أسرار «بيزنس» ابن رئيس الوزراء التركى فى إسرائيل و«العلاقة الوثيقة» بين «أردوغان» وأستاذه اليهودى

أسرار «بيزنس» ابن رئيس الوزراء التركى فى إسرائيل و«العلاقة الوثيقة» بين «أردوغان» وأستاذه اليهودى
كيف وصلت أمريكا بسجين سابق، وسياسى فاسد، ومدبر لانقلاب على رئيسه الشرعى المنتخب، و«أراجوز» سياسى يلعب على كل الحبال، اسمه «رجب طيب أردوغان»، إلى رأس السلطة السياسية فى دولة إقليمية كبرى مثل تركيا؟
وما حقيقة الأخ «رجب طيب أردوغان»؟ هل هو مجرد «صنم» أو «عجل صفيح» صنعه مجاذيب الإخوان، ليطوفوا حوله ويعبدونه، وهو لا يملك لهم ولنفسه لا ضراً ولا نفعاً.
لسنوات طويلة، ظلت أبواق الإخوان تروج لأسطورة «خليفة المسلمين الجديد»، رجل كل العصور الذى وقف فى وجه أمريكا ليفرض كرامة بلاده، ويبصق فى وجه إسرائيل ويعلمها الأدب.
«أردوغان»، مجرد أكذوبة تضاف لأساطير الإخوان، تلك الأساطير التى جعلت من «محمد مرسى» إماماً للرسول الكريم عند أهل «رابعة»، وجعلت من مبتكر شعار «رابعة» نبياً مرسلاً، رغم أنه فى الواقع، مجرد سجين سابق دخل عنوة للساحة السياسية التركية، مثل محمد مرسى أو خيرت الشاطر، أنشأ حزبه، «العدالة والتنمية»، بدعم وضغط أمريكى فج، يتشابه مع ضغط الإدارة الأمريكية لإنشاء حزب «الحرية والعدالة» بعد الثورة، وبعلاقات وطيدة مع رجل المخابرات وسفير واشنطن السابق فى أنقرة «مورتون إبراهاموفيتش».
«الوطن» تنشر الملف الأسود لـ«أردوغان»، وتفاصيل علاقاته المشبوهة مع واشنطن واللوبى اليهودى، وصفحات مجهولة من فساده وانحرافه المالى والسياسى.. وإلى التفاصيل.
مرة واحدة، خرس فيها أردوغان أمام المعارضة التركية فى البرلمان ولم يستطع النطق، كانت هذه المرة عندما واجهته المعارضة ببيزنس ابنه أحمد مع إسرائيل.
هذا الزعيم الإخوانى الذى اكتسب شهرة واسعة فى أروقة البرلمان التركى بوصفه رئيس الحكومة الذى «يلتهم معارضيه أحياء»، بسبب عنف ردوده ولسانه الحاد، وأنه من الأفضل ألا يقدم أحد النواب استجوابا ضده حتى لا يسمعه ما لا يرضيه ولا يليق. «أردوغان» الذى لم يدخل أى نقاش برلمانى إلا ليكسبه ويحقق مزيدا من النقاط لدى الجماهير بلغته الخطابية البليغة وأدائه المسرحى الفخم ونبراته القوية، فقد النطق والمنطق والرد والحجة، عندما وجهت إليه المعارضة ضربة ثلاثية لنقاط ضعفه الثلاث: البيزنس، وابنه، والعلاقة مع إسرائيل.[SecondQuote]
كانت العلاقات الوطيدة بين تركيا وإسرائيل، التى شهدت تحالفات عسكرية لم يسبق لها مثيل فى تاريخ تركيا فى عهد أردوغان، على الرغم من كل الصراخ الذى يعلن به تأييده للقضية الفلسطينية، قد وصلت إلى واحدة من أكثر محطاتها توترا، بعد حادث السفينة «مرمرة» فى 31 مايو 2010، الذى أدى إلى مقتل 9 مواطنين أتراك وإصابة ما يزيد على 50، كانوا فى طريقهم ضمن لجنة إغاثة تركيا إلى غزة لكسر الحصار الإسرائيلى المفروض عليها، وتعاملت إسرائيل مع السفينة «مرمرة» بالرصاص الحى والغاز، متسببة فى أزمة سياسية عنيفة بينها وبين الحليف التركى.
أفسدت إسرائيل بحادث السفينة «مرمرة» المسرحية التى كان أردوغان يريد تقديمها أمام العالم الإسلامى باعتباره القائد الوحيد الذى يجرؤ على كسر الحصار الإسرائيلى المفروض على غزة، وقتها، خرج أردوغان متوعدا وملوحا بأصابعه كلها، يطالب إسرائيل بالاعتذار علنا عن حادث السفينة ومطالبا إياها بدفع تعويضات لأهالى الضحايا، وكأن المال هو كل ما يعنيه، بل إن رئيس الوزراء التركى اعتبر وقتها أن الهجوم الإسرائيلى على أسطول الحرية، كان «سببا كافيا لاندلاع حرب»، وخفضت تركيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل وأوقفت العمليات التجارية فى مجال الدفاع، بعد أن أكدت إسرائيل رفضها الاعتذار عن الهجوم على السفينة مرمرة، فيما دعت واشنطن حليفتيها إسرائيل وتركيا إلى ضبط النفس.
كانت بداية التوتر بين أردوغان وإسرائيل، قبل ذلك بعام، ففى عام 2009، قاطع رئيس الوزراء الإسرائيلى «شيمون بيريز» كلمة «أردوغان» فى منتدى داڤوس بسويسرا لتبدأ بعدها فترة احتقان فى العلاقات الإسرائيلية التركية. وبعد الغارة الإسرائيلية على السفينة مرمرة، بدا أن العلاقات العسكرية مع إسرائيل قد انتهت، إن لم تنقطع العلاقات التجارية أيضاً، بعد أن أعلن أردوغان تعليق العلاقات التجارية والعسكرية والتصنيع العسكرى المشترك، مع إسرائيل، وحذر أيضاً رجال الأعمال من التعاون مع تل ابيب.
لكن، كان للمعارضة التركية فى البرلمان رأى آخر فى مسرحية «أردوغان» التى يتظاهر فيها بدعم الفلسطينيين بوصفه «الزعيم المسلم الوحيد القادر على الوقوف فى وجه العدو الصهيونى» كما يروج لنفسه، فقد وقفت نائبة حزب الشعب الجمهورى المعارض، أمينة أولكر طرخان، لتواجه أردوغان بتصريح ابنه أحمد براق بأن «العلاقات التجارية لسفنه وعبّاراته فى إسرائيل ما زالت مستمرة» على الرغم من مطالبة والده لرجال الأعمال الأتراك بإنهاء تعاملاتهم مع إسرائيل بعد حادث السفينة مرمرة.
ونقلت صحيفة «سوزجو» التركية عن النائبة المعارضة سؤالها: هل أحمد أردوغان مُستثنى من الحظر التجارى؟ وطلبت من رئيس البرلمان استجواب رئيس الوزراء حول التقارير التى تؤكد أنه بعد أزمة السفينة مرمرة، وتصريحات رجب أردوغان بقطع العلاقات التجارية والعسكرية مع إسرائيل، استمرت شركة الشحن المملوكة لابنه براق أردوغان فى التعامل مع إسرائيل، وظلت السفينة «سفران» تواصل رحلاتها إلى موانئ إسرائيل وتستمر فى أنشطتها التجارية هناك.[ThirdQuote]
ويمكن القول إن «أحمد براق أردوغان» من الوجوه الغامضة فى تركيا، على الرغم من أنه اسم معروف فى مجتمع البيزنس والسياسة التركى بحكم منصب والده، ومن الصعب للغاية أن تجد معلومات فى وسائل الإعلام التركية تتحدث عن ابن أردوغان، وإن كان البعض يشيرون إلى أنه رقم مهم فى حسابات والده وثروته. وتقول بعض المعلومات القليلة المتوافرة عنه، إن شركة «أولكر» التركية الشهيرة للمنتجات الغذائية كانت هدية تخرجه، وأنه حين تخرج فى عام 2001 فى عمر 22 سنة، بلغت ديونه 220 ألف دولار أمريكى و55 ألف مارك ألمانى، وذلك لشراء شركة أولكر للمنتجات الغذائية من أصحابها الأصليين، دون أن يعرف أحد المصدر الذى اشترى به تلك الشركة وهو فى مقتبل حياته.
ثم توجه أحمد براق أردوغان لقطاع الشحن البحرى، دخل شريكاً بنسبة 50% فى شركة MB البحرية، مع صديق والده «حسن دوجان»، وكانت الشركة تملك سفينة شحن طولها 95 مترا، اسمها زعفران، وقام حسن دوجان بعدها ببيع السفينة إلى براق بمبلغ 2٫325٫000 دولار يدفع منها براق 500٫000 نقداً مقدماً ويسدد الباقى على 36 قسطا شهريا قدره 72٫000 ليرة تركية شهريا.
وحسب معلومات الملاحة البحرية على موقع marinatraffic.com، يمتلك أحمد براق أردوغان شركة «سفران» للشحن البحرى، وأول سفن الشركة، السفينة «سفران-1» رست فى ميناء أشدود الإسرائيلى، فى عز التوتر «المعلن» بين تركيا وإسرائيل.
ويمتلك أحمد براق أردوغان 99% من أسهم شركة MB البحرية المالكة للسفينة سفران-1، وتقدر قيمتها بـ10.5 مليون دولار، واشتراها فى اليابان عام 2012 فى أعقاب شرائه سفينة شحن جاف طولها 170 مترا وعرضها 23 مترا، وكان اسمها «كونفيدانس اترنال» والتى غيّر اسمها لدى تسجيلها فى ميناء إسطنبول باسم «ساكاريا»، ودخلت السفينة الموانئ الصينية وهى تحمل الأعلام التركية، وبدأت أولى رحلاتها التجارية فى ڤيتنام، ثم عادت لتركيا عبر البحر الكاريبى.
ظلت علاقات ابن أردوغان مع إسرائيل غير معلنة حتى كشفتها استجوابات المعارضة التركية التى لم تفهم مطالبة أردوغان لرجال الأعمال بقطع علاقاتهم التجارية مع إسرائيل، فى الوقت الذى يواصل فيها ابنه نفسه علاقاته التجارية معها.
كان هذا يعنى أن مصالح عائلة «أردوغان» الشخصية والخاصة مع إسرائيل أهم بالنسبة له من موقف تركيا الذى يتظاهر به فى مواجهة إسرائيل أمام الكاميرات ووسائل الإعلام.
ولم تتردد وسائل الإعلام الإسرائيلية فى أن تزيد من ورطة أردوغان أمام الرأى العام التركى، فعلى خلفية قصة استمرار بيزنس ابن أردوغان مع إسرائيل على الرغم من أزمة السفينة مرمرة، نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية تقريرا أكدت فيه، أنه على الرغم من كل تهديدات وتلويحات أردوغان بقطع العلاقات العسكرية والتجارية مع إسرائيل بعد الأزمة، فإن تركيا لم تقلل فعليا من حجم التعاون مع إسرائيل، وأن أردوغان عاد ليتراجع فى كلامه ويقول إن العلاقات التجارية بين تركيا وإسرائيل لن تتأثر بالحادث، وهو ما جعل حجم التبادل التجارى بين تركيا وإسرائيل يصل لأعلى معدلات له فى وقت أزمة السفينة مرمرة، ليبلغ 4 مليارات دولار، بزيادة وصلت إلى 30% عن السنوات السابقة.
إن علاقة أردوغان بإسرائيل علاقة معقدة، تشوبها الكثير من التساؤلات، فرئيس الوزراء الإسلامى الذى لا يستطيع مداراة اتجاهاته الأصولية، وميله إلى تحريم الخمور وإعادة عقوبة الزنا، والزعيم الذى نصب نفسه مدافعا عن القضية الفلسطينية وراعيا للمقاومة الإسلامية فيها ممثلة فى حركة حماس، هو نفس السياسى الذى لم يتردد فى الاستعانة بصديق يهودى يعرف كواليس اللوبى الصهيونى فى واشنطن، ويملك مفاتيح الأبواب الخلفية التى يمكن أن يدخل منها رئيس حزب «العدالة والتنمية» الإسلامى إلى صناع القرار فى تل أبيب، ليعلن لهم قبل وأثناء توليه الحكم فى تركيا أنه: «لا خطر منا كحزب إسلامى، نحن خير ضمان للعلاقات التركية الإسرائيلية أكثر ممن سبقونا فى الحكم».
كانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، التى تولت بشكل عام مهمة الدعاية والعلاقات العامة وتحسين الصورة لرجال التنظيم الدولى للإخوان مثل أردوغان ومحمد مرسى، هى التى أشارت لأول مرة، لقصة مستشار أردوغان وصديقه اليهودى «إسحق ألاتون». كان هذا ضمن مقال طويل نشرته الصحيفة الأمريكية فى بدايات تولى أردوغان رئاسة وزراء تركيا، حاولت فيه مراسلة الصحيفة «ديبورا سونتاج»، أن توضح للرأى العام الأمريكى، أنه «لا داعى للخوف من أردوغان الإسلامى، لأنه رجل لا ينوى التضحية بالعلاقات مع إسرائيل، والدليل أن أقرب مستشار لديه يهودى». قال مقال النيويورك تايمز: «معرفة أردوغان بمستشاره اليهودى «إسحق ألاتون» جاءت عن طريق صديقه وهمزة وصله بمجتمع الأعمال «جنيد زابسو»، وتعرف «أردوغان» على «ألاتون» على أنه رجل أعمال ينتمى لمجتمع رجال الأعمال اليهود الضيق فى تركيا، وقال «ألاتون» إنه بمجرد أن رأى أردوغان، شعر أنه أمام رجل عملى له نوايا طيبة، وأنه يمثل رياح التغيير الحقيقى فى تركيا.
تولى «ألاتون» مهمة تقديم «أردوغان» للمجتمع اليهودى الأمريكى، وساعده فى تمرير الرسائل التى أراد تمريرها لقيادات هذا المجتمع المؤثر فى عملية صنع القرار الأمريكى، كانت رسائل أردوغان لقيادات اللوبى اليهودى الأمريكى فى واشنطن تؤكد أنه سيحافظ على علاقات تركيا مع إسرائيل.
مجلة «دير شبيجل» الألمانية رصدت الفرق الكبير بين «أردوغان» السياسى الذى دخل السجن يوما بسبب قصيدة اعتبرها القضاء تحريضا على التطرف والكراهية الدينية، وبين «أردوغان» الذى بدأ يشق طريقه إلى رأس السلطة بعدها بثلاث سنوات ليقول إنه «تعلم درسه»، وأصبح يدرك، بفضل أستاذه اليهودى، كيف يتحرك فى السياسة العالمية بالطريقة الصحيحة.
يقول «ألاتون» لـ«دير شبيجل» عن أردوغان: «إنه تلميذ نجيب لى، فى البداية، كانت فكرة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبى فكرة غير متوافقة مع تفكير واتجاهات أردوغان الأولية، لكننا نجحنا فى إقناعه بأن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبى، سيكون وسيلته المضمونة والوحيدة والأكيدة لكى ينجح فى السيطرة على الجيش».
«أردوغان» و«ألاتون» كلاهما التقيا فى كراهية الجيش، وإحساسهما بضرورة إبعاد المؤسسة العسكرية عن الحياة السياسية التركية، يقول أستاذ أردوغان اليهودى لـ«دير شبيجل»: «تدخل الجيش فى السياسة أمر أقل ما يوصف به أنه (عار)، لا يختلف كثيرا عن الانقلاب العسكرى الصريح»، متابعا أنه من أشد المؤيدين لإدارة رئيس الوزراء «أردوغان» منذ أن وصل للحكم فى 2002، وأن سبب ثقته فى أردوغان يرجع ببساطة إلى ثقته فى حسه التجارى، وغريزة «البيزنس» لديه، مؤكدا أن أردوغان، الذى كان يوما ما سياسيا إسلاميا متشددا، صار الآن يثق به، ويشير إليه بمنتهى الاحترام، وأنه لفرط ثقته فى آراء «ألاتون» وتقديره لنصائحه، صار يعتبره أخا أكبر له، ويناديه بلقب «آبيه ألاتون» (أى الأخ الأكبر بالتركية).
لكن «أردوغان» سياسى من خلفية إسلامية، كيف إذن سيمكنه التوفيق بين قناعاته الدينية التى تأسس حزبه عليها، وبين علاقته بإسرائيل التى تمثل عدوا تقليديا للعالم الإسلامى منذ تكوينها؟، إن قراءة مقال «نيويورك تايمز» تكشف عن أن الدين كان دائما بالنسبة لأردوغان، مجرد وسيلة لا غاية، مجرد ورقة سياسية يلعب بها عند اللزوم، ولا يتردد فى حرقها ساعة الجد.
نقلت «نيويورك تايمز» القلق الأمريكى من تشدد أردوغان الإسلامى، وتأكيدها أنه فى الواقع بلا أساس، كجزء من حملة ترويجها لرجل واشنطن الجديد فى تركيا. قالت: «قال لنا دبلوماسى أمريكى إنه يخشى أن يكون أردوغان ذئبا فى ثوب حمل، يتظاهر بأنه سياسى منفتح بينما يدارى اتجاهاته الإسلامية المتطرفة، إلا أن «ألاتون»، صديق أردوغان اليهودى، قال إنه لا يشعر بأى قلق على الإطلاق من أن أردوغان يبطن أجندة إسلامية لتطبيق الشريعة بعد وصوله للحكم».
وتابع مستشار أردوغان اليهودى لنيويورك تايمز تحليله لشخصية أردوغان وعلاقته بالدين: «أردوغان يفهم تماما أن وصوله للسلطة فى تركيا يرجع فى جزء منه لخلفيته الإسلامية التى أكسبته شعبية بين مجتمع المحافظين والمتدينين فى تركيا، لكنه يدرك أيضاً أن مواصلة السير فى هذا الطريق لن يصل به إلى نتيجة، هو يفهم تماما أن الدخول فى مواجهة مع المؤسسات التركية العلمانية فى مسألة الدين وتطبيق الشريعة أمر سيحطمه تماما». وقال محام تركى لـ«نيويورك تايمز» ساخرا: «إن رجب أردوغان يؤمن بفوائد الأرباح أكثر من الأنبياء!».
أيضاً لا يوجد ما يدل على حجم التناقض الواضح فى شخصية أردوغان وعلاقته بالدين، أكثر من علاقته بالرئيس الأمريكى اليمينى المتطرف «جورج بوش» الابن، لقد كان هناك تحالف عجيب من نوع خاص بين «أردوغان» الأصولى الإسلامى، و«بوش» الأصولى المسيحى، كلاهما كان يؤمن بأنه مكلف من الرب بمهمة إلهية لنشر الدين الحق، وكلاهما لم يتردد فى أن يضع الدين فى خدمة أهدافه السياسية، ولا فى أن يطلق لخياله العنان فى بناء إمبراطورية على طريقة الممالك القديمة، وكلاهما فى النهاية، تلقى صفعة قاسية لأوهامه فى إقامة إمبراطورية رومانية جديدة، على طريقة بوش، أو إقامة خلافة عثمانية على طريقة أردوغان.[FirstQuote]
لكن الغريب أن «بوش» رأى أن ما يجمعه بأردوغان «الإسلامى» أكثر مما يفرقهما، بل إنه اعتبر أن «أصولية» أردوغان سبب إضافى لكى يصنع منه حليفا له. تروى «نيويورك تايمز» تفاصيل اللقاء الذى جمع بين بوش وأردوغان بعد أسابيع من فوز الأخير بمنصب رئيس وزراء تركيا فى مارس 2003، قائلة: «أثار بوش فى اللقاء مسألة الدين التى كان أردوغان يحاول تجنب الحديث عنها، إلا أن بوش أثار دهشة جميع الأتراك الذين حضروا اللقاء عندما قال لأردوغان: اسمع، أنت تؤمن بالله، وأنا كذلك أؤمن بالله، لذلك أثق أننا سنكون أفضل شريكين معا».
بعدها غادر أردوغان واشنطن بوعد من جورج بوش الابن بدفع مساعى تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبى التى تعرضت لمعوقات لا حصر لها، فى مقابل أن تقدم حكومة أردوغان الدعم اللازم لأمريكا استعدادا لغزو العراق.