخّر الحل السياسى، ويظل الاحتلال قائماً، و«الحركة» تريد الانفراد بحكم غزة، تحقيقاً لرغبة «التنظيم الدولى» فى حكم أى بقعة على وجه الأرض، اعتقاداً منهم أن هذه ستكون بداية رحلة «التمكين».

وأكد أن هناك لقاءات سرية جرت مؤخراً بين «حماس» وممثلين عن دولة الاحتلال، وقدّمت الحركة تنازلات لم تكن تل أبيب تحلم بها.

{long_qoute_1}

وأضاف «أبوشنب»، فى حواره لـ«الوطن»، أن «صفقة القرن» الأمريكية تبدو لنا كلاماً لناس هبطوا من المريخ لا يعرفون شيئاً عنا، ومجرد مناقشتها يعنى أن محصلة 820 قراراً دولياً عن فلسطين منذ عام 1947 تساوى صفراً. وأوضح أن «المجتمع الدولى ينتقل الآن إلى نظام عالمى جديد، وما يجرى فى الشرق الأوسط هو تقاسم نفوذ بين القوى المختلفة والقضية الفلسطينية ليست أولوية لهم الآن».. وإلى نص الحوار:

بداية، ماذا يجرى على الساحة الفلسطينية؟

- ما يجرى على الساحة الفلسطينية مرتبط بما يجرى فى العالم، فنحن فى مرحلة عنق زجاجة ناتجة عن صدام بين القوى الدولية التى تسعى لتقاسم مناطق النفوذ فى العالم، ومنها منطقة الشرق الأوسط. وفى هذا السياق تعمد الإدارة الأمريكية إلى إسقاط القضية الفلسطينية من أجندتها الخارجية، لأنها لا تمثل أولوية. وهذا لا يرجع لشخص «ترامب»، كما يعتقد البعض، وإنما هى سياسة أمريكية مرسومة من المؤسسات الأمريكية، وهو فقط ينفذها.

وكيف يُسقط القضية الفلسطينية؟

- هناك ثوابت للقضية الفلسطينية، وهى الأرض، أى الحدود، والإنسان، أى اللاجئين، والقدس. والإدارة الأمريكية أرادت نسف كل هذه الثوابت. فـ«ترامب» قال إن القدس لم تعد مطروحة على مائدة المفاوضات. ونحن نقول له لا مائدة للمفاوضات من الأساس طالما القدس لا تتصدّر قضايا المفاوضات من أساسها. ثم أقر بشرعية المستوطنات على أراضينا، وهذه المستوطنات تمثل 60% من مساحة الضفة الغربية والـ40% المتبقية تريد إسرائيل أن تبقى عليها للفلسطينيين فى شكل كانتونات صغيرة مقطعة، وليست بقعة واحدة متصلة من الأرض. ثم قال لقضية اللاجئين «باى باى»، لأنه لا يعترف بحق العودة، مهدراً بذلك حقوق نحو 6 ملايين فلسطينى يعيشون فى الشتات.

هو لم يقل علناً إنه لا يعترف بحق العودة؟

- هو تجاوز الكلام علناً وسراً، وترجم قناعته فى شكل قرار عندما ألغى مؤخراً إجمالى مخصصات الولايات المتحدة البالغة 360 مليون دولار لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وبالمناسبة هذه المخصصات ليست منّة من أمريكا، وإنما التزام دولى أمام الأمم المتحدة، واعتراف من المجتمع الدولى بأن نكبة فلسطين مسئولية دولية. {left_qoute_1}

ولماذا تعتقد أن القضية الفلسطينية ليست أولوية الآن لدى المجتمع الدولى والإدارة الأمريكية؟

- ما يجرى الآن من صراع فى منطقة الشرق الأوسط، كما قلت لك، هو فى جوهره تفاهمات بين القوى الدولية للاتفاق على «سايكس بيكو» جديدة، أى إعادة تقسيم المنطقة بشكل يعكس نفوذ القوى المختلفة فى ظل نظام عالمى قائم يأفل.. ونظام عالمى جديد فى طريقه إلى النور. وفى المراحل الانتقالية الكبيرة قضايا من نوعية الصراع العربى الإسرائيلى لا تمثل أولوية، إذ يجب حسم مناطق النفوذ أولاً، وهذا يستغرق سنوات.

ومنذ متى -فى تقديرك- بدأت هذه الفترة الانتقالية؟

- منذ سنوات. وما سُمى بـ«الربيع العربى» لم يكن ربيعاً، وإنما كان جزءاً من تغيير سياسى ناتج عن رغبة دول كبرى فى تقاسم المصالح، ومن بينها الصراع على مصادر الطاقة، وعلى رأسها الغاز. وراقب ما يجرى الآن وتابع كم جيشاً يوجد فى البحر المتوسط، أحدثها الجيش الروسى، حتى تدرك ما أقول. ورأيى الذى أقوله منذ عام 2009 إن نفوذ الولايات المتحدة يأفل، ونتيجة إدراك دول العالم لهذه الحقيقة حدثت تطورات كثيرة، منها أن روسيا التى تراقب ما يجرى هبطت بالباراشوت على سوريا فى عام 2015، واتخذت من أحميم قاعدة عسكرية لحماية مصالحها بالقوة، وسارعت الصين للإعلان عن مبادرة الحزام والطريق. وهذه المبادرة تعنى أن الصين موجودة من خلال هذا المشروع الضخم والمصالح الاقتصادية الهائلة التى طبعاً ستحميها بقوة السلاح إن تطلّب الأمر ذلك. وهناك قوى أخرى تتحرك على الأرض مثل بريطانيا، اللاعب الخفى فى كثير من قضايا المنطقة، التى لا تريد أبداً أن تنسى أنها قوة عظمى وتسعى لحماية مصالحها فى الشرق الأوسط.

{long_qoute_2}

لماذا تعارض السلطة الفلسطينية مساعى التهدئة بين «حماس» وإسرائيل؟

- لأن «حماس»، الراغبة فى هذه التهدئة، قدمت لإسرائيل تنازلات لم تكن «تل أبيب» تحلم بها. وللأسف نخشى أن تصبح هذه التنازلات هى الأرضية التى تتعامل بها إسرائيل مع الجانب الفلسطينى.. وهناك تفاهمات تمت خلال الشهرين الأخيرين بين جماعة الإخوان و«حماس» من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى للوصول إلى هذه التهدئة، بمباركة بعض الأطراف الدولية والإقليمية. والأخطر أن «حماس» تسعى لأكثر من ذلك، وهو تنظيم العلاقة مع دولة الاحتلال. وهناك لقاءات مباشرة سرية جرت بين «حماس» وممثلين عن دولة الاحتلال الإسرائيلى لوضع النقاط على الحروف. لكن ضمانات تنفيذ هذا الاتفاق غير مرضية لسلطات الاحتلال الإسرائيلى، إضافة إلى أنه فى الأعراف الدولية الاتفاقات تتم بين دول أو بين دولة وجهة شرعية تمثل دولة أو سلطة لدولة تحت الاحتلال، وكل هذا لا ينطبق على «حماس»، فلا هى دولة ولا هى ممثل شرعى لفلسطين.

ما هدف «حماس» من هذه التهدئة؟

- «حماس» لها عدة أهداف، منها ضمان سلامة قادتها من أى استهداف، ومنها أيضاً، طبقاً لقرار التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، وضع يدها على أى بقعة جغرافية تسيطر عليها وتصنع عليها كياناً يمكن أن يتحول إلى دولة. هذا هدف جماعة الإخوان الذى تقوم بتنفيذه «حماس»، ما يعنى أن «حماس» لم تفك الارتباط بالجماعة كما زعمت فى الوثيقة التى أعلنت عنها فى أبريل 2017. وكان هذا الإعلان أحد شروط نجاح المصالحة بينها وبين «فتح» وكل الشعب الفلسطينى، وبالمناسبة أنا قلت يومها إنهم غير صادقين، ولا يمكن أن يفكوا ارتباطهم بجماعة الإخوان، أو على الأقل فى الظرف الحالى.

لكن منطق «حماس» أن التهدئة ضرورة لتخفيف معاناة الناس فى قطاع غزة؟

- هذا هو ما تقوله «حماس» فيما لا تمارسه، فسوء أداء «حماس» الإدارى والمالى، وعلى كل الصعد، جعلهم فى سياق الأداء الإسرائيلى نفسه الظالم تجاه أبناء قطاع غزة، بينما هى تصور الإجراءات التى تتخذها السلطة الفلسطينية فى القطاع على أنها عقوبات لحشد الرأى العام معها. لكن ما تسعى إليه «حماس» حقيقة هو الانفراد بحكم غزة لسببين، الأول ذكرته لك، وهو تحقيق رغبة التنظيم الدولى لجماعة الإخوان فى حكم أى بقعة على وجه الأرض، اعتقاداً منهم أن هذه ستكون بداية رحلة «التمكين»، والسبب الثانى أنها تستطيع حلب القطاع، فالنفَس الذى يتنفسه الناس هناك تحصل «حماس» على «فلوس» فى مقابله. أضف إلى ذلك أن هناك دولاً وعدت «حماس» بدعم مالى إن تمت هذه الخطوة التى ترغب بها حكومة المتطرفين فى إسرائيل والولايات المتحدة.

وما هدف إسرائيل؟

- منع الوصول إلى حل سياسى يؤدى إلى دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس وإعادة الحقوق الوطنية إلى شعبنا المناضل، لذلك تريد سلطات الاحتلال الإسرائيلى إضعاف حركة «فتح» وتفتيتها، لأن مشكلتها الحقيقية مع «فتح». ومن أهم أهدافها إحداث خلافات وانقسامات داخلية فلسطينية حتى تسهّل على نفسها هذا الهدف. ومن هذا الباب عتبنا على «حماس» التى ما زالت خارج مربع الوحدة الوطنية، وتصر على حالة الانقسام. نحن نريد من «حماس» مغادرة هذا الفيلم المبرمج. {left_qoute_2}

كيف؟

- الأمريكان اتفقوا مع «الإخوان» على تفتيت المنطقة من خلال ما سُمى بثورات الربيع العربى، وتستطيع أن تحسب بالورقة والقلم حجم الدمار الذى لحق بالمنطقة منذ 2010 وحتى الآن.. ومعظم تلك الاضطرابات كانت بدعوى أن الأنظمة العربية وقتها كانت عميلة للأمريكان. فماذا حدث بعد هذا الربيع المزعوم؟ وماذا فعل رموز حكم «الإخوان»؟ ألم يتسابقوا لكسب ود الأمريكان؟ عدد محدود جداً من البلاد العربية ذات البعد القومى نجت من هذه المهزلة. وانظر إلى النموذج المصرى مثلاً الذى تصدى لهذه المهزلة ويعمل للبناء والتطوير، وتعيد قيادته السياسية صياغة علاقاتها الدولية وتنسج خيوطاً مع الصين وغيرها، سعياً إلى تحقيق مكاسب جديدة من مشروع «الحزام والطريق»، ولتكون مصر ركناً من أركان طريق الحرير. مصر تجنى اليوم ثمار سنوات من العمل الدءوب والمخلص.

لكن «حماس» نجحت، لأنها تبنّت فكرة المقاومة فى الوقت الذى كانت فيه «فتح» ترفع شعار التفاوض ثم التفاوض للأبد؟

- هذا كلام غير صحيح.. «فتح» تعمل بالسياسة والمقاومة معاً، و«فتح» هى التى تقود المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلى وتنتهج أساليب مختلفة باختلاف الأزمنة والمعطيات والظروف، أما كلام «حماس» عن المقاومة فدون أثر يمكن ملاحظته على الساحة السياسية.

وهناك بروباجندا إسرائيلية فحواها أنهم يخافون من «حماس»!! سعياً لتعزيز شعبية «حماس» فى الأوساط الفلسطينية وغيرها.. والهدف هو إذا ما تعزّزت شعبية «حماس»، فيجب أن تضعف منظمة التحرير الفلسطينية، ويتبخّر الحل السياسى لقضية فلسطين. بصراحة أقول: عدو إسرائيل هو التيار الوطنى الفلسطينى بقيادة «فتح» ومنظمة التحرير.

هل يتعرض «أبومازن» لما تعرّض له الرئيس ياسر عرفات فى سنواته الأخيرة التى حوصر خلالها؟ ولماذا؟

- نعم، المقارنة قائمة، فحصار الرئيس عرفات كان هدفه الإجهاز عليه جسدياً بعد فشلهم فى اغتياله سياسياً بحكم علاقاته الواسعة شعبياً ورسمياً وعربياً ودولياً، فيما حصار الرئيس عباس يأتى بسبب نجاحه فى كسب الرأى العام وكسب الاعترافات الدولية وتجريم الاستيطان وسياسة القتل والتدمير والتجريف. وكلاهما تعرّض لما تعرّض له بسبب ثباتهما فى مواقفهما السياسية على الثوابت الوطنية الفلسطينية التى لن يتنازل عنها أحد من الشعب الفلسطينى.

{long_qoute_3}

ما استراتيجيتكم كسلطة لمواجهة الموقف الحالى؟

- سياسة «فتح» والسلطة تقوم على استيعاب واحترام جميع الفصائل والتواصل معهم بما فيها «حماس» رغم كل خطاياها. ومن وجهة نظرى أن القوى على الساحة الفلسطينية نوعان: قوى دينية؛ وهى «حماس والجهاد»، وأما باقى القوى والفصائل فهى سياسية، وكلها مطالبة بالوحدة الوطنية الداخلية لمواجهة المخاطر والتحديات التى أساسها الاحتلال الإسرائيلى وظلم المجتمع الدولى. وكذلك مطلوب من الجميع الانخراط فى العمل السياسى والوطنى بجميع مستوياته وأنواعه المقاوم للاحتلال والساعى إلى التحرر والاستقلال. ومن هذا الباب نحن نريد أن نأخذ بأيدى من ضل الطريق بسرعة أكبر وبخسائر أقل جداً، لأن الوقت ليس فى صالح الشعب الفلسطينى الذى يدفع ثمناً باهظاً، نتيجة انقسام مبرمج، أهدافه بعيدة عن أهدافنا الوطنية.

كيف تؤثر الخلافات داخل منظمة فتح فى قدرتها على إدارة كل هذه التحديات؟

- لا توجد أى خلافات داخل فتح مطلقاً، فحركة فتح قرارها واحد، ومؤسساتها واحدة ومعروفة.

ما صفقة القرن التى وصفها «أبومازن» بأنها صفعة القرن؟

- هى محاولة أمريكية إسرائيلية لتصفية القضية، وكل مرة جاء فيها مسئولون أمريكيون يتحدثون معنا عن هذه الصفقة غادرنا الغرفة، مع العلم أننا لم نتلقَّ أى مقترحات رسمية مكتوبة، وإنما مجرد تصورات لحلول تبدو لهم منطقية وتبدو لنا كلاماً لناس هبطوا من المريخ ولا يعرفون شيئاً عنا، ومجرد القبول بمناقشة هذه المقترحات يعنى أن محصلة الـ820 قراراً دولياً عن فلسطين منذ عام 1947، وإلى الآن تساوى صفراً.

هل هناك أمل؟

- طبعاً هناك أمل رغم كل الظروف الصعبة، فنحن واثقون أن دولة فلسطينية ستعود لتقوم مرة أخرى والقدس عاصمتها، واللاجئون الفلسطينيون سيعودون إلى أراضيهم وبيوتهم ومزارعهم، وسوف نظل نعلّم أولادنا أن هذه الأرض لنا وليست لهم. وستظل فلسطين هى قضية العرب والمسلمين المركزية، لأن القدس هى بوابة الأرض إلى السماء، لذلك أسرى الله بنبيه محمد من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى. وحين يخرج علينا من يقول إن حائط المبكى هو لإسرائيل نقول له: «لا تنطق كفراً سياسياً وعقائدياً»، نحن سياسيون نعم، لكننا مسلمون موحدون، ولم نغادر «مربع الله» سبحانه وتعالى.


مواضيع متعلقة