السفير العراقى: مصر قدمت دوراً إيجابياً فى تفكيك العُقد الإقليمية عبر الحلول السلمية

كتب: بهاء الدين عياد

السفير العراقى: مصر قدمت دوراً إيجابياً فى تفكيك العُقد الإقليمية عبر الحلول السلمية

السفير العراقى: مصر قدمت دوراً إيجابياً فى تفكيك العُقد الإقليمية عبر الحلول السلمية

قال السفير العراقى حبيب الصدر إن الأوضاع السياسية فى بلاده سائرة فى طريقها الصحيح نحو تشكيل الحكومة المقبلة، لأن هناك توجهات مسئولة لدى العديد من القوى السياسية فى ضرورة سرعة الحسم وبناء برنامج حكومى كفيل بتطوير الاقتصاد والخدمات المطلوبة، مؤكداً فى حواره لـ«الوطن» أن العراق يرفض التدخل من أى طرف كان لأن سيادة بلاده خط أحمر، وأن الحصار على أى دولة مرفوض.. وإلى نص الحوار:

{long_qoute_1}

ما تطورات تشكيل الحكومة والأوضاع الراهنة فى العراق؟

- تُجرى الكتل السياسية حوارات مكثفة منذ أيام للوصول إلى تشكيل الكتلة الأكبر، ووصلت بعض القوى إلى تفاهمات سادتها الأجواء الإيجابية، ونحن نأمل أن تبصر تلك الكتلة البرلمانية النور قريباً، خصوصاً ونحن على مقربة من الموعد الدستورى لانعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد، وفى تقديرنا أن الأوضاع السياسية سائرة فى طريقها الصحيح نحو تشكيل الحكومة المقبلة، بسبب وجود توجهات مسئولة لدى العديد من القوى السياسية بضرورة سرعة الحسم وبناء برنامج حكومى كفيل بتطوير الاقتصاد والخدمات المطلوبة وتكييف البلاد مع الأوضاع الصعبة التى تعيشها دول الجوار والمنطقة والعالم، كما أننا محكومون بأطر دستورية بعد المصادقة على النتائج، إذ دعا رئيس الجمهورية مجلس النواب الجديد مؤخراً للانعقاد فى يوم 3 سبتمبر المقبل، وسيعقد جلسته برئاسة أكبر الأعضاء سناً تخصص لترديد القسم ويتم بعدها انتخاب رئيس المجلس ونائبيه، وانعقادها تم بموجب مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على النتائج.

وخلال ثلاثة أيام من انتهاء عملية انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه يبدأ الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، الذى يجب أن تنتهى عملية انتخابه خلال شهر من تاريخ انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب، حيث تتضمن هذه المدة إعلان الترشح وقبول المرشحين والنظر فى طعون من لم يتم قبول ترشيحهم، فضلاً عن انتخابه داخل مجلس النواب.

{long_qoute_2}

ماذا عن التدخل التركى فى الشأن العراقى؟

- العلاقات العراقية التركية مثمرة جداً، حيث أجرى رئيس الوزراء الدكتور (حيدر العبادى) زيارة ناجحة إلى تركيا مؤخراً، التقى خلالها مع رجب طيب أردوغان وعدد من قادة البلاد، وتم أثناء الزيارة بحث تعزيز التعاون الثنائى بين البلدين فى مجالات المياه والأمن والزراعة والطاقة والمنافذ الحدودية، ووعدت تركيا بتزويد العراق بحصته المائية بالكامل، وكذلك تنفيذ ما تعهدت به خلال مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق.

أما بشأن التدخل فى الشئون الداخلية فنشدد على أننا نرفض هذا التدخل من أى طرف كان، لأن سيادتنا خط أحمر ولن نقبل المساومة عليها أو التفريط بها فى يوم ما، ونشير إلى أن قدر العراق الجغرافى وضعه بين دولتين إقليميتين كبيرتين هما إيران وتركيا، مع جوار عربى مهم، لذلك فمنهجنا قائم على التوازن فى علاقاتنا الإقليمية والدولية، مع الابتعاد عن سياسة المحاور، ونسعى لأن نكون جسراً للتواصل بين دول المنطقة والعالم، وليس ساحة للصراعات، ونؤكد أن مشتركات التاريخ والجغرافيا والدين وقواسم المصالح المتبادلة مع دول جوارنا دعتنا إلى بناء علاقات إيجابية على أساس ثوابتنا الوطنية، أما مشاكلنا معها فنؤمن بأن الحوار والحلول السلمية كفيلان بمعالجتها بعيداً عن افتعال الأزمات والمشاكل أو استخدام القوة أو الترهيب.{left_qoute_1}

ما تطورات العلاقات المصرية - العراقية؟

- حينما نتكلم عن العلاقات العراقية المصرية، فإنى أستحضر تاريخ (سومر واكد وبابل وآشور) مع الممالك المصرية القديمة، فالعراق ومصر كانا موطنين للحضارة والتطور الإنسانى، ونمت بينهما أولى بذور العلاقات الدبلوماسية فى العالم القديم، والحديث عن مصر والعراق هو حديث عن عمق تاريخى أسهم فى التأثير فى مسالك الماضى والحاضر، والعلاقات بين البلدين حالياً تقطع أشواطاً مهمة إلى الأمام على أكثر من صعيد، ومنها تعزيز التعاون الثنائى، والشراكة بين البلدين فى المجالات المختلفة.

ففى الجانب السياسى، نؤكد أن العراق يحترم بشكل كبير السياسة الخارجية المصرية فى المنطقة ويشيد بدورها الإيجابى فى تفكيك بعض العُقد الإقليمية عن طريق الدفع باتجاه اعتماد الحلول السلمية والحوار البناء، وهذه السياسة تعد من وجهة نظرنا عنصراً أساسياً لاستقرار منطقتنا الملتهبة بالأزمات.

وفى الجانب الاقتصادى، نود أن نلفت عنايتكم إلى أن حجم التبادل التجارى بين البلدين فى ازدياد مهم ويحقق طفرات نوعية لم تشهدها السنوات السابقة، إذ بلغ فى العام 2017 نحو (1.2) مليار دولار، ونطمح إلى زيادة أكبر فى هذا التبادل والوصول بمصر إلى شريك اقتصادى وتجارى متقدم مع العراق، ولدينا أيضاً الاتفاق النفطى الواعد الذى أبرم عام 2017 وجُدد هذا العام، الذى يهدف إلى تزويد مصر بـ(12) مليون برميل نفط سنوياً، وبشروط سداد ميسرة فضلاً عن كبريات الشركات المصرية فى الساحة العراقية لتنفيذ المشروعات المهمة.

أما عن المجال الثقافى والسياحى والتعليمى، فنؤكد أنه فى ازدهار مستمر، ففى الجانب السياحى يقصد مصر مئات الآلاف من السياح العراقيين سنوياً بالرغم من بعض معوقات الحصول على سمة الدخول، كما لدينا نحو (18) ألف طالب عراقى فى المراحل الدراسية الأولية والعليا، وللعراق مشاركات وإسهامات مهمة فى المهرجانات والندوات والمؤتمرات الثقافية.

ونشير أيضاً إلى أنه من المؤمل أن تجتمع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين على مستوى رئيسى مجلسى وزراء البلدين فى بغداد، حيث تجرى الاتصالات مع الجهات المصرية المعنية للوصول إلى تحديد موعدها وجدول أعمالها، وهناك اهتمام عراقى مصرى لتعميق مستوى العلاقات بين البلدين خصوصاً فى مجالات التجارة وشئون الطاقة وتنمية القدرات الصناعية.

ما موقف العراق من العقويات على طهران؟

- العراق أكد أنه يرفض الحصار على أى دولة، لأننا جربنا معاناة الحصار فى السابق واكتوينا بناره، ولاحظنا خلال سنوات الحصار العجاف التى عاشها الشعب العراقى بسبب سياسات النظام البائد أن الشعب كان هو المتضرر الأكبر من العقوبات وليس النظام، بل أعطى الحصار للنظام البائد المزيد من القوة والبطش والتحكم فى قوت الناس، ومن الجدير بالذكر أنه فى ظل الحصار جففت الأهوار، وجرفت ملايين الدونمات من البساتين، وسجن وأعدم وهُجر وهاجر الملايين، ونشير أيضاً إلى أنه فى الوقت الذى نشدد فيه على أهمية تصفير الأزمات فى المنطقة عن طريق الركون إلى الحوار والتسويات السياسية المهمة، سيكون للعقوبات الأمريكية على إيران انعكاس سلبى على المنطقة بأسرها من النواحى الاقتصادية والاجتماعية كونها دولة إقليمية مهمة، لذلك نؤكد أن العراق مثلما هو حريص على علاقاته الإيجابية مع الولايات المتحدة ودول العالم والمنطقة حريص أيضاً على أمن واستقرار جواره الإقليمى، لأن أمن تلك الدول جزء لايتجزأ من أمننا.

{long_qoute_3}

ما تطورات حرب العراق ضد داعش وتعقب الإرهابيين على الحدود السورية؟

- نتمتع بعلاقات إيجابية مع الشقيقة سوريا فى مجال مكافحة الإرهاب، وقام العراق فى هذا الصدد بعدة ضربات جوية موجعة للعناصر الإرهابية داخل الحدود السورية بعد التنسيق مع دمشق بهذا الخصوص، ونشير إلى أن سوريا تشهد تطورات ميدانية مهمة بعد تفكك قوى الجماعات الإرهابية، ونأمل أن تستعيد الدولة كامل أراضيها فى القريب العاجل، لكن النصر العسكرى فى سوريا يجب أن يرافقه نصر سياسى عن طريق حوار جاد (سورى - سورى) معمق قائم على تقبل الآخر والتنازلات والإيثار من أجل الوصول إلى خريطة طريق ترسم السلام فى هذا البلد المنكوب فى مرحلة ما بعد الإرهاب، لتنطلق بعدها مرحلة إعادة الإعمار التى ستكون تكاليفها كبيرة جداً.

ماذا عن موقف العراق من تطورات سوق النفط؟

- نرى من المهم استقرار السوق النفطية بعيداً عن التقلبات والهبوط السريع فى الأسعار الذى أضر بالمنتجين كثيراً، خصوصاً ونحن مقبلون فى العراق على مرحلة إعادة الإعمار التى تتطلب مبالغ ضخمة إضافة إلى تعهدات الدول التى صدرت فى مؤتمر إعادة الإعمار الذى انعقد فى الكويت فى شهر فبراير الماضى، لكن استقرار السوق النفطية يتطلب تعاوناً مثمراً واتفاقاً من قبل الدول المنتجة التابعة لنادى أوبك، ونشير إلى أن العراق يرى أن أسعار النفط بحاجة إلى مزيد من الدعم والاستقرار وصولاً إلى أسعار منصفة وواقعية، بما يتوازى مع التضحيات التى قدمها المنتجون خلال الفترة المنصرمة التى شهدت انخفاضاً كبيراً فى الأسعار، خصوصاً حربنا المكلفة ضد عصابات (داعش)، التى كانت متزامنة مع أزمة الأسعار العالمية للنفط، لذلك نؤكد ضرورة تنسيق الجهود للدول المنتجة للنفط داخل أوبك أو خارجها لإيجاد سياسات استخراجية وإنتاجية لا تُوجد فائضاً فى العرض ومواكبة الطلب العالمى للنفط فيتم زيادة الإنتاج وفق زيادة الطلب العالمى لتحقيق التوازن والاستقرار فى الأسواق النفطية الدولية، وتحقيق أسعار مثلى تعبر عن قيمة النفط الخام وكلفة إنتاجه، كما يجب الاستفادة من الانتعاش الحاصل فى الاقتصاد العالمى، كون أن انخفاض مستويات النمو فى الاقتصاد العالمى ستؤدى بالضرورة لانخفاض الأسعار، وإعطاء أهمية أكبر للأسواق المستقبلية الدولية للنفط الخام.

 

السفير العراقى حبيب الصدر يتحدث لـ«الوطن»


مواضيع متعلقة