يعزف الناي وتعلم مقامات الموسيقى.. الوجه الآخر لأمين الشرطة "المداح"

كتب: عبدالله عويس

يعزف الناي وتعلم مقامات الموسيقى.. الوجه الآخر لأمين الشرطة "المداح"

يعزف الناي وتعلم مقامات الموسيقى.. الوجه الآخر لأمين الشرطة "المداح"

لحظات من التجلي باغتته وهو يقف أمام ضريح "سيدي أبو الحجاج" في الأقصر، فراح يمدح صاحب المقام بما جادت به ذاكرته، بينما يرتدي ملابسه العسكرية، في مشهد كان له نصيب من تفاعل الآلاف على مواقع التواصل، بعدما نشر مقطع فيديو يظهر فيه أمين الشرطة، وهو ينشد بصوته العذب، ويتنقل بين المقامات برقة وسلاسة، مدحًا وحبًا في آل البيت وأولياء الله الصالحين.

في طفولته كان محمد نادي، يستمع إلى أصوات المبتهلين والمنشدين، ويحاول تقليدهم، حتى ذهب برفقة والده إلى أحد الموالد في أسيوط، وهناك التقى بالشيخ يس التهامي، فحمله والده الذي كان يعمل في جهاز الشرطة وقدمه إلى الشيخ، وأخبره بأن صوته مقبولا، ثم استمع له التهامي عدة دقائق، قبل أن يطلب منه زيارة منزله وتعلم الإنشاد على يده: "أنا أصلا من ديروط في أسيوط، وكنت معجب جدا بالشيخ يس، وقعدت فترة أتعلم منه وأحضر معاه حفلات وموالد، لحد بقى ما خدت طريق تانى".

حصل الشاب على معهد تجارى، ثم قدم في جهاز الشرطة وصار أمينا وانتقل منذ 3 سنوات إلى الأقصر، لكن صوته وما تعلمه في صغره من مقامات موسيقية على يد أحد أصدقائه لم يذهب سدى، ورغم سنواته الـ3 في الأقصر إلا أنه لم يدخل مسجد "سيدي أبو الحجاج" إلا منذ 15 يوما، وهناك التقى أحد معارفه، الذي طلب منه سماع بعض الابتهالات الدينية والمدائح في حق آل البيت: "أنا كنت داخل أزور وأدعي لأبويا ولولادي ولبلدنا ومش في دماغي خالص إن ده هيحصل، والحدث نفسه بقاله 15 يوم بس طلع النت متأخر".

"سيدي أبا الحجاج يا برزخ العلا، بنور الله أتيت بابك طالبا رضاك وآل البيت فلا تقطعوا عشمي" قالها بينما كان زوار المقام حوله يستمتعون بصوته، وبعض السائحين يحملون هواتفهم المحمولة لتصوير تلك اللحظة التي يستمعون فيها لذلك اللحن الجميل، وربما الجديد على آذانهم، ولمدة 15 دقيقة ظل يبتهل ويمدح، يغمض عينه حينا فيشعر كأنما يحلق فى السماء، ثم يرتفع صوته متنقلا بين المقامات التى يعرفها جيدا: "مكنتش أعرف إن في حد بيصور أصلا، ومكنتش عارف برضه إن الكلام ده هيترفع على النت".

كان محمد ذو الـ35 عاما على مشارف إجازة من عمله بمديرية أمن الأقصر، وكان دخوله للمسجد بغرض صلاة العشاء، وجلب له مقطع الفيديو كثيرا من المكالمات من أبناء قريته: "فجأة لقيت أصدقائي وجيراني وأهلي بيتصلوا بيا، والحق إنت بقيت على النت، وأنا عشان مش مجدد الباقة معرفتش أشوف حاجة، بس اتبسطت" يحكي الرجل، الذي لا يزال يحضر بعض الحفلات ويقدم فيها مديحا لبعض الدقائق، مبتغيا بذلك بعض الثواب من الله: "أنا مصري وبحب بلدي وبحب آل البيت، ومدفوع بالفطرة يعني على محبتهم زي كل أهالينا، ومعملتش حاجة تستاهل الاهتمام يعني، ومعرفش حتى مين اللي صور الفيديو".

"يوسف بن عبد الرحيم بن يوسف بن عيسى الزاهد" المعروف بأبي الحجاج الأقصري، ولد في بغداد، ثم جاء إلى الإسكندرية وهناك التقى بعلماء التصوف، وانتقل بعدها إلى الأقصر، واستقر بها حتى وفاته، ويمتد نسبه إلى الإمام الحسين بن على بن أبي طالب. وله مولد يقام كل عام في الأقصر يعرف باسم "دروة أبو الحجاج" لكن أمين الشرطة الذي لا يعرف كثيرا عنه، يكتفي بمحبة صاحب المقام باعتباره من آل البيت: "أنا عارف إنه من آل البيت وده يكفي، والحمد لله قلت قدامه من مقامات النهاوند والصبا والعجم والسيكا والحجاز وسبحان الله حسيت روحي تحلق".

يعزف الرجل الناي أحيانا ويحب صوته، وتدرب على العزف به مع مجموعة من الأفراد قديما، كما يحب كل الآلات الإيقاعية، ويمارس بعضها أحيانا في أوقات فراغه، لكن محبته للإنشاد أكبر، ويحب من الأصوات نصر الدين طوبار، والنقشبندي، ويعتبر يس التهامي أستاذه".


مواضيع متعلقة